كشف التعداد السكاني، عن متغيرات جديدة، قد تنعكس على العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وذلك بعد إظهار التعداد لنسبة أقل من المعلنة لسكان الإقليم، ما سيؤثر على حصة الأخير من الموازنة الاتحادية، والتي ترتبط في العادة بحجم السكان.وأظهرت نتائج التعداد، أن نسبة مواطني إقليم كردستان تبلغ 14 بالمئة من مجموع سكان البلد، الذي بلغ أكثر من 45 مليونا، بعد أن كانت تقديرات الإقليم تشير إلى أن نسبة سكان الإقليم أكثر من 16 بالمئة، وعلى أساسها كان يطالب بالحصول على نسبة 17 بالمئة من الموازنة الاتحادية، وذلك منذ عام 2015، فضلا عن منحه 46 مقعدا في البرلمان الاتحادي.ويقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، خلال حديث”، إن “نتائج التعداد السكاني لم تكن شفافة بمستوى كبير، وفيها تلاعب بزيادة عدد السكان في محافظات معينة”.
ويضيف كريم، أن “التعداد السكاني أظهر تزويرا بما يقاب الـ3 ملايين نسمة، حيث أن عدد سكان العراق لا يتجاوز 42 بأي شكل من الأشكال، ولكن هذه الزيادة حصلت في مناطق وسط وجنوب العراق، لأنه تم تسجيل الأسماء الموجودة خارج البلد”.
ويصر على أن “سكان إقليم كردستان تبلغ نسبة 16 بالمئة أو أكثر بقليل، وفقا للتقديرات الموجودة”، لكنه يرى “ضرورة تعامل الحكومة ومؤسسات الدولة الاتحادية مع النسبة التي أظهرها التعداد السكاني، لأن ما يصلنا من موازنة هو 12 بالمئة فقط، وهذا غير قانوني إطلاقا”.وكان وزير التخطيط في حكومة إقليم كردستان دارا رشيد، أعلن نتائج التعداد السكاني في الإقليم، وفيها أكد أن عدد السكان بلغ 6 ملايين و370 ألف نسمة، وأن عدد الذكور بلغ 3 ملايين و200 ألف، بنسبة 50،24 بالمئة، وعدد الإناث 3 ملايين و170 ألفا، بنسبة 49،76 بالمئة.
وكان مجلس وزراء إقليم كردستان، عقد يوم أمس الأربعاء، وفيه أعرب المجلس عن قلقه إزاء عدم احتساب مئات الآلاف من سكان المناطق الحدودية لإقليم كردستان، بما في ذلك شيخان، وزلكان، وكلكجي، وناحية فايدة، وجزء من قضاء سيميل، وأقضية بردرش، وخبات، ومخمور، داعيا الحكومة الاتحادية إلى تصحيح هذا الإجراء وضمان تسجيل هؤلاء الأفراد ضمن مناطقهم الصحيحة المتمثلة بإقليم كردستان.
ووجه مجلس الوزراء سكرتاريته بإرسال كتاب إلى مجلس الوزراء الاتحادي، يتضمن المقترحات التي أقرها الاجتماع، بهدف اعتماد النسبة الجديدة لسكان إقليم كردستان كأساس لتحديد حصة الإقليم من جميع مستحقاته الدستورية في الحكومة الاتحادية اعتبارا من الآن، وللسنة المالية 2025.إلى ذلك، يبين مسؤول التعداد العام للسكان في إقليم كردستان محمود عثمان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “معدل النمو السكاني في عموم العراق تراجع، وليس في الإقليم فقط”.
ويضيف عثمان، أن “انخفاض معدل النمو السكاني يعود لتطور المستوى التعليمي والثقافي، حيث أن أغلب العوائل تكتفي بولد أو اثنين كأكثر حد، على عكس السنوات السابقة، حيث كان يصل معدل العائلة الواحدة إلى 7 أو 8 أفراد”، مبينا أن “معدل النمو السكاني في الإقليم مقارب لما حصل في باقي المحافظات، ولا أتوقع أن تتأثر نسبة كردستان في الموازنة، أو الإلتزامات المالية الأخرى، مثل عدد المقاعد البرلمانية وغيرها”.
وأعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي، أن عدد سكان العراق بلغ 45 مليونا و407 آلاف و895 نسمة، وفق عملية التعداد العام للسكان، التي جرت في البلاد يومي 20 و21 من شهر تشرين الثاني نوفمبر الحالي.وشهد العراق آخر تعداد عام للسكان شمل جميع محافظاته سنة 1987، ورغم أن البلد أجرى تعدادا آخر للسكان في 1997، إلا أنه لم يشمل محافظات إقليم كردستان، لأنها كانت شبه مستقلة في عهد النظام السابق.من جانبه، يرى عضو برلمان إقليم كردستان السابق عثمان كريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أي نسبة تعلن عن عدد سكان الإقليم، فهي غير مضبوطة بنسبة 100 بالمئة، لأن أكثر سكان الخارج من الجالية العراقية في دول أوروبا، هم من سكان كردستان”.ويلفت كريم، إلى أنه “بسبب الأزمة الاقتصادية، فإن الآلاف من الشباب هاجروا من الإقليم، ونسبة الإقليم لن تكون مضبوطة وكاملة، إذا لم تحتسب الجالية العراقية في الخارج”، مبينا أن “نتائج التعداد السكاني يجب أن لا تكون فيها مزايدات ومحسوبيات سياسية، وأن يتم توزيع حصة الموازنة، وباقي الامتيازات بعدالة، وهنالك مناطق لم تصلها فرق الإحصاء، وخاصة المناطق الجبلية والحدودية”.
يشار إلى أن إقليم كردستان، طالب بتأجيل التعداد السكاني، لحين حسم مسألة المادة 140 من الدستور، الخاصة بالمناطق المتنازع عليها، وبتطبيع وتهيئة الأوضاع في تلك المناطق وإيجاد حل لسكانها.إلى ذلك، يؤكد الباحث في الشأن السياسي شيرزاد مصطفى، خلال حديث”، أنه “على البرلمان والحكومة الاتحادية، أن تنظر إلى الإقليم بعدالة، أثناء توزيع الحصص من الموازنة، وباقي الامتيازات”.ويشير مصطفى، إلى أنه “في الإقليم يعيش أكثر من مليوني مواطن من أبناء القومية العربية، من مواطني بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، وأيضا الآلاف من اللاجئين من دول أخرى، وهؤلاء يحتاجون لخدمات في مختلف الجوانب، وهذا يجب مراعته في عملية احتساب حصة الموازنة”.ويوضح أن “التعداد مثل خسارة للكرد، الذين كانوا يتوقعوا أن تكون حصة كردستان أكبر، خاصة وأنهم تحدثوا مرات عديدة عن المظلومية في احتساب حصتهم من الموازنة، لكن التعداد أعطى انطباعا آخر ووضعا جديدا”.
يذكر أن الخلافات بشأن حصة الإقليم في الموازنة، تثار كل عام، وذلك بسبب التزامه بما يرد في الموازنة والقوانين الأخرى الخاصة بتصدير النفط، قبل أن يتوقف تصديره عبر خط ميناء جيهان التركي، وبدأت بغداد بدفع رواتب موظفيه على شكل سلف تسلم له، ومن ثم بدأ العمل بتطوين الرواتب حسب قرار المحكمة الاتحادية.