ينتظر البرلمان وصول موازنة 2025 من الحكومة، وبالرغم من التوجه العام لتمريرها بسهولة وعدم تعديلها بشكل كبير، كما جرى مع موازنة العام الحالي، إلا أن اللجنة المالية كشفت عن عدم اكتمال صرف الموازنتين السابقتين وخاصة الاستثمارية منها حتى الآن، وهو أمر متوقع الحدوث مع موازنة العام المقبل أيضا، لأسباب عدة أبرزها نقص السيولة المالية، بحسب نواب وخبراء.
ويقول عضو اللجنة المالية البرلمانية جمال كوجر، خلال حديث، إن “الحكومة العراقية لم تصرف التخصيصات المالية للموازنة الاستثمارية لسنة 2023 وكذلك سنة 2024، حتى اللحظة، وذلك لعدم توفر السيولة المالية، وتوقف بعض المشاريع بسبب انتخابات مجالس المحافظات، وغير ذلك من الأسباب”.
ويضيف كوجر، أن “اللجنة المالية البرلمانية تنتظر وصول جداول موازنة سنة 2025 لغرض الاطلاع عليها ومعرفة تفاصيل تلك الجداول والصرفيات فيها، وستتم دراستها جيدا من قبل اللجنة قبل التصويت عليها، وستكون لدينا صلاحيات في تعديل تلك الجداول بالتأكيد، من خلال الإضافة والحذف دون أية إضافات مالية جديدة”.
ويتابع “لا يوجد وقت محدد لإرسال جداول الموازنة من قبل الحكومة إلى مجلس النواب، وربما تصل إلينا خلال الشهر المقبل، ونحن سنتابع ذلك مع الجهات المسؤولة في وزارة المالية ومجلس الوزراء، للإسراع بإرسال الجداول للتصويت عليها قبل نهاية السنة الحالية”.
يذكر أن عضوا في اللجنة المالية النيابية، كشف أن اللجنة ستناقش موازنة 2025، في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وسط تأكيده على أن رواتب الموظفين مؤمنة بشكل تام.
يشار إلى أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وفي منتصف تموز يوليو الماضي، أثيرت قضية حصول تزوير أو تلاعب في جداول موازنة العام 2024، بين مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء، وهو ما أثار حالة من الجدل والتضارب في البيانات والمراسلات بين الطرفين، وبدأت القصة، عندما قالت اللجنة المالية إن بعض أعضاء المجلس تلاعبوا في جداول الموازنة بعد المصادقة عليها، ومن ثم تم إرسالها إلى مجلس الوزراء، مشيرة إلى بدء تحقيقات حول القضية.
من جهته، يبين الخبير في الشأن المالي أحمد التميمي، خلال حديث أن “العراق يعاني من فقدان السيولة المالية، ولذا فإنه لم يستطع تنفيذ كل موازنة 2023 وكذلك 2024، ولا نعتقد انه سوف يستطيع تنفيذ كامل فقرات وجداول موازنة 2025”.
ويرى التميمي، أن “العراق كان يواجه أزمة مالية حقيقية بسبب تراجع أسعار النفط، وكان سيواجه أزمة حتى في قضية دفع رواتب الموظفين خلال السنة الجديدة، لكن تداعيات حرب لبنان الأخيرة أدت إلى ارتفاع أسعار النفط عالميا، وهذا حقق منافع اقتصادية ومالية للعراق، كونه يعتمد على تمويل موازنته العامة من بيع النفط”.
ولا يتوقع “تغييرا جوهريا في جداول موازنة سنة 2025، عن سابقتها”، مرجحا “تمريرها من قبل البرلمان بسهولة، خاصة وأن الأغلبية داخل البرلمان داعمة ومؤيدة للحكومة، وتعمل على تمرير خططها دون معرقلات أو معارضة”.
وكان عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، أشار إلى أن جداول موازنة 2024 جاءت من الحكومة بحجم إنفاق 211 ترليون دينار، وخرجت من البرلمان بحجم 226 ترليون دينار، منوها إلى أن التغيير جاء في الفقرات التالية: زيادة مبلغ البطاقة التموينية خمسة ترليونات دينار، وزيادة في الإيرادات النفطية خمسة ترليونات دينار، وتقليل مبالغ الرسوم خمسة ترليونات دينار، وزيادات مالية لوزارة الكهرباء وبعض المحافظات، حيث أن هذه الزيادات تعنى بزيادة عجز الموازنة من 64 الى 79 ترليون دينار.
يذكر أن مجلس النواب صوت في 12 حزيران يونيو 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة وكذلك عدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليونا و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.
إلى ذلك، يبين النائب عن الإطار التنسيقي مختار الموسوي، خلال حديث ، أن “مجلس النواب والقوى السياسية بشكل عام لا تعرف شيئا عن جداول موازنة سنة 2025، وهي تنتظر وصولها من قبل مجلس الوزراء، ولا وقت محدد لهذا الوصول، وربما سوف تصل نهاية الشهر المقبل أو أكثر من ذلك”.
ويشير الموسوي، إلى أن “لدى الحكومة العراقية فائضا ماليا من موازنة 2023، وكذلك سنة 2024 بسبب أسعار النفط المثبتة في الموازنة، فهي أقل من السعر الحقيقي لبيع النفط، كذلك هناك أموال كثيرة لم تصرفها الحكومة على المشاريع وغيرها، وهذا ما يؤكد عدم وجود أزمة مالية كما يحاول البعض أن يروج لذلك”.
ويؤكد أن “إجراء تعديل على موازنة سنة 2025 المرتقب وصولها إلى مجلس النواب خلال الفترة المقبلة، أمر مستبعد، فهناك ثقة نيابية بالخطط المالية والسياسية النقدية للحكومة، ولذا فسوف تمرر دون أي معرقلات وخلافات كما حصل ذلك خلال تمرير جداول موازنة سنة 2024”.
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار.
يذكر أن الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير، وفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، وفيه أكد متخصصون بالاقتصاد أن هذا الأمر سيجبر الدولة على الاقتراض.