07 Mar
07Mar

مع الاحتفال بيومها العالمي غدا، ما تزال المرأة في العراق تعاني من غياب القوانين والتشريعات اللازمة لحمايتها، وعدم تفعيل الساند لها من تشريعات قائمة منذ عقود، وفيما ألقت ناشطات نسويات باللائمة على لجنة المرأة النيابية وتحميلها مسؤولية عدم السعي لسن أو تفعيل القوانين، ترى الدوائر المقربة من عمل البرلمان والحكومة، أن ما يطرح لحماية المرأة يصطدم بواقع المجتمع وثقافته ولن يمر.

وتقول عضو رابطة المرأة العراقية خيال الجواهري، خلال حديث لـه إن "لجنة المرأة النيابية لم تتبن منذ سنوات أي تشريعات جديدة تحمي المرأة العراقية من العنف، وتحمي حقوقها المسلوبة، رغم عقدهم لاجتماعات عديدة، لكن ليس هنالك أي نتيجة تذكر".

وتضيف الجواهري، أن "المرأة العراقية تعاني على الصعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وينسحب ذلك على حرمان الكثير من النساء إكمال تعليمهن، فعلى لجنة المرأة النيابية يقع العاتق الأكبر في انتشال المرأة من واقعها المزري، عبر تشريع القوانين وتفعيل القوانين المشرعة، التي تصب في صالح المرأة".

وتبين: "ينبغي على هذه اللجنة تفعيل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، وهو أول القوانين العربية التي أنصفت المرأة داخل المجتمع، كما يقع على عاتق هذه اللجنة تشريع قوانين جديدة تضمن عدم تعرض المرأة للعنف، وتؤكد على حريتها".

ويصادف يوم غد الثامن من آذار مارس الحالي، يوم المرأة العالمي، الذي يشهد احتفاء بالمرأة في كل دول العالم، وتستذكر الشعوب دورها الريادي، حصوصا ممن تركن بصمة واضحة في مجالاتهن.

وبين فترة وأخرى، يثار الجدل حول بعض مواد قانون العقوبات العراقي لسنة 1969، وخاصة المتعلقة بحرية الرأي والتعبير أو مقدار العقوبات الواردة فيه دون تعديلها وفق الوضع الراهن.

ومن المؤاخذات على القانون، هو الأحكام المخففة لـ"جرائم الشرف" التي تصل عقوبتها بالحبس لأشهر عدة، ووفقا للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإنها أكدت سابقا أن الأحكام التشريعية في القانون الجنائي العراقي، تنص على عقوبات مخففة لما يسمى بـ"جرائم الشرف"، معتبرة أن تلك الأحكام ما تزال تمييزية ضد المرأة العراقية في الوقت الحالي، ويجب على العراق مراجعة تشريعاته المحلية لإلغاء أو تعديل الأحكام التي تسمح بالعنف ضد المرأة.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وخلال مشاركته الأسبوع الماضي، بمهرجان "سيدات الأرض" لدعم وتمكين المرأة والذي عقد برعاية الحكومة، قال إن: رؤية الحكومة وفهمها دور المرأة في المجتمع كان حاضراً في منهاجها الوزاري، إنصافاً لها واعترافاً بأنَّ بناء المجتمع يبدأ منها وينتهي بها.. ولن نتراجع في الدفاع عن المرأة ضد كل أنواع العنف وسندعم كل تشريع أو قانون أو مبادئ عامة تدافع عن المرأة مهما كان نوع التهديد لها ومصدره.

كما أكد السوداني: تفخر حكومتنا اليوم أنها تشهد عدداً مهماً من النساء وهنَّ يتصدّين للقيادة في جميع جوانبها التنفيذية والتشريعية، وعلى المستوى التنفيذي، لا يخلو مجال من المرأة، ابتداءً من الوزارات وصولاً إلى أصغر المسؤوليات، وهو أمرٌ لم تشهده أي حكومة سابقة.

بدورها، توضح الناشطة النسوية آلاء الياسري، خلال حديث لـه أن "المرأة العراقية تعاني من سلب حقوقها، عبر قوانين عديدة تظلمها، مثل المادة 41 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، الذي يبيح للرجل ضرب المرأة والطفل بحجة التأديب، فضلاً عن مواد قانونية أخرى، تصل لمرحلة سماح الرجل قتل زوجته بحجة غسل العار".

وتؤكد الياسري، الحاجة إلى "تشريع قوانين جديدة تنصف المرأة، وتحميها من العنف والانتهاك، فضلاً عن قوانين تمنع زواج القاصرات، وأخرى تلزم الأهل باستمرار تعليم الإناث في المؤسسات التعليمية الرسمية، وإلزام الأهل بعدم تزويج الفتاة لدواعي الفصل العشائري".

وتضيف "نحن كنسويات نطالب منذ سنوات بتشريع قوانين جديدة تحمي المرأة والأسرة العراقية، مثل قانون العنف الأسري، وقانون حماية الطفل، التي بقيت حبراً على ورق منذ سنوات".

وما زالت المرأة في العراق تعاني من ضغوط اجتماعية كبيرة، إذ أن نسبة كبيرة من النساء لا يملكن حق اختيار الزوج أو إكمال الدراسة أو العمل، بموجب الأعراف والتقاليد السائدة، ما يوقع كثيرا منهن في ظروف عائلية ونفسية صعبة للغاية تدفعهن أحيانا إلى الهرب، بحثا عن حياة أفضل.

وينص قانون التعليم الإلزامي في العراق رقم 118 لسنة 1976، النافذ لغاية الآن، على أن يعاقب بغرامة لا تزيد عن 100 دينار، ولا تقل عن دينار واحد، أو بالحبس لمدة لا تزيد عن شهر واحد، ولا تقل عن أسبوع واحد، أو بكلتيهما، ولي الولد المتكفل فعلا بتربيته، إذا خالف أيا من أحكام هذا القانون المتعلقة بانتظام الطالب في دوامه المدرسي.

وقد نص القانون أيضا على أن تقوم إدارات المدارس الابتدائية بحصر حالات التخلف عن التسجيل، بموجب القوائم المعلنة لديها وما يطرأ عليها من التعديل، بالإضافة أو الحذف، وتتخذ الإجراءات لإبلاغ أولياء الأولاد وحثهم على تسجيلهم وعلى انتظام دوامهم والحيلولة دون تسربهم عن الدراسة، ولإبلاغ الجهات المسؤولة عن مراقبة الدوام، ومديرية التربية المتخصصة.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء، كشف في 2019 أن العام الدراسي 2017-2018، هو أكثر الأعوام تسربا للطلبة من المرحلة الابتدائية، بحسب إحصائية أجراها في جميع المحافظات، واتضح أن أغلب المتسربين من المدارس الابتدائية دون سن 15 عاما، بواقع 131 ألفا و368 طالبا، نسبة الإناث منهم 47 بالمئة، فيما كان عدد المتسربين 126 ألفا و694 طالبا للعام الدراسي 2016-2017.

بالمقابل، تشير الناشطة في معهد المرأة القيادية، إيمان عبد الرزاق، خلال حديث لـه، إلى أن "تشريع القوانين ليس بالأمر الهين، وآلية إصدارها صعبة وتأخذ وقتاً طويلاً جداً، فعلى سبيل المثال قانون العنف الأسري، قدم إلى البرلمان منذ العام 2010، وفي كل دورة انتخابية نصطدم بمعوقات عديدة، تارة لأسباب تتعلق بتعارض القانون مع التوجه الديني، وتارة أخرى يصطدم برغبات سياسية معينة، وتبعاً لذلك فلجنة المرأة النيابية لا تتحمل العبء الكامل، كونها تصارع رغبات عديدة داخل قبة البرلمان".

وتضيف عبد الرزاق، التي ترتبط بعلاقة عمل مع دوائر حكومية وبرلمانية، أن "هناك العديد من القوانين التمييزية بحق المرأة، تحتاج لتعديلات، ولكن الصعوبات تحيلنا للتعويل أكثر على السياسات والإجراءات الحكومية، فرئاسة الوزراء تمتلك الكثير من الصلاحيات التي تؤهلها لوضع سياسات كثيرة تخص النهوض بواقع المرأة، وينطبق الحال أيضاً على مجلس القضاء الأعلى، وهذه السياسات يمكنها ردم الفجوة التشريعية بخصوص حماية المرأة وتأمين حقوقها".

وتؤكد أن "عملي مستمر منذ مدة ليست بالقصيرة مع كل من لجنة المرأة النيابية ودائرة تمكين المرأة التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء، ولم أشهد قصوراً في عمل الجانبين، لكن في كثير من الأحيان تصطدم اللجنتان بقضايا أسرية حساسة، لها مساس بواقع المجتمع العراقي وثقافته، وهذا يعطي جهات عديدة مبررات شتى لإبداء الآراء والتوجيهات والاعتراضات، وكل يدلي بدلوه وتفسيره الخاص، وهذا يعرقل تشريع القوانين ويعرقل أي تحرك لإعطاء المرأة حقوقها".

وتكمل أن "لجنة المرأة والطفل النيابية تتابع وبشكل حثيث مسودة قانوني حماية الطفل والحماية من العنف الأسري، وتتواصل مع جهات عديدة حكومية وغير حكومية للدفع بالقانونين للقراءة والتشريع داخل قبة البرلمان".

يذكر أن هناك تقاريرسلطت الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في أماكن العمل، وخاصة في المعامل التي تقع بأطراف المدن، حيث تعمل نساء وفتيات بمختلف الأعمار وبمستويات ثقافة وتعليم متدنية، ما يشجع أرباب العمل على استغلالهن جنسيا.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة