انتقد مرصد عراقي معني بشؤون البيئة في البلاد، اليوم الثلاثاء، عدم وجود أي تخصيصات مالية خاصة بمعالجة مشاكل البيئة في العراق، ضمن مشروع الموازنة المالية لعام 2023.
وذكر مرصد "العراق الأخضر"، المعني بدراسة وتشخيص المشاكل والأزمات في الوضع البيئي بالعراق، ويديره مجموعة من الصحافيين وناشطين في مجالات حقوق الإنسان والبيئة، أن "آخر نسخة من مشروع قانون الموازنة لعام 2023، لم تتضمن وجود أي تخصيص مالي للبيئة، وأنها تخلو من كلمات التصّحر أو الجفاف والتلوث البيئي وحتى تغيّر المناخ".
وهدد مرصد العراق الأخضر "باللجوء إلى مجلس القضاء للطعن في قانون الموازنة، في حال مُرّرت من دون وجود أي تخصيصات استثمارية للبيئة ومكافحة تغيّر المناخ في العراق".
جدير بالذكر، أن وزارة البيئة العراقية، كشفت عن تخصيص 7 مليارات دولار في الموازنة العامة للوزارات القطاعية المعنية بالبيئة، بغية تنفيذ البرامج الخاصة بالمناخ، إلا أن بيان المرصد نفى ذلك، وقال إن "هذه الأموال المخصّصة للبيئة هي ضمن الموازنة التشغيلية، أي رواتب ونفقات لوزارة البيئة وموظفيها".
ونقلت وسائل إعلام محلية، عن المتحدث باسم وزارة البيئة أمير علي الحسون، أن "هذه الحكومة تعتبر من أفضل الحكومات التي تعاملت مع الملف البيئي، وتزامن تشكيلها مع عودة استقلال وزارة البيئة عن وزارة الصحة، إلى جانب إطلاق وثيقة المساهمة الوطنية التي صادق عليها مجلسا الوزراء والنواب وصادقت عليها الأمم المتحدة، والتي تعتبر خريطة طريق للوزارات القطاعية للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر والحلول والبرامج المعنية بتخفيف آثار التغيرات المناخية".
وأضاف الحسون أن "الموازنة المقدمة لمجلس النواب حالياً، تتضمن تخصيص 7 مليارات دولار للوزارات القطاعية، بهدف تنفيذ برامج خاصة بالواقع البيئي والتغير المناخي، وهذه التخصيصات بعيدة عن نفقات الوزارات العامة".
وأكد أن "المؤتمرات التي تعقد في العراق كمؤتمر المناخ في البصرة والمؤتمرات الخاصة بوزارة التخطيط ووزارة الموارد المائية، هذه جميعها اشتركت فيها الجهات الأكاديمية والدولية بإعداد البرامج والخطط والمشاريع، واستطاعت أن تمازج ما بين الدعم القادم من المجتمع الدولي ودعم الأمم المتحدة للعراق في تنفيذ هذه البرامج".
وعقد في بغداد، مطلع الشهر الجاري، مؤتمر بغداد الثالث للمياه، وخلال جلسة الافتتاح أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أن "حكومته اتخذت الكثير من المعالجات لتقليل آثار ومخاطر شحِّ المياه، وشخّصنا المشكلة المائية مع دول المنبع وأسبابها، ولقاءاتنا مع المسؤولين بالدول التي نتشارك معها في المياه، تركزت على ضرورة حصولنا على حصتنا الكاملة من المياه، وتكثيف الجهود الفنية لحل الإشكالات دبلوماسياً بعيداً عن لغة التصعيد".
وبيَّن السوداني أن "التوجيهات والقرارات ركزت على ضرورة تغيير طريقة الإدارة المائية، والاستخدام الأمثل للمياه، وعدم هدرها"، مستكملاً حديثه خلال المؤتمر، أن "الحكومة اتجهت إلى الإفادة من خبرات بعض الدول المتقدمة، للوصول إلى إدارة رشيدة للمياه، من خلال خطط وبرامج التدريب، أو التعاقدات المباشرة، أو نقل التجارب الناجحة في هذا الاتجاه".
من جهته، أشار الصحافي والناشط في مجال البيئة حسين العراقي، إلى أن "حكومة السوداني تُخالف برنامجها وبنوده الخاصة بالقضايا البيئية، التي لها تأثير مباشر على صحة الناس، لا سيما أنها قد تحدثت في وقتٍ سابق عن اعتمادها التركيز على هذه القضايا، ومعالجة أزمات التصحر والجفاف ونفوق الحيوانات في مناطق متفرقة من البلاد".
وأكمل العراقي في حديث له أن "الحكومة والمسؤولين فيها يظنون أن الأزمة البيئية تجري معالجتها بالمؤتمرات والاجتماعات فقط، وهذا خطأ كارثي"، مشيراً إلى أن "هناك حاجة لمشاريع مرتبطة بالبنية التحتية، وأخرى على صلة بالقطاع البيئي، منها معالجة مياه الصرف الصحي، ومشاريع المياه، ومشاريع تدوير النفايات، إضافة إلى إسناد الشرائح المتضررة".
كما يعاني العراق من التصحّر نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي تسبّبت في موجة جفاف حادة، بالإضافة إلى الاعتداء على الغطاء النباتي، وتعمّد تدمير البيئة الذي نتج أيضاً عن الحملات العسكرية التي استدعت جرف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي الزراعية في مناطق عدّة بالبلاد، الأمر الذي حوّلها إلى أراضٍ قاحلة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حذّر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20 في المائة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغيّر المناخي، علماً أنّ نهرَي دجلة والفرات يشهدان شحّاً في المياه بالتزامن مع ارتفاع نسبة جفاف الأنهر الأخرى.
وأدّت الأزمات البيئية في العراق التي سُجّلت في الأعوام الخمسة الماضية إلى تغيّرات اجتماعية، من بينها الهجرة الكبيرة لسكان مناطق الأهوار، جنوبي البلاد، وتراجع منسوب المياه إلى حدّ جفاف الأنهر العراقية، وأبرزها ديالى، إلى جانب العواصف الترابية التي باتت تهبّ يومياً وأسبوعياً.