فشل البرلمان العراقي، أمس السبت، في عقد جلسة خاصة للتصويت على مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2023، بسبب إضافة فقرات من قبل اللجنة المالية في البرلمان، اعتبرتها القوى السياسية الكردية أنها تتعارض مع الاتفاقات السياسية التي تشكلت على أساسها حكومة محمد شياع السوداني، والتي تتعلق بنفط إقليم كردستان العراق، وهو ما عكس هشاشة الاتفاقات أمام أول اختبار، وسط تحذيرات من أزمة سياسية.
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قد أكد الأسبوع الماضي، أن البرلمان سيصوت السبت (أمس) على مشروع قانون الموازنة، إلا أن محاولة بعض النواب من قوى "الإطار التنسيقي"، وهم أعضاء اللجنة المالية البرلمانية، إضافة بعض الفقرات، خصوصاً ما يتعلق بملف تصدير نفط الإقليم، أغضبت الكرد الذين عدوها محاولات سياسية تتعارض مع الاتفاقات السابقة، وصعّدوا من لهجتهم إزاء ذلك، رافضين عقد جلسة التصويت، الأمر الذي أعاد الموازنة إلى دائرة السجال السياسي.
ووسط محاولات سياسية بذلت أمس السبت لتقريب وجهات النظر، لم ينجح البرلمان بعقد الجلسة، خصوصاً بعدما أعلنت القيادات الكردية رفضها لذلك، فيما طالب نائب رئيس البرلمان العراقي، شاخوان عبد الله، بتعليق أعمال اللجنة المالية البرلمانية التي تعمل على تعديل وإضافة بعض الفقرات على قانون الموازنة، لحين تصويب عدد أعضاء اللجنة وفق النظام الداخلي.
وأكدت الوثيقة التي قدمها عبد الله، أنه حرصاً على التزام الإجراءات القانونية السليمة بصدد عمل اللجان البرلمانية داخل المجلس، طالب نائب رئيس مجلس النواب، بكتاب رسمي، اللجنة المالية النيابية تصويب عدد أعضائها إلى 23 عضواً بدلاً من الحالي 24 استناداً إلى أحكام المادة الـ73 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
وأوضح أن النظام الداخلي "حدد عدد أعضاء اللجان بما لا يزيد على 21 وتخويل رئاسة المجلس بإجراء التعديلات وإضافة عضوين فقط لكل لجنة من اللجان، سواء كان مناقلة أو حفظ التوازن"، مبيناً أن "العدد الحالي هو 24 وهذه مخالفة صريحة لأحكام النظام الداخلي".
ودعا اللجنة المالية إلى "تعليق أعمالها لحين معالجة الخلل وتصحيح المسار وإعادة هيكلية عدد أعضاء اللجنة بالعدد المقرر"، مشدداً على "تطبيق القانون ونظام الداخلي بعيداً عن المجاملات السياسية وعدم مخالفة الإجراءات القانونية الذي نص عليه النظام الداخلي لمجلس النواب".
وحذر النائب عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، محما خليل، من وجود "ملاحظات خطيرة" على الموازنة، وصلت إلى أكثر من 68 بنداً.
وقال خليل في تصريح متلفز، مساء أمس السبت، إن "اللجنة المالية، وبتعامل مع بعض النواب من المجلس، أفرغوا الموازنة من محتواها الحقيقي والاتفاقات السياسية"، مضيفاً أن "مجلس النواب له حقوق في الموازنة متمثلة بالموافقة من عدمها أو المناقلة في وحدات الإنفاق وتغيير أبوابها، لكن ليس بسحب الاتفاقات التي توصلت إليها الكتل السياسية".
وأشار إلى أن "هناك تدخلاً في أساس عمل الحكومة التنفيذية، وأن عدم تطبيق بنود الاتفاق في الموازنة سيدخل البلاد بأزمة سياسية".
مقابل ذلك، أكد عضو اللجنة المالية، النائب عن "الإطار التنسيقي"، حسين مؤنس، الذي كان من ضمن النواب الذين سعوا لإضافة الفقرات التي أثارت الأزمة مع الكرد، في تغريدة له، أن "النصوص التي اتفق عليها أعضاء اللجنة المالية البرلمانية لا رجعة عنها"، مضيفاً: "لا أحد يستطيع عرقلتها ما دمنا موجودين، وستبقى حقوق موظفي الإقليم أمانة في أعناقنا مثلما واردات النفط بالكامل بأمان تحت أيدينا".
وأكد أن "الموازنة من مسؤولية السلطة التشريعية، وهذه السلطة غير معنية بالاتفاقات الجانبية، فالقوانين لا يتم تشريعها وفق مزاج بعض الأطراف السياسية".
وتحاول قيادات في تحالف "الإطار التنسيقي" ضبط إيقاع الأزمة ومنعها من الاتساع، وقال نائب عن تحالف النصر، المشارك في التحالف، إن "قيادات على مستوى عال ضمن قوى الإطار تدخلت بالضغط على أعضاء اللجنة المالية الذين سببوا الأزمة، لأجل التراجع عن الفقرات التي أضافوها إلى القانون"، مبيناً شرط عدم ذكر اسمه، أن "هؤلاء النواب يحاولون تحقيق مكاسب إعلامية من خلال هذه الحركة".
وأشار إلى أن "إصرارهم على تلك الفقرات سيدخل البلد بأزمة خطيرة، خصوصاً مع عدم التزام التفاهمات السياسية التي تُعَدّ أساس تشكيل حكومة السوداني".
وعلق المختص في الشأن السياسي العراقي، كفاح محمود، على هذه التطورات بتغريدة اعتبر فيها أن "من المعيب أن تنهار اتفاقات الكبار أمام مُزايدات العبث والبطولات الصبيانية!.. ما اتفق عليه الكبار يعبث به الصغار!"، مؤكداً أنّ "من شب على طريق الألاعيب والغدر شاب عليها! لن تمر موازنة تعبث بها عصابات ومليشيات!".