مع التغيير الذي تشهده سوريا بعد سقوط نظام الأسد، يحاول العراق إنهاء أزمة مخيم الهول السوري واستعادة مواطنيه من عائلات تنظيم داعش المقيمين فيه بعد ثبوت عدم تورطهم بالدماء، وفي غضون الإعلان عن استعادة نحو 150 عائلة إلى مخيم آخر في نينوى، يكشف خبير أمني أن العودة إلى مناطقهم مشروطة بـ”ترحيب سكانها”، وفيما يكشف مصدر أمني أن تنسيق بغداد على عودة العوائل كان مع قوات (قسد) وليس مع دمشق، حذر نائب من خطورة استمرار المخيم السوري بعد التغيير السياسي هناك.
ويقول متحدث وزارة الهجرة والمهجرين، عباس جهانكير، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “جهود التدقيق الأمني للعائلات غير المتورطة بالإرهاب في مخيم الهول السوري ناجحة حتى الآن، إذ تمت إعادة نحو 150 عائلة عراقية كانت في مخيم الهول وأكثرهم من الأطفال والنساء”.
ويضيف جهانكير أن “التدقيق الأمني للعوائل اثبت عدم تورط العائدين بقضايا إرهاب أو مطلوبين في العراق”، مشيرا إلى أن “العوائل التي تمت إعادتها استقرت في مخيم الجدعة بمحافظة نينوى من اجل إعادة تأهيلهم نفسيا، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة ستتم إعادتهم لديارهم كلا حسب مكانه”.
وكانت مديرية الهجرة والمهجرين في محافظة نينوى، أعلنت أمس الأول الأحد، عودة 148 عائلة عراقية من مخيم الهول في سوريا، وذكر مدير فرع مديرية الهجرة والمهجرين في محافظة نينوى خالد عبد الكريم: إنه “تم يوم أمس (الأحد) إعادة 148 عائلة عراقية من مخيم الهول السوري معظمهم من النساء والأطفال”، لافتا إلى أن “العودة تحققت بعد إتمام عملية التدقيق الأمني وثبوت عدم تورط العائدين بقضايا في العراق أو كونهم مطلوبون أمنياً”، فيما أشار إلى أن “العائدين استقروا في مركز الأمل للدعم النفسي في مخيم الجدعة جنوبي الموصل وسيطبق عليهم برنامج خاص بإعادة التأهيل قبل عودتهم لديارهم”.
وغادرت السبت الماضي، 148 عائلة عراقية (578 شخصا) مخيم الهول في الحسكة، غربي كردستان، ووفقاً للأنباء، هذه الدفعة تعد الثانية منذ بداية العام الجاري، والعشرين منذ بدء التنسيق بين الحكومة العراقية و”الإدارة الذاتية” لإخراج العائلات العراقية من المخيم.
من جهته، يشير الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث”، إلى أن “العراق استعاد 148 عائلة عراقية من عوائل تنظيم داعش في مخيم الهول السوري يوم السبت الماضي، ووصلوا إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى بعد تأمين طريق وصولهم بشكل تام”.
ويضيف أبو رغيف أن “التنسيق سيكون مستمرا لاستعادة العوائل العراقية الأخرى التي لم تتورط بدماء العراقيين وليست مطلوبة على ذمة قضايا إرهابية بعد تدقيق موقفهم الأمني”.
وفيما يشير إلى أن “عدد أفراد العوائل العائدة يصل إلى 572 شخصا بين نساء وأطفال وصبيان”، يتابع أنه “تم زج جميع الأفراد في برنامج تأهيلي بمخيم الجدعة تمهيدا لعودتهم لمناطقهم الشمالية والغربية، لكنها ستكون عودة مشروطة بموافقة وترحيب سكان تلك المناطق وخاصة الشمالية منها لأنهم يرفضون ذلك ويعتقدون بتورط هؤلاء الأفراد بقتل أبنائهم الذين ذهبوا ضحايا للإرهاب في السنوات الأخيرة”.
ويكمل، أن “الاتفاق العراقي – السوري حول عودة عوائل مخيم الهول للعراق سيتضح بشكل اكبر خلال الفترة المقبلة فيما إذا كان بين الحكومة العراقية والحكومة الانتقالية السورية أو مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وذلك ستكشفه الأيام القادمة بتنظيم التعاون وإعلان الخطوات بشكل اكبر”.
وطالب عراقيون مقيمون في مخيم الهول بغدا والأطراف الدولية بالنظر في أوضاعهم المتدهورة والعمل على تقديم حلول عاجلة، كما دعوا إلى ضمان عودتهم الآمنة إلى العراق أو تحسين ظروفهم في المخيم من خلال دعم الخدمات الصحية والتعليمية.
وكانت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، أعلنت الخميس الماضي، عن إفساح المجال للنازحين السوريين المقيمين في مخيم الهول شرقي الحسكة بالعودة الطوعية إلى أماكن إقامتهم الأصلية، ودعت المجتمع الدولي لتأمين عودة آمنة لسكان مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض الخاضعة لسيطرة الفصائل السورية الموالية لتركيا شمالي البلاد.
إلى ذلك، يكشف مصدر أمني رفيع المستوى رفض ذكر اسمه، أن “قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على الشمال السوري هي من سلمت هذه العوائل إلى السلطات العراقية”.
ويضيف المصدر، أن “الاتفاق بين بغداد وقسد منسق بشكل كبير ويضمن استمرار تسليم العوائل على شكل وجبات جديدة لحين انتهاء التدقيق الكلي لهم”، مبينا أن “الفترة القادمة ستتضمن إعادة 50 إلى 250 فردا بكل وجبة خلال الأيام القادمة”.
ويشير إلى أن “وجبة العوائل المستلمة حاليا من قبل العراق هي الأولى وستلحقها وجبات أخرى قريبا”، مستدركا أن “السلطات العراقية لا ترغب بكشف الجهة القائمة بالتسليم حفاظا على ديمومة الاتفاق لحين الانتهاء من ملف مخيم الهول”.
ويضم مخيم الهول، المكتظ بمحتجزي عائلات تنظيم “داعش”، أكثر من 43 ألف شخص، من بينهم عراقيون وسوريون وأجانب ينتمون إلى 45 دولة على الأقل، منها فرنسا والسويد وهولندا وروسيا وتركيا، وفق بيانات إدارة المخيم مطلع عام 2024. وتشكل النساء والأطفال غالبية سكان المخيم، بالإضافة إلى نحو 3 آلاف رجل، معظمهم من العراقيين والسوريين، بينهم نازحون ولاجئون فروا من مناطق سيطرة “داعش”.
من جهته، اعتبر عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، النائب عامر الفايز، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ملف عوائل الإرهابيين في مخيم الهول السوري، من الملفات الصعبة بالنسبة للعراق وعلاقته بدول العالم، وأن الحكومة العراقية تسعى لحسمه سريعا”.
ويؤكد الفايز، إن “الحكومة تقدمت بطلب منذ فترة طويلة للمجتمع الدولي من أجل حسم تواجد عوائل الإرهابيين العراقيين في مخيم الهول السوري، لأن هذا الأمر له أهمية كبيرة في ظل انتقال السلطة في سوريا ووجود حكومة انتقالية، خاصة أن خطورة استمرار المخيم لا يمكن توقعها”.
ويشير عضو لجنة العلاقات الخارجية، إلى أن “مخيم الهول يضم أكثر من 30 ألف شخص من مختلف دول العالم وهذا رقم كبير يجب الانتباه له”، مضيفا أن “المخيم يضم أيضا إرهابيين من مختلف الجنسيات كانوا بصفوف داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى”.
ويوضح، أن “العراق يتمنى أن تقوم الدول التي تمتلك مواطنين في المخيم باستردادهم والتعامل معهم وفقا للقوانين الدولية في كل دولة”، معتبرا أن “وزارة الهجرة والأجهزة الأمنية العليا تتابع سير خطوات هذا الملف والعمل على تسريع إجراءاته في ظل الحكومة السورية الانتقالية الحالية وإيجاد حلول مقنعة”.