20 Dec
20Dec

انجلت الغبرة عن نتائج انتخابات مجالس المحافظات، ليتضح أن القوى الناشئة أو ما تسمى بـ"قوى تشرين" هي أبرز الخاسرين على ما يبدو، ويبرر المدافعون عن اشتراك هذه القوى بأن الانتخابات هي السبيل الوحيد للتغيير.

وفيما وصف ناشط داعم للدخول في الانتخابات، مشاركة القوى الناشئة بـ"الشجاعة"، حمّل الرافضون، تلك القوى، مسؤولية مشاركة الأحزاب الحاكمة وإضافة الشرعية على الانتخابات، في وقت وصف مراقب سياسي دخول القوى التشرينية للانتخابات بأنها خسارة للمقاعد والجمهور والمبادئ.

ويقول الناشط السياسي علي الدهامات، خلال حديث لـه، إن "قوى تشرين دخلت كأحزاب مستقلة في انتخابات مجالس المحافظات، ومنها تحالف قيم وتحالف الوعد العراقي في عدد من المحافظات، وأن تنافسها مع قوى السلاح والهيمنة والمال شجاعة من جانبها".

لا سبيل للتغيير
ويضيف الدهامات: "كنا نطمح للحصول على بعض المقاعد، لكن هذه المشاركة تعتبر بداية خير، فوجود بعض الأحزاب المستقلة مع الأحزاب التقليدية يعتبر إنجازا بحد ذاته".

ويلفت بالقول "حتى الآن الرؤية ما زالت ضبابية، فهناك محطات لم تدرج، وهذا ما يحدث في كل انتخابات، إذ تعزل محطات وكأنما تجهز لمجموعة أو لأشخاص من أجل المساومة أو البيع، الأمر الذي يبعث على الريبة".

وبشأن تعارض مشاركة القوى المدنية مع المطالب التي كانت ترفعها تظاهرات تشرين، ومن بينها حل مجالس المحافظات، يشير بالقول "ما زلنا رافضين لمجالس المحافظات وما زلنا نعدها حلقة زائدة، ونحن مستمرون في رفضها، لكن وجودها أصبح واقع حال".

ويعتقد أن "البلد لا يتغير الحكم فيه بانقلاب، ولا طريقة للتغيير سوى الدخول مع هذه الأحزاب في الانتخابات وإزاحتهم شيئا فشيئا، وبغض النظر عن سلبيات المشاركات السابقة فحصول القوى المدنية على 45 مقعدا في البرلمان لم يكن سيئا، فجميعهم أفراد لا يوجهون سلاحا لمن يختلف معهم أو ينتقدهم، وهذا هو المطلوب، وهو السبيل الوحيد للتغيير".

وأظهرت النتائج التي أعلنتها المفوضية، أمس الثلاثاء، أن التحالف الأبرز للقوى المدنية في الانتخابات "قيم" قد جاء في مراتب متأخرة في تسلسل الأحزاب من حيث الحصول على الأصوات، ما يصعب من مهمة الحصول على مقاعد كافية، إذ حضر في نحو 6 محافظات، وكانت أفضل مرتبة حصل عليها في ميسان بعدما حلّ خامسا.

وفي ذي قار، حل تحالف قيم المدني بالمرتبة السادسة، وفي البصرة كان في المركز 12، وفي بغداد حل في المركز 13، وفي بابل حل سابعا، وفي نينوى جاء في المركز 19 في تسلسل الأحزاب والقوائم.

ويتكون تحالف قيم الذي تشارك تحت تسميته قوى التغيير في الانتخابات المحلية من أحزاب وكيانات شبابية نظّمت نفسها عقب انتهاء انتفاضة تشرين، ومن بينها البيت الوطني وحراك البيت العراقي وحركة نازل آخذ حقي، إضافة إلى التيار الاجتماعي والديمقراطي والحركة المدنية والحزب الشيوعي العراقي، وكذلك نواب من حركة وطن.

انتصار قوى السلاح
إلى ذلك، يصف مسؤول المكتب السياسي لجبهة تشرين واثق لفتة، نتائج قوى تشرين في الانتخابات، بأنها "انتصار قوى السلاح على قوى السلام، لأن الأحزاب الفائزة هي المليشيات والفصائل المسلحة، ومن شاركوا في الانتخابات وأضافوا نوعا من الشرعية لقوى الفصائل وأحزابها سيتحملون مسؤولية هذه النتائج ولو بعد حين".

ويتوقع لفتة، خلال حديث لـه، أن "يدخل الشارع غليانا جماهيريا واحتجاجيا قريبا، فجزء كبير من الشارع لن يسكت على المهزلة الانتخابية التي حدثت، لأن جميع المقاعد حسب قانون سانت ليغو ستذهب إلى قوى السلاح، وستعقد هذه الأحزاب اجتماعاتها خارج مجالس المحافظات وتأتي إلى المجالس للتصويت فقط".

ويضيف مسؤول المكتب السياسي لجبهة تشرين: "نصحنا القوى المدنية بعدم الذهاب إلى المشاركة، لأن هذه المشاركة ستمنح الأحزاب الحاكمة الشرعية في عملية سياسية مرفوضة أصلا من قبل الجماهير، ومن فازوا من القوى المدنية بمقعد سيتحملون العبء والضغط الجماهيري".

ويعتقد أن "موقف القوى المدنية التي اشتركت في الانتخابات سيكون محرجا جدا أمام الجماهير، فالمقعد الواحد داخل مجلس المحافظة لا يقدم شيئا، فهو لو بقي صوتا احتجاجيا أفضل، لأنه لن يقدم شيئا ملموسا، ولن يكون له الحق في الاعتراض أو التصويت على أي قرار داخل مجلس المحافظة، ولا يستطيع تلبية أي طلب، بل سيعزل نفسه عن الجماهير".

يشار إلى أن تجربة النواب المستقلين الذين فازوا في انتخابات العام 2021، لم تكن مثالية بالنسبة لهم، وتقارير سابقة تناولت القضية، ، وفيها بين العديد من الناشطين، عدم رضاهم عن أداء النواب المستقلين، نظرا لعدم توحدهم في كتلة لمواجهة الأحزاب التقليدية، فضلا عن انضمام البعض منهم للأحزاب الكبيرة مثل الكتلة الصدرية قبل انسحابها من البرلمان، إلى جانب الإطار التنسيقي الذي استقطب العديد منهم.

طُعم سياسي!
من جهته، يعلق المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، بأن "تشرين كانت بداية بريئة للصوت الوطني قبل أن تلوثها المطامع السياسية، ويصعد على أكتافها شخصيات إلى البرلمان، إذ نسوا تضحياتها مع أول جلسة، ثم جاءت الطامة الكبرى بدخولهم إلى مجالس المحافظات، وهم من قادوا احتجاجات ضد هذه المجالس التي أسموها حلقة زائدة".

ويصف جودة، دخول التشرينيين في انتخابات مجالس المحافظات، بـ"الغريب"، معتبرا ذلك أشبه بـ"الطعم السياسي الذي ابتلعوه قبل أن تجف دماء الشهداء، وهو بمثابة خطأ استراتيجي يمثل رصاصة لعنوان تشرين، لأن أي احتجاج سينطلق في المستقبل لن يتمكن من مناهضة مجالس المحافظات التي كانت مصدر الاحتجاج".

ويعد جودة، هذه المشاركة، بأنها "خسارة كبيرة من حيث المقاعد، لأن قانون الانتخابات مفصل للأحزاب الكبيرة، إذ لا تستطيع القوى التشرينية منافسة أحزاب مخضرمة، كما أن المشاركة تمثل خسارة لجمهور واسع وأهداف ومبادئ سامية".

وشكلت تظاهرات تشرين نقطة فارقة في تاريخ العملية السياسية بعد عام 2003، وأصبحت أيقونة عراقية جمعت كل أطياف المجتمع ووحدت مطالبهم، خاصة بعد القمع الذي رافقها، وأدى إلى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة 26 ألفا آخرين، لكن بريقها خفت نسبيا بعد تفشي وباء كورونا في العراق في شهر آذار مارس 2020، إلا أن خيام الاعتصام بقيت شاخصة في الساحات دون المساس بها من قبل القوات الأمنية لفترة وجيزة، ومن ثم جرت حملات لإزالتها بالكامل في عهد حكومة مصطفى الكاظمي، ودخلت بعض المدن مثل الناصرية بصراعات مع بعض الجهات المسلحة التي حاولت إزالة خيام الاعتصام بالقوة، ومن ثم تم التوصل لقرار يقضي بإزالتها بشكل نهائي.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة