20 Dec
20Dec

كشفت النتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات، عن مفاجآت سياسية، ستقود إلى تثبيت أركان المشهد السياسي المحلي في محافظات وسطى وجنوبية، مع تغيير جزئي في بعضها، ففيما سرت ترجيحات بأن يقود الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، (المتصدر في خمس محافظات)، مفاوضات "سرية" مع زعيم التيار الصدري، تهدف للحفاظ على مكاسب التيار في محافظتين بغية عدم استفزازه بتقاسم المناصب الجديدة، أفرزت النتائج تفوق 4 محافظين حاليين، الأمر الذي منحهم أريحية أمام هيمنة القوى السياسية الكبيرة، على عكس العاصمة بغداد، التي قد تشهد إعادة تشكيل الإطار التنسيقي مقابل تحالف تقدم الذي تصدر أصوات العاصمة.

ويقول المحلل السياسي المقيم في واشنطن، نزار حيدر، خلال حديث لـه، إن "نتائج هذه الانتخابات غيرت من الخارطة السياسية، لكن هذا التغيير حتى الآن نظري، فالسؤال المهم هل ستحترم القوى السياسية هذه النتائج وتشكل مجالس المحافظات وفقا لها أم ستعود للمربع الأول وتخضع للمحاصصة، فإذا جرى احترام النتائج، فإننا نستطيع أن نقول أننا أمام تغيير وإن كان بسيطا".

ويضيف حيدر، أن "مجالس المحافظات هي خدمية ومختلفة عن مجلس النواب، وعندما نقول أنها تكرس اللامركزية، فيجب أن يتم انتخاب كتل محلية من داخل المحافظة وليست المرتبطة ببغداد، واليوم هناك 4 محافظات نجحت بانتخاب كتل محلية، على أساس إنجازات المحافظين فقط".

وبشأن فوز تحالف نبني في بعض المحافظات وتصدره المشهد بفارق كبير عن أقرب منافس له وهو ائتلاف دولة القانون، يوضح حيدر، أن "تحالف نبني بقيادة العامري، وخاصة في محافظتي النجف وميسان التي تصدر فيها النتائج، سيتجه إلى التفاوض مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بشكل سري، لأن المحافظتين تحت نفوذ الأخير، وبالتالي فإنه لا يريد استفزازه وسيبقي على المحافظين التابعين له"، مستدركا أن "النجف وميسان لو تصدر فيهما النتائج ائتلاف دولة القانون، لكان من الصعب الدخول في تفاوض مع الصدر، بل ربما تكون هناك صدامات، نظرا لتوتر العلاقة بين الصدر والمالكي، لكن مع العامري يمكن أن تسير الأمور بسلاسة".

ويشير إلى أن "تحالف نبني لن يسيطر على المحافظات التي تصدر فيها، بل سيحصل على محافظتين أو ثلاث، والأخرى ستمنح للحلفاء من الإطار وفق اتفاق فيما بين أطراف الإطار، لأن المحافظات الأخرى حسمت للكتل المحلية، ومحافظات الكتل السنية، منيت فيها الكتل الشيعية بخسارة كبيرة".

وأعلنت يوم أمس الثلاثاء، النتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات بنسبة 94.4 بالمئة، حسب إعلان مفوضية الانتخابات، على أن تستكمل النسبة المتبقية خلال الساعات المقبلة.

وبحسب النتائج الأولية، فإن تحالف تقدم تصدر في محافظة بغداد بعدد الأصوات فيما حل تحالف نبني ثانيا وائتلاف دولة القانون ثالثا، لكن بفارق بسيط، حصل في النتيجة كل من هذه التحالفات الثلاث على 9 مقاعد.

وفي واسط حصدت قائمة "واسط أجمل" على أعلى الأصوات، فيما جاء ائتلاف دولة القانون ثانيا وتحالف نبني بالمرتبة الثالثة، وفي محافظة القادسية، حصل تحالف نبني على المرتبة الأولى، وجاء ائتلاف دولة القانون ثانيا، كما حل تحالف نبني أولا في محافظة النجف، ودولة القانون ثانيا، وفي محافظة الأنبار تصدر تحالف تقدم النتائج، فيما حل تحالف الأنبار هويتنا ثانيا، وفي كركوك حل تحالف كركوك قوتنا وإرادتنا أولا فيما جاء التحالف العربي ثانيا.

وفي كربلاء، حل تحالف ابداع كربلاء أولا وحل ائتلاف دولة القانون ثانيا، وفي ذي قار حل تحالف نبني أولا وتلاه ائتلاف دولة القانون، وفي ديالى حل تحالف ديالتنا الوطني أولا وتقدم ثانيا، وفي بابل، تصدر تحالف نبني النتائج فيما حل ائتلاف دولة القانون ثانيا، فيما تصدر ائتلاف دولة القانون في محافظة المثنى وتلاه قوى الدولة الوطنية.

وفي البصرة، تصدر النتائج تحالف تصميم، وجاء ثانيا تحالف نبني، وفي نينوى تصدر تحالف نينوى لأهلها فيما جاء الحزب الديمقراطي الكردستاني ثانيا، وفي ميسان حل تحالف نبني أولا ومن ثم ائتلاف دولة القانون ثانيا، وفي صلاح الدين، تصدر تحالف الجماهير الوطنية النتائج فيما حل تحالف الإطار الوطني ثانيا.

يذكر أن الإطار التنسيقي قرر خوض انتخابات مجالس المحافظات بكتل منفردة، على أن يبقى هيكل الإطار متماسكا ودون التأثير عليه، ورجح عند اتخاذه هذا القرار قبل أشهر، أن تعاود كتل الإطار الائتلاف مجددا بعد الانتخابات.

عودة الإطار
سيناريو جديد يرسمه فوز قوى الإطار التنسيقي، بشكل منفرد، وهو عودة ائتلافها مجددا تحت العنوان العريض "الإطار التنسيقي"، وهذا قد تكون له أهمية كبيرة في العاصمة بغداد تحديدا، التي تشهد منافسة حادة مع قوى من المكون السني.

ويرى المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه أن "الحكومة الحالية هي حكومة الإطار، والإطار مكون من قوائم نبني والأساس ودولة القانون وأبشر وغيرها، فهؤلاء هم الذين يشكلون الحكومات المحلية، باستثناء المحافظات التي فازت فيها كتل المحافظين".

ويردف الدعمي، أن "هذه الكتل في بغداد، ستتجه إلى التحالف مجددا تحت عنوان الإطار، وهنا يمكن أن يتم إقصاء تقدم من الحكومة المحلية في بغداد، خاصة إذا اتفق الإطار مع الحسم والعزم أيضا"، مبينا أن "الشيء الجديد في هذه الانتخابات هو تكريس الإطار لسلطته بشكل كلي على البلد".

ويلفت إلى أن "هذه الانتخابات كشفت عن عدم رغبة المواطنين بهذه الأحزاب، فنسبة الانتخابات كشفت هذا، وهنا نتحدث عن النسبة الحقيقية وليس المعلنة، فالحقيقية تقريبا 23 بالمئة، في حال عدم استبعاد عدد المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب الكلي".

يشار إلى أن مفوضية الانتخابات، أعلنت أن العدد الكلي في التصويتين العام والخاص بلغ 6 ملايين و599 الفاً و668 ناخبا، فيما بلغت نسبة التصويت 41 بالمئة، محتسبة النسبة من عدد الذين حدثوا بياناتهم الانتخابية فقط، وهم 16 مليونا.

يذكر أن عدد العراقيين الذين يحق لهم الانتخاب، يبلغ قرابة 22 مليون شخص، حسب بيانات مفوضية الانتخابات التي صدرت في الانتخابات التشريعية عام 2021، وفي تلك الانتخابات أيضا جرى احتساب نسبة المشاركة من الذين حدثوا بياناتهم فقط، لتظهر أيضا 41 بالمئة.

النتائج غير مرضية
فوز تحالف نبني، المكون من قوى لديها أجنحة مسلحة، طرح العديد من الأسئلة حول مستقبل المرحلة المقبلة وكيفية التعاطي مع هذه القوى التي من الممكن أن تفرض سيطرتها على المحافظات، وهنا يوضح المحلل السياسي علي نجدية، أن "مقاطعة الانتخابات غير المدروسة ستؤدي لظهور هذه النتائج، فالمواطن يفكر بأنه لن يذهب للانتخابات رفضا للقوى السياسية، وعندما تظهر النتائج يرفضها، وهذه مشكلة المقاطعين".

ويوضح نجدية، خلال حديث لـه أن "مقاطعة التيار الصدري مختلفة، لكونها تأتي للضغط السياسي، لكن مقاطعة المواطنين هي الأساس بظهور هذه النتائج، فهناك غيرهم سيذهب وينتخب، وهنا تكون المقاطعة غير مجدية"، مبينا أن "القوى السياسية تكيفت مع الوضع وباتت لا تعنيها مقاطعة المواطنين، فهي فائزة مع كل المعادلات، وجمهورها المؤدلج والزبائني حاضر وجاهز".

ويستطرد أن "الأحزاب التي تملك أذرعا مسلحة عرفت قواعد اللعبة السياسية، وحققت أهدافها وكيفت نفسها تحت غطاء شرعي وقانوني، فاليوم لا يمكن القول بأنها فصائل مسلحة فقط، لأن تلك الأذرع باتت تنضوي في هيئة الحشد الشعبي، والآن تمكنت من الفوز بغطاء شرعي وقانوني، ونفوذها أخذ يتنامى في الوقت الذي تتراجع فيه حظوظ القوى المدنية".

وجرت هذه الانتخابات بغياب التيار الصدري، حيث قرر زعيم التيار مقتدى الصدر بتاريخ 13 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، مقاطعة الانتخابات على مستوى الترشيح والانتخاب، ما دفع أنصاره إلى شن حملة مقاطعة شاملة والترويج لها منذ أكثر من شهر.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة