كشفت وزارة الداخلية و"لأول مرة"، عن عدد حالات الانتحار خلال الأعوام السبعة الماضية في العراق، وأظهرت تلك الاحصائيات تصاعدا مستمرا لهذه الظاهرة، لأسباب يعزوها المختصون إلى ثلاثة جوانب رئيسية (النفسي، الاقتصادي، الاجتماعي).
يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، إن "احصائيات حالات الانتحار من عام 2015 إلى 2022 التي سيتم ذكرها، تعلن لأول مرة، والبداية مع عام 2015، حيث بلغت عدد حالات الانتحار في العراق ما عدا إقليم كوردستان 376 حالة".
ويضيف المحنا في تصريح له ، "وفي 2016 بلغت 343 حالة انتحار، وفي 2017 بلغت 449 حالة، وفي 2018 بلغت 519 حالة، وفي 2019 بلغت 588 حالة، وفي 2020 بلغت 644 حالة، وفي 2021 بلغت 863 حالة، وفي 2022 بلغت 1073 حالة انتحار".
وكما يظهر من هذه الأرقام أن حالات الانتحار في تصاعد مستمر، وتعود أسبابها، بحسب اللواء خالد المحنا، إلى "الزيادة السكانية والوضع الاقتصادي والبطالة، فضلا عن العنف الأسري والجرائم الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني الذي له تأثير مباشر في هذا الموضوع".
منفذ وحيد
تتفق مع هذه الأسباب التي ذكرها اللواء، الناشطة في حقوق الإنسان، سارة جاسم، وتوضح حيث أن "النساء يكن أكثر محدودية وتقييد في الوصول إلى خدمات الحماية أو المساعدة الإنسانية، ما يزيد من مخاطر تعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي يشكل عائقا أمام الناجيات منه في عملية انتقالهن إلى التعافي وإعادة الاندماج في المجتمع".
وتضيف جاسم خلال حديثها "لذلك فإن مشكلة الانتحار هي نتيجة ضغط مجتمعي التي تجد الناجية نفسها فيه محاصرة بين أنواع كثيرة من الأذى والعنف بأنواعه، بلا منفذ او مخرج يوصلها لبر الأمان، فتجد الطريق الوحيد هو ترك هذه الحياة خلفها".
مرضى نفسيون
تشير كتب مراجع الطب النفسي إلى أن 90% من المنتحرين يعانون من الأمراض النفسية، وفق الأخصائية النفسية الدكتورة بتول عيسى، وتُفصّل أن "70% من المنتحرين يعانون من أمراض الاكتئاب، و15% هم في حالة إدمان (تحت تأثير تعاطي المواد المخدرة)، و5% لديهم أمراض اضطرابات ذهانية أخرى".
وتشرح عيسى خلال حديثها أن "المريض النفسي تكون أفكاره متخبطة وغير منطقية، وقراراته ومشاعره وسلوكياته غير صحيحة، أما بالنسبة للـ10% الباقية، فهم الذين يتخذون قرار الانتحار بملء إرادتهم وقواهم العقلية".
علاجات سريعة
يؤكد المدير التنفيذي للمجمع الأعلى للتصوف في العراق، الشيخ مروان العبيدي، أن "الانتحار وضعه مقلق في العراق، لذلك يجب تشخيص هذه العلة ووضع آليات وعلاجات سريعة لها".
ليست انتحارا
بدورها تنبه الباحثة الاجتماعية، زينة الصباغ، إلى أن "الكثير من (حالات الانتحار) هي في الحقيقة حالات قتل، سببها الأموال، إذ تُحرم الكثير من العوائل بناتهن من الإرث ويقتلوها بطريقة تُظهر على أنها انتحار".
وتضيف الصباغ "أو آخرون يقتلون المرأة بحجة غسل العار، بل ويتفاخرون بهذه الجريمة دون دليل، في ظل قانون يُخفف عقوبة تلك الجريمة على الجاني، فضلا عن زنا المحارم التي تذهب ضحيتها المرأة، إذ تُعاقب وتُقتل على ذلك بدلا من تقديم المساعدة والعلاج لها ومعاقبة الجاني".