11 Feb
11Feb

رغم الحديث المتكرر عن خروج القوات الأمريكية من العراق وإنهاء مهمة التحالف الدولي، إلا أن بعض الكتل السياسية ترى ضرورة الالتزام بالأطر الدبلوماسية واستمرار التفاوض من أجل إخلاء هذه القوات من البلاد.


وبعد تعذر انعقاد جلسة مجلس النواب أمس السبت لمناقشة الاعتداءات الأمريكية وإمكانية إصدار قانون يلزم الحكومة بإخراج القوات الأمريكية، يبدو أن مواقف الكتل السياسية تذهب باتجاه مساندة خطوات الحكومة التفاوضية باتجاه إقامة شراكة دائمة وشاملة مع الولايات المتحدة وإنهاء مهمة التحالف الدولي.


وتأتي هذه الرغبة خلافًا لرغبة الفصائل المسلحة العراقية وممثليها في مجلس النواب، حيث عبر النائب عن كتلة حقوق حسين مؤنس خلال الجلسة التشاورية للبرلمان عن خشيته من كون الجلسة استعراضية ومخصصة من أجل رفع الرصيد الإعلامي لبعض الكتل السياسية.
وأشار في حديث صوتي من داخل الجلسة إلى أنه لم يلمس أي جدية في موضوع إقرار أي قانون لإخراج القوات الأجنبية من العراق.


وأعرب النائب عن ائتلاف دولة القانون، ثائر المخيف، عن قلقه البالغ من الجدل السياسي الدائر حول مصير تواجد القوات الأجنبية في العراق، مشددًا على ضرورة دعم مساعي الحكومة في إغلاق هذا الملف.


وقال المخيف في حديث لـه إن “إعادة طرح موضوع تم التصويت عليه سابقًا في مجلس النواب لا يشكل جوهر القضية، وإنما يعكس حالة من الانقسام والتعقيد في الساحة السياسية”.


وأضاف أن “الأجدر بالقوى السياسية أن تُسخّر كل جهودها لدعم حكومة السوداني، التي تمَّ منحها الصلاحية التامة لإغلاق هذا الملف، والحفاظ على سيادة الدولة واستقرارها، بدلاً من التورط في مماحكات وسجالات لا تخدم مصلحة العراق وشعبه”.


وأشار إلى أن “العراق يمرُّ بظروفٍ بالغة الدقة، تستوجبُ وحدة في الرؤية والقرار، بدلاً من التشتت والتشاحن، وإنَّ السبيل الوحيد هو العمل وفقاً للنصوص الدستورية التي منحت الحكومة هذا الحق، بجانب استخدام الأطر والقنوات الدبلوماسية والضغوط، لتتخلص البلاد نهائياً من التدخلات الأجنبية التي جرّت عليها الويلات والمتاعب طيلة 21 عاماً”.


وختم بالقول: “نؤكد على أهمية العمل وفقاً لهذه المبادئ بوصفها الخيار الأكثر نجاعة من بين كل الخيارات المطروحة، لينعم العراقيون بالأمن والأمان، ويُصبحون أسيادًا لأنفسهم دون ولاية أو وصاية من أحد، أيّاً كان”.


من جانبه، أكد وفاء محمد، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن مسألة خروج القوات الأمريكية من العراق لا يمكن أن تتم بشكل أحادي أو تحت الضغوط، بل يجب أن تكون بالاتفاق الثنائي بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية.


وفي حديث لـه، قال محمد إن العراق استنجد بقوات التحالف عند اجتياح تنظيم داعش لثلث محافظاته عام 2014، ووقع اتفاقيات معها تحدد مهامها ومدة بقائها. لذلك، فإن أي قرار بالاستغناء عن تواجد هذه القوات يجب أن يكون وفقا للصيغة نفسها التي جاءت بها، أي بالاتفاق والتراضي.


وأضاف أن الولايات المتحدة لم تتلقَ حتى الآن أي طلب رسمي من الحكومة العراقية بالمطالبة بخروج القوات الأمريكية، التي تبلغ نحو 2500 جندي، وتقوم بمهام تدريبية واستشارية ومكافحة الإرهاب، وفقا لتصريحات المتحدث باسم البنتاغون، الجنرال باتريك رايدر.


وتابع أن الحكومة العراقية، مثل باقي الحكومات في العالم وفي الشرق الأوسط تحديدا، ترى أهمية بقاء القوات الأمريكية في المنطقة، التي تضم أكثر من 53 ألف جندي أمريكي، للحفاظ على الاستقرار والأمن ومواجهة التهديدات الإقليمية والدولية.


وأشار إلى أنه رغم وجود ضغوط من بعض الأطراف السياسية والفصائل المسلحة على الحكومة العراقية لتطالب بخروج القوات الأمريكية، فإن الحكومة تدرك أن هذه الخطوة لا يمكن أن تتم إلا بالتراضي مع الجانب الأمريكي، وأنها لن تكون سريعة أو سهلة، بل قد تستغرق سنوات.


وأضاف أنه في الوقت الراهن ومع التحديات الأمنية التي يعيشها العراق ودول المنطقة، من الصعب جدًا خروج القوات الأمريكية، فهذا الأمر ليس في مصلحة الشعب العراقي سواء سياسيًا أو أمنيًا أو حتى اقتصاديًا، كما أن العراق لا يريد أن يتعرض لعقوبات أمريكية قد تزيد من معاناته.


بدوره، قال المحلل السياسي، سعود المشهداني، إن الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا، التي تشمل تدبير دعم القوات الامنية وحماية الحدود، وتحمل في طياتها مزايا وسلبيات للجانبين.


وأضاف المشهداني في حديث لـه أن الحكومة العراقية تواجه خيارين صعبين: إما أن تطالب بانسحاب القوات الأمريكية من أراضيها، وتتحمل تداعيات ذلك على الأمن والاقتصاد، أو أن تقبل ببقائها وتتعرض لانتقادات من القوى السياسية والشعبية المعارضة للتواجد الأمريكي.


وأشار المشهداني إلى أن الاتفاقية الأمنية تعرضت لخرق من قبل الولايات المتحدة، التي نفذت عمليات استهداف لشخصيات عراقية على الأراضي العراقية، مما أثار غضبا واسعا في الشارع العراقي ودفع البرلمان إلى إصدار قرار يطالب بإنهاء الاتفاقية وخروج القوات الأجنبية.


وقال المشهداني إن الحكومة العراقية تحاول التعامل بحذر مع القوة الأمريكية، التي تمتلك نفوذًا كبيرًا في المنطقة والعالم، وتسعى إلى الحفاظ على مصالحها وسيادتها دون الدخول في تصعيد أو صراعات قد تتطور في المستقبل.


وأكد المشهداني أن العراق بحاجة إلى الكثير من الدبلوماسية والقيادة الحكيمة لإخراج هذا الملف إلى بر الأمان، والتوصل إلى حلول ترضي الجميع وتحقق الاستقرار والتنمية للعراق وشعبه.


ويوم الخميس الماضي، أعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، عن استئناف اللجنة العسكرية العراقية الأمريكية لإنهاء وجود التحالف الدولي اليوم.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة