يتزايد الحديث حول وجود فساد وشبهات كبيرة في مشاريع الإعمار التي يعلن عنها في محافظة الأنبار، ولعل المطار الدولي واحد من أبرز تلك المشاريع التي تحوم حولها الشبهات، لكن جهات سياسية وعددا من الناشطين يؤكدون بأن مطار الأنبار هو “وهم وكذبة” ولا وجود له على الأرض.
وكانت الإدارة المحلية في محافظة الأنبار غربي العراق، أعلنت في أيلول سبتمبر 2021، عن قرب المباشرة بإنشاء مطار الأنبار الدولي، بعد لقاء مع ممثلي الشركة المصممة للمطار، موضحة أن المطار، سيتم إنشاؤه على مساحة تقدر بثلاثة آلاف دونم في منطقة الكيلو 35 غربي مدينة الرمادي، وسيخصص لنقل المسافرين، والشحن الجوي، بطاقة استيعابية تقدر بنصف مليون مسافر سنويا، وسيوفر فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل.
ومنذ ذلك الحين ما تزال بوادر العمل وتقدم نسب الإنجاز غير واضحة، ولا يوجد أي نشر لبيانات توضح نسب الإعمار والموعد النهائي للإنجاز الكامل.
ويقول السياسي المستقل مهند الراوي، خلال حديث له، إن “مطار الأنبار لا وجود له على الأرض، وتم إنشاء سياج فقط، لغرض إيهام المواطنين بإنجازات وهمية، وهو ملف سيادي والجهة المسؤولة عن بناء المطارات وإعمارها هي وزارة النقل وليست الإدارات المحلية في المحافظات”.
ويضيف أن “قضية إنشاء مطار الأنبار، الغرض منه بث إنجازات وهمية من قبل الحزب الحاكم وهو حزب تقدم برئاسة محمد الحلبوسي، وفي الحقيقة هو كذبة لا وجود لها على الأرض ولن يرى النور الآن وبعد سنوات إطلاقا، وهي محاولة سابقة لكسب ود الشارع، وإيهام الناخب، وأيضا ملف كبير من ملفات الفساد التي قام بها الحزب الحاكم”.
ويشير الراوي، إلى أن “الأنبار غير قادرة على استقبال أعداد كبيرة من المسافرين من مدنها والمحافظات الأخرى، لوجود مطارات قريبة من مناطقهم ولا نعلم كيف ستيدار في حال إنشاءه وكيف سيستطيع استقبال رحلة جوية واحدة على مدار 24 ساعة”.
وكان المكتب الإعلامي لمحافظ الأنبار علي فرحان الدليمي، قد أعلن في 24 آذار مارس 2022 ببيان تلقت "النافذة" نسخة منه، إن عن تسليم الأرض المخصصة لمطار الأنبار الدولي لممثلي شركة polikon التركية، مبينا أن هذه الخطوة جاءت للشروع بتنفيذ المرحلة الأولى المتمثلة بتشييد المحيط الخارجي وأبراج المراقبة للمطار في الأيام القليلة المقبلة.
من جانبه، يؤكد القيادي في تحالف الأنبار طارق الدليمي، خلال حديث لـه، أن “الغرض من ترويج إشاعة التعاقد مع شركة تركية لغرض بناء مطار في الأنبار، كان الهدف منها رفع سعر الأراضي في منطقة الكيلو 35 القريبة من الخط السريع الدولي”.
ويلفت إلى أن “أغلب المواطنين عندما يسمعون إنشاء مطار أو مشروع استراتيجي في منطقة ما يسارعون لشراء العقارات في تلك المنطقة لأنهم يدركون بأن سعرها سيرتفع، وهذه المنطقة ستصبح مدينة متكاملة”.
ويتابع “بالفعل هذا الذي حصل، بعدما كشفت هيئة النزاهة عن أكبر عملية تلاعب في ملف الأراضي، وهناك ملف فساد كبير في الأنبار لأكثر من ثلاثة آلاف قطعة أرض، تم فرزها من قبل طابو الأنبار وبتأثير من الحكومة المحلية والحزب الحاكم لغرض توزيعها وبيعها بأسعار مرتفعة على المواطنين، من خلال إشاعة عملية إنشاء المطار”.
ويبين الدليمي أنه “بالفعل تم إنشاء سياج للمطار والتعاقد مع شركة أمنية، ولكن هذا الأمر فيه ملف فساد كبير لأنه تم دفع نحو خمسة ملايين دولار في سياج يحيط بأرض صحراوية، وهذا المبلغ كبير جدا، ودلالة على وجود ملف فساد بقضية المطار الوهمي”.
وكانت الإدارة المحلية في الأنبار قد أفادت في وقت سابق بعزمها إنجاز مشروع مطار المحافظة الدولي في أقرب وقت ممكن، لافتة إلى تخصيص مبالغ مالية كبيرة، فيما تحدثت عن البدء بأعمال المرحلة الأولى.
وقال المحافظ السابق علي فرحان الدليمي في تصريحات سابقة، إن تشييد المطار وعد قطعته الحكومة المحلية لأهالي المحافظة وقد تم الشروع بالخطوة الأولى للمشروع، مضيفا أن الإنجاز سوف يكون خلال سنوات قليلة وبالتالي يتحقق حلم أهالي الأنبار بأن يكون لهم مطار في مدينتهم.
من جانبه، يوضح قائممقام قضاء الرمادي، مركز محافظة الأنبار، إبراهيم العوسج، خلال حديث لـه، أن “مشروع مطار الأنبار ما زال قائما والشركة المنفذة تواصل أعمالها، وسيكون نقلة نوعية ومشروعا استراتيجيا مهما يخدم أهالي المحافظة ويربطهم بالعالم الخارجي ويخفف الأعباء ويقدم فائدة كبيرة، خاصة وأن هناك مرضى وكبار في السن يضطرون إلى السفر لبغداد أو إقليم كردستان لغرض الطيران برحلات علاجية”.
وينفي أن يكون مطار الأنبار “مشروع وهمي، فهو مشروع استراتيجي سيرى النور في السنوات المقبلة، وأن على من يشكك بالأمر أن ينتظر ويرى الأعمال التي ستنجز، لكن هناك جهات دأبت على أن تشكك في كل شيء وتسقط في كل منجز لأغراض سياسية فقط”.
وكان وزير الكهرباء الأسبق والقيادي في تحالف “حسم” قاسم الفهداوي قد أوضح في تصريح متلفز، أن مطار الأنبار “كذبة كبيرة” ولن ينجز، وذلك لأن المطار بحاجة إلى تعداد سكاني يتجاوز المليونين لكي يعمل، والمحافظة لا تحقق هذه النسبة، إلا بعد 41 عاما مع النمو السكاني، واللجنة المكلفة رأت أن يكون المطار في منطقة الحبانية.