رغم تحديد رئيس الحكومة موعد الانتخابات المحلية، وإبداء المفوضية استعدادها لإجرائها فيه، إلا أن مراقبين رأوا أن الموعد المحدد "غير مقدس" وقد يصار إلى تأجيله، وهو الخيار الأقرب للتحقق من وجهة نظرهم، وذلك لأسباب عدة، بينها الضغط على التيار الصدري لإعلان المشاركة فيها.
ويقول عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل،إن "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مستعدة لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، وفق الموعد المعلن من قبل الحكومة، خصوصاً أن هذا الموعد حدد بالتنسيق مع المفوضية، فنحن لدينا علم مسبق به".
ويضيف جميل، أن "المفوضية مستمرة بعملها دون أي توقف لإنجاح العملية الانتخابية، فإجراءات تحديث بطاقة الناخب وسجل الناخبين مستمرة، ثم ستأتي مرحلة قبول المرشحين، وبعدها يتم إجراء قرعة لهم بأرقام القوائم، وغيرها من الإجراءات".
وبشأن احتمالية تأجيل الانتخابات، يوضح أن "المفوضية ليس لديها ما يعرقل ويعيق عملها من أجل تأجيل موعد انتخابات مجالس المحافظات، كما أن تأجيل موعد الانتخابات ليس من صلاحية المفوضية، بل هو من صلاحية مجلس النواب ومجلس الوزراء".
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أعلن قبل أيام، عن تحديد يوم 18 من شهر كانون الأول ديسمبر المقبل موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023.
يذكر أن السوداني، قد ضمن في منهاجه الوزاري، إجراء الانتخابات المحلية خلال هذا العام، وقد صوت البرلمان ومجلس الوزراء على المنهاج بكافة فقراته.
من جهته، يوضح المحلل السياسي غالب الدعمي، أن "مواعيد إجراء الانتخابات دائما هي غير مقدسة وقابلة للتأجيل، وهذا الأمر حصل سابقاً ويمكن تكراره، لكن قانون الانتخابات الأخير تضمن فقرة حددت أقصى موعد لإجراء الانتخابات هو 20 كانون الأول من العام الحالي، وهذا يعني أن أي تأجيل يحتاج إلى تعديل القانون من جديد حتى يتم تحديد موعد آخر، وهذا من الناحية القانونية".
ويستطرد الدعمي، "أما سياسيا، فهناك إمكانية كبيرة لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات، غير الذي أعلنت عنه الحكومة، على الرغم من وجود جهات في الإطار التنسيقي لا تريد تأجيل هذه الانتخابات، فهي تعتقد أن الفرصة الحالية كبيرة وواسعة من أجل تشديد قبضها على كافة مفاصل الحكومات المحلية من المحافظين وغيرها من المناصب في المحافظات"، موضحا أن "الأسباب السياسية لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات، واردة جداً، وهذا الأمر ربما يتضح بشكل أكبر عند اقتراب الموعد".
يذكر أن الكتلة الصدرية انسحبت من البرلمان بتوجيه من زعيم التيار مقتدى الصدر، في حزيران يونيو الماضي، وذلك بعد خلافات امتدت لأكثر من عام حول تشكيل الحكومة، حيث كان الصدر يطالب بحكومة أغلبية بعد فوزه بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، فيما تمسك الإطار التنسيقي بالتوافق.
وبعد استقالة كتلة الصدر النيابية، أثيرت مؤخراً مسألة "أصحاب القضية"، وهم جماعة في التيار يؤمنون أن الصدر هو الإمام المهدي المنتظر، حسب الموروث الشيعي، وهذا الأمر دفع الصدر إلى إيقاف نشاط التيار السياسي والاجتماعي والأمني بالكامل، وأغلق المؤسسات الخاصة به، وقرر عدم خوض الانتخابات أيضا.
وكانت معلومات تناقلتها يوم أمس وسائل إعلام محلية، تفيد بأن الصدر قرر المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، عبر ثلاث قوائم انتخابية، لكنها لا تحمل الاسم الصريح للتيار الصدري إلا أنها مرتبطة به، وهو الأمر الذي توقعه محللون في تقرير سابق.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي فلاح المشعل،أن "بعض قوى الإطار التنسيقي تدفع نحو تأجيل انتخابات مجالس المحافظات إلى شهر نيسان سنة 2024، من أجل تشجيع التيار الصدري على المشاركة بهذه الانتخابات، فالتيار حتى الساعة لم يعط رأياً بالمشاركة أو المقاطعة"، متوقعا "مشاركة قوية للتيار".
ويتابع المشعل، "رغم تحديد موعد انتخابات مجالس المحافظات من قبل الحكومة، إلا أنه غير نهائي، فهناك إمكانية كبيرة جداً لتأجيلها لموعد جديد، وحسم الموعد النهائي ربما سيكون خلال الشهرين المقبلين، فالمواعيد غير مقدسة وغير ثابتة ويمكن أن تتغير وفق المصالح والأجندة السياسية بكل سهولة".
وبشأن نسبة المشاركة المتوقعة في هذه الانتخابات، يتوقع "انخفاض نسبة مشاركة الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات، وهذا الأمر سوف تستفيد منه بشكل كبير قوى الإطار التنسيقي، لأن جمهورها هو الذي سيشارك بقوة في هذه الانتخابات، لكن لو حصلت مشاركة قوية من جمهور التيار الصدري وتوحيد جهود القوى المدنية، فإنه سيقلل من هيمنة قوى الإطار على كامل الحكومات المحلية في المحافظات".
وشهدت الانتخابات السابقة، التي جرت وفقا لنظام الدوائر المتعددة، تنافس نواب ووزراء سابقين، في دائرة انتخابية واحدة، ما حجّم نسب فوزهم على عكس جميع الانتخابات التي مرت، فضلا عن غياب الزعامات السياسية عن السباق الانتخابي واكتفت بدعم وقيادة مرشحي الكتلة فقط.
وحملت نتائج الانتخابات الأخيرة مفاجآت عديدة، أبرزها فوز نحو 40 مرشحا مستقلا بمقاعد نيابية، فضلا عن حصول حركة امتداد المنبثقة من تظاهرات تشرين على 9 مقاعد، فيما حصل تحالف الفتح، المكون من القوى السياسية الممثلة لفصائل المقاومة، على 15 مقعدا، فيما حصلت الكتلة الصدرية على 73 مقعدا.
وكانت مصادر سلطت الضوء على قانون سانت ليغو، ووفقا لمراقبين بالشأن السياسي فأنه سيؤدي إلى خفض نسبة المشاركة بالانتخابات لمستوى أقل من الانتخابات الأخيرة، والتي عدت في حينها بأنها أقل نسبة مشاركة منذ العام 2003.