25 Jun
25Jun

أطفاله يشاهدون مختلف مدن الملاهي (الألعاب) في مواقع التواصل الاجتماعي، يرصدون تعابير الأطفال المتأرجحة بين الفرح والخشية وهم يجربون لعبة تلو أخرى، فيبادلونها بالابتسام فقط، كونهم لم يختبروا مثل تلك الألعاب، لأنها باتت أشبه بحلم بعيد المنال لهم لعدم توفرها في مدينة الناصرية.

محمد حميد (38 عاما)، أحد سكنة الناصرية، وهو والد لطفلين أكبرهم 11 عاما، يؤكد "، إن "أطفالي يتمنون الذهاب لمدن ألعاب، أشبه أو حتى لو أقل جودة، من التي يشاهدونها في مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك قنوات خاصة بتصوير الأطفال في هذه المدن وكيف يتنقلون بين الألعاب، لكن المدينة تخلو من أي موقع ترفيهي أو مساحة خضراء".

"دائما ما يطلبون مني إيجاد مثل هذه الأماكن والذهاب لها، وفي كل مرة أحاول أن أقول لهم بأن المدينة لا يوجد فيها مثل هذه الأماكن، وأحاول إقناعهم بالذهاب إلى البساتين القريبة بدلا عنها، لكنهم لا يحبذون الفكرة، وخاصة مع كل عيد يتجدد هذا الحديث، ومع قرب عيد الأضحى، فأن الأزمة ستكرر، وحقيقة فأن وضع الأطفال يشعرني بالحزن، ففي العطلة الصيفية والعيد وهم سيبقون في المنزل أو نتجول في السوق فقط".

وتبدأ عطلة عيد الأضحى، يوم 27 من الشهر الحالي وحتى 2 تموز يوليو المقبل، وهو العيد الخاص بتأدية مناسك الحج، ودائما ما يحل في العطلة الصيفية وتستثمره العائلات للترفيه عن أطفالها، نظرا للإجازة الطويلة التي تمتد لنحو أسبوع، وهذه يستفيد منها الآباء لقضاء وقت مع عائلاتهم.

الناصرية أكبر مدن المحافظة والتي تأسست منذ أكثر من 120 عاما لم تشيد فيها أي مدينة ترفيهية أو مدينة ألعاب سوى واحدة، في ستينيات القرن الماضي وبقيت على حالها دون تطوير حتى أغلقت بعد عام 2003 بفترة وجيزة.

وفي العام 2008، تمت إحالة مدينة الألعاب عبر نظام المساطحة من قبل بلدية الناصرية، وعادت للعمل لتكون بذلك مدينة الألعاب الوحيدة، حتى عام 2019، الذي شهد تظاهرات تشرين الأول أكتوبر، وما سببته من إرباك في المحافظة، خاصة وأنها كانت نقطة انطلاق للتظاهرات، فقد توقفت المدينة عن العمل، ومن ثم تبين أن أرضها مملوكة لأشخاص ودخلوا بنزاع قانوني مع بلدية الناصرية وتم على إثره هدم أجزاء منها.

مسؤول في بلدية الناصرية، يوضح أن "مدينة الألعاب مكونة من ثلاث مقاطعات وتمكنت الحكومة المحلية بالتحرك منذ أكثر من عام على المحاكم لإبطال عقد ملكية الأشخاص، فهي أنشئت منذ السيتينيات".

ويؤكد المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه: "تمكنا من الحصول على مقاطعة واحدة وهي الأكبر لصالح البلدية، فيما المقاطعتان الأخريان ما زالتا في أروقة المحاكم، حيث يطالب هؤلاء الأشخاص من البلدية أجر المثل تعويضا عن الفترة التي تم استخدامها فيها بالأعوام الماضية".

يذكر أن المحافظ السابق لذي قار ناظم الوائلي، أكد في العام 2020، أن النزاع القضائي حول مدينة الألعاب يعود إلى عام 2009 بين الجهة المالكة للعقار وهي مديرية بلدية الناصرية وبعض المدعين بالحق الشخصي الذين يدعون عائدية العقار أعلاه لهم، وأن المحافظة ليست طرفا في النزاع، ولم تُطلعها الجهة المختصة (بلدية الناصرية) بحيثيات القضية المقامة.

وتعاني مدن الجنوب بشكل عام، من تراجع كبير بالبنى التحتية والأماكن الترفيهية، باستثناء محافظة البصرة، التي شهدت نقلة جيدة بهذه المستويات خلال استضافتها بطولة خليجي 25 الكروية، فيما ما تزال المدن الأخرى تفتقر إلى هذه الأماكن والأنشطة الترفيهية.

فيما تعد بغداد، من أفضل المدن بهذا الجانب، حيث تضم متنزه الزوراء، وفيه مدينة ألعاب وحديقة حيوانات ويقع على مساحة كبيرة وسط العاصمة، إلى جانب مدينة ألعاب أخرى في جانب الرصافة قرب نصب الشهيد.

إلى ذلك، يبين مسؤول شعبة الحدائق في بلدية الناصرية نسيم كاظم،أن "مقاطعة مدينة الألعاب العائدة حاليا لدائرة البلدية لا يمكن تأهيلها وإعادة العمل بالألعاب الموجودة فيها، فهي متهالكة وقديمة وتعرضت للإهمال طيلة الفترة الماضية، فضلا عن اندثار مسار أسلاك الكهرباء والمحولة الرئيسية، فجميع هذه الأمور تتطلب إعادة إنشاء من جديد على يد مستثمر وقد قدم أحد المستثمرين طلبا لغرض إعادتها من جديد، وبانتظار الموافقات الرسمية".

ويتابع أن "مساحة المدينة المتاحة حاليا قرابة الـ5 آلاف متر مربع"، مضيفا أن "الناصرية تمتلك حاليا متنزهين أثنين كبيرين من ناحية المساحة، وحاليا تجري أعمال تأهيلها استعدادا لاستقبال العائلات، وهذه المتنزهات تضم مساحات خضراء وبعض الألعاب للأطفال فيما توجد عشرات الحدائق الصغيرة منتشرة بين الأحياء السكنية".

وتعاني أغلب المحافظات من انحسار المساحات الخضراء، لأسباب عديدة منها الجفاف والتجريف، حيث تحولت أغلب هذه المساحات إلى مراكز تجارية أو منازل أو مرآب للسيارات.

إلى ذلك، تشير أم حيدر (41 عاما)، التي تسكن في حي السراي بالناصرية، إلى أنها تلجأ إلى "حديقة أحمد نوفل التي تتوسط الناصرية".

وتبين أم حيدر، خلال حديثها، أن "هذه الحديقة ورغم أن مساحتها صغيرة، إلا أنه لا يوجد بديل عنها للذهاب مع أولادي، فهي تضم ألعابا بسيطة وأماكن للجلوس، ودائما ما تكون مكتظة بالعائلات لعدم توفر أماكن أخرى".

وتوضح، أن "المتنزهات الكبيرة بعيدة عنا، أما الكورنيش الذي كان ملاذا لفترات الليل، يشهد أعمال حفريات منذ قرابة عامين، وما يزال مغلقا حتى الآن".

جدير بالذكر، أن مشاريع المحافظات الوسطى والجنوبية، دائما ما يثار اللغط حول تخصيصاتها المالية، لاسيما وأن محافظة ذي قار مشمولة بأموال البترودولار، وفي موازنة العام الحالي، أقرت تخصيص 2 ترليون دينار للمحافظات النفطية ضمن تخصيصات البترودولار، ما عد قليلا ومن المفترض أن يكون أكثر من 6 ترليونات المبلغ المخصص.

من جانبه، يؤكد رئيس هيئة استثمار ذي قار علي الدخيلي، أن "الفرص الاستثمارية لإنشاء مدن ترفيهية ومنتجعات سياحية متوفرة في المحافظة وبانتظار من يتقدم عليها".

ويتابع "هناك 18 فرصة استثمارية موجودة وموزعة على عموم أقضية ونواحي المحافظة وبمساحات كبيرة، أما مدينة الناصرية فتوجد فيها فرصة لإنشاء مدينة سياحية بمساحة 300 دونم وقام احد المستثمرين بالتقديم للحصول على فرصة استثمارية لإنشاء مدينة ألعاب، وأن مجلس إدارة الهيئة يدرس الطلب لغرض التصويت عليه".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة