تعقد مشهد كركوك مجددا في ظل عدم تمكن أي طرف سياسي أو مكون من تسمية محافظ جديد، يرافق ذلك تزايد الخلاف والصراع داخل البيت السني حول منصب رئاسة مجلس النواب، ما يشير إلى أن هناك إمكانية الربط بين المنصبين، كما أن الخلاف الكردي الكردي هو الآخر يشكل عاملا فاعلا في تعطيل حسم ملف الحكومة المحلية في هذه المحافظة.
ويقول مصدر سياسي مطلع، خلال حديث لـه، إن “رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل جلال طالباني أجرى خلال زيارته الأخيرة للعاصمة بغداد سلسلة اجتماعات مع القيادات السنية بينهم رئيس حزب (تقدم) محمد الحلبوسي ورئيس تحالف (عزم) مثنى السامرائي”.
ويضيف المصدر، أن “الاتحاد الوطني يريد استغلال الانقسام السني في سبيل الحصول على دعم ممثليهم في كركوك لغرض تشكيل الأغلبية وتسمية المحافظ من الحزب”.
ويشير إلى أن “الاتحاد الوطني مع الحزب الديمقراطي وكوتا المسيحيين لديهم ثمانية مقاعد في مجلس محافظة كركوك، وهو بحاجة لمعقد واحد من مقاعد عرب كركوك لكي يتمكن من تشكيل الأغلبية، وقد بدأ بالتفاوض بإعطاء صوته في مجلس النواب مقابل منصب محافظ كركوك، ولهذا فهو يتفاوض للحصول على دعم (تقدم) أو (عزم)”.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت في 28 كانون الأول سبتمبر 2023، النتائج النهائية لانتخابات مجلس محافظة كركوك، حيث حصل تحالف كركوك قوتنا وإرادتنا على 157 ألفا و649 صوتا وحصل على خمسة مقاعد، والتحالف العربي في كركوك على 102 ألفا و558 صوتا بثلاثة مقاعد، وجبهة تركمان العراق الموحد على 75 ألفا و169 صوتا بمقعدين، وتحالف القيادة على 61 ألفا و612 صوتا بمقعدين، والحزب الديمقراطي الكردستاني على 52 ألفا و278 صوتا بمقعدين، وتحالف العروبة على 47 ألفا و919 صوتا بمقعد واحد، ويبلغ العدد الكلي لمقاعد مجلس المحافظة 16 مقعدا، 11 منها للرجال، وأربعة للنساء، ومقعدا واحدا لكوتا المكونات.
بدوره، يؤكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني برهان شيخ رؤوف، خلال حديث لـه، أن “من حق الحزب التفاوض مع الأحزاب والكتل الأخرى، فالسياسة هي فن الممكن، فهناك ملفات عالقة في بغداد لها امتداد في كركوك وإقليم كردستان، وبالتالي نعتقد بأنه، في حال حسم منصب رئاسة البرلمان فستحسم المناصب الأخرى، من بينها تسمية المناصب في كركوك”.
ويلفت إلى أن “الاتحاد الوطني هو الكتلة الأكبر في كركوك، والكتل السنية العربية تأتي بعدنا في كركوك، والتفاهم معهم هو الحل لإدارة المدينة، وخدمة أهلها”.
ويتابع أنه “من الطبيعي ربط المناصب والملفات ببعضها البعض، والاتحاد الوطني من حقه التفاوض مع الكتل السنية وهذا الأمر طبيعي وممكن أن يؤدي إلى حل عقد كركوك، في حال وصلنا لتفاهم مع إحدى الكتل السنية، واللقاء الأخير الذي عقد بين زعيم الحزب بافل طالباني ورئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي ناقش ملف كركوك”.
وكان محافظ كركوك بالوكالة، راكان سعيد الجبوري، قد دعا في 30 كانون الثاني يناير الماضي، الفائزين بعضوية مجلس المحافظة لعقد أول اجتماع للمجلس في الأول من شباط فبراير الماضي لاختيار رئيس مجلس المحافظة ونائبيه، وانتخاب المحافظ ونائبيه، إلا أن الخلافات حالت دون حسم انتخاب المحافظ حيث تطالب الكتل الكردية بالمنصب، كما أن العرب أيضا يريدون الاستمرار بإدارة المحافظة، وكذلك التركمان يطمحون للفوز بالمنصب.
من جهته، يرفض منسق هيئة الرأي العربية في كركوك ناظم الشمري، خلال حديث لـه، أن “ربط منصب محافظ كركوك بالصراع الدائر داخل البيت السني حول منصب رئاسة مجلس النواب، عرب كركوك يرفضون بشكل قاطع المساومة على منصب المحافظ ويعتبرون هذه القضية خط أحمر لا يمكن تجاوزه”.
ويشدد على أن “ملف رئاسة مجلس النواب أو أي صراعات سياسية في بغداد يجب أن تبقى بعيدة عن كركوك، ونرفض أي صفقة سياسية على حساب كركوك”.
ويطالب الشمري “زعامات المكون السني بوحدة موقفهم واتفاقهم على مرشح واحد لرئاسة مجلس النواب وعدم السماح للآخرين باستغلال هذا الصراع لمصالح خاصة بمكوناتهم وأحزابهم على حساب مصلحة السنة”.
ويؤكد أن “ممثلي عرب كركوك في مجلس محافظة كركوك موقفهم ثابت، ولن يستجيبوا لأي ضغوطات أو إملاءات من زعامات الكتل السنية، وسيرفضون أي صفقة سياسية مع الاتحاد الوطني الكردستاني أو أي طرف آخر”.
وعقد مجلس محافظة كركوك أول جلسة له في الخامس من شباط فبراير الماضي، وترأست الجلسة أكبر أعضاء المجلس سناً، بروين فاتح من كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني، بحضور الأعضاء الكرد وكوتا المسيحيين وغياب العرب والتركمان.
إلى ذلك، يرى عضو التحالف التركماني حسين عبد الباسط، خلال حديث لـه ، أن “مشكلة كركوك لن تحل إلا بتنازل مكون أو طرف سياسي للآخر، لذا فإنه من الطبيعي جدا ربط ملف كركوك مع ملفات أخرى عالقة في بغداد، باعتبارها عاصمة القرار السياسي وملف كركوك هو بيد الزعامات السياسية هناك”.
ويردف أن “حل مشكلة كركوك ليس في المدينة، فأعضاء مجلس المحافظة يتسلمون التعليمات من زعامات كتلهم وأحزابهم، ولهذا فإن الحديث عن استغلال ملف رئاسة مجلس النواب من قبل الكرد وتحديدا الاتحاد الوطني ممكن جدا، ولكن يجب أن لا يكون على حساب التركمان واستثنائهم من المعادلة”.
ويختم عبد الباسط، بأن “أي تشكيلة حكومية وتوزيع للمناصب في كركوك يجب أن يضمن مشاركة لجميع المكونات، وفقا لما أقره الدستور العراقي، وأي تهميش لأي مكون سيزيد من مشاكل المدينة ويعقد أزماتها”.
يذكر أن محافظة كركوك، أجرت أول انتخابات عام 2005، وفي 18 كانون الأول يناير 2023 شهدت إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ونال الكورد فيها سبعة مقاعد، وانضمت إليهم كتلة بابليون التي فازت بمقعد الكوتا، ليصبح مجموع المقاعد ثمانية، وفي المقابل نال العرب ستة مقاعد، فيما حصل التركمان على مقعدين.