12 Jun
12Jun

شكّل الاقتراض الخارجي في الموازنة، ما نسبته 20 بالمئة من إجمالي الإنفاق الاستثماري، وذهب أغلبه نحو تطوير أهم قطاعين في البلاد وهما الكهرباء والصحة، وفيما بين مستشار حكومي، أن مبالغ الاقتراض تسحب تباعا لتنفيذ المشاريع وبشكل تدريجي، انتقد متخصصون بالاقتصاد هذه العملية لكونها لم تحقق المطلوب إذ ما زالت القطاعات التي تذهب لها الأموال تعاني من مشاكل كبيرة، مبينين أن الاقتراض يؤكد عجز الدولة عن تنفيذ المشاريع بمفردها.

ويقول المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح،إن "الاقتراض الخارجي الوارد في الموازنة هو لأغراض المشاريع الاستثمارية وهي محدودة في الأحوال كافة، ولا تشكل سوى 20 بالمئة من الإنفاق الاستثماري الحكومي في الموازنة، الذي يشكل 25 بالمئة من إجمالي الإنفاق العام".

ويضيف صالح، أن "تلك القروض هي في الغالب التزامات قديمة عن اتفاقات جرت بين العراق والمؤسسات والحكومات الأجنبية، والتي نصت على الالتزام بتقديم قروض، ولكن يتم السحب منها لحساب استكمال تنفيذ المشاريع الاستثمارية سنويا وبشكل تدريجي، مثل القرض الياباني الحكومي (جايكا) أو جزء من قرض بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي وغيرهما".

ويتابع أن "هذه القروض بالغالب تخصيصات لقاء سحب الجزء المخصص للقرض كتمويل، أي لاستكمال أو تنفيذ مشاريع استثمارية حكومية".

وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، والتي باشر مجلس النواب بالتصويت عليها منذ الخميس الماضي، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار.

يذكر أن تطوير قطاع الكهرباء في العراق، دائما ما تضمنه الموازنات، وكان آخرها موازنة 2021، حيث تضمنت بنودا عديدة حول صيانة محطات الطاقة الكهربائية، منها قروض بضمانات مؤسسة الصادرات الدولية بقيمة 145 مليون دينار، و100 مليون دولار، فضلا عن تمويل صيانة محطة الدورة في بغداد بمبلغ 301 مليون دولار.

جدير بالذكر، أن وزارة الكهرباء، أعلنت الشهر الماضي، عن وجود مجموعة من الخطط تعمل عليها، وأقرت جزءاً منها داخل البرنامج الحكومي وجزءاً على الموازنة والجزء الآخر على القروض.

يذكر أن هذه الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير، وفقا لتقرير سابق وفيه أكد متخصصون بالاقتصاد أن هذا الأمر سيجبر الدولة على الاقتراض.

من جهته، يبين الباحث في الشأن المالي مصطفى اكرم حنتوش، أن "الاقتراض الخارجي دائما ما يتركز على مشاريع الكهرباء والصحة في العراق، لكن في الواقع هذين القطاعين يعانيان من كوارث كبيرة، فالمؤسسات الصحية الحكومية منقوصة البنى التحتية والعلاجات وغيرها من الأمور الطبية والصحية، وملف الكهرباء تصرف عليه مليارات الدولارات ولا نرى أي تقدم حقيقي به".

ويؤكد حنتوش أن "هناك سوء إدارة وشبهات فساد بقضية التصرف ببعض أموال الاقتراض"، مبينا أن "الجهات الرقابية كديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، مطالبة بمراجعة صرف أموال الاقتراض ونسب الإنجاز المتحققة بالمشاريع التي تم تمويلها منها، كما يجب أن تكون هناك رقابة برلمانية شديدة قبل موافقة مجلس النواب على أي فقرة تخص الاقتراض بقانون الموازنة، لأنها ستزيد من ديون العراق دون تحقيق أي إنجاز".

يشار إلى أن الواقع الصحي في العراق يعاني من مشاكل عدة، بداية من تقادم المستشفيات وعدم تأهيلها، إضافة إلى الإهمال في الجوانب الخدمية والسلامة وعدم توفر الأدوية.

وكان موقع "نومبيو" الذي يعنى بالمستوى المعيشي لدول العالم، أعلن منتصف أيار مايو الماضي، تصنيفه الخاص بالرعاية الصحية في العالم للعام الحالي، وفي قائمته التي ضمت أسوأ البلدان بالرعاية الصحية، جاءت فنزويلا بالمرتبة الأولى بحصولها على 39.35 نقطة، ومن ثم تلتها بنغلاديش بـ42.3 نقطة، والعراق ثالثا بـ43.46 نقطة.

وبحسب التصنيف فقد حلت تايوان كأفضل نظام رعاية صحية بمؤشر 85.9 نقطة، تليها كوريا الجنوبية بمؤشر 83 نقطة، ومن ثم جاءت اليابان ثالثاً بـ80.4 نقطة، وتليها فرنسا رابعاً بـ79.4 نقطة، تليها الدنمارك خامساً بـ79.2 نقطة.

إلى ذلك، تبين الخبيرة في الشأن الاقتصادي سلام سميسم، أن "استمرار الحكومة العراقية بالاقتراض الخارجي، له تبعات اقتصادية خطيرة على المستقبل البعيد أو القريب، كما هناك تأثير مباشر على قوة الدينار العراقي، فقوة الدينار تعتمد بالدرجة الأساس على حجم الديون الخارجية للعراق".

وتؤكد سميسم، أن "استمرار الحكومات بالاقتراض لتمويل الموازنة، يؤكد عدم وجود أي خطط اقتصادية ومالية، وكذلك يؤكد وجود عجز مالي حقيقي في الموازنة، ولهذا يتم اللجوء إلى الاقتراض من أجل سد جزء من هذا العجز، خصوصاً في ما يتعلق بالموازنة الاستثمارية، التي تعاني من قلة التخصيصات بشكل كبير".

وتضيف، "نخشى من وصول الأمور لمستويات خطيرة خلال السنوات المقبلة بشأن زيادة نسبة الاقتراض من أجل تمويل الموازنة، خصوصاً مع وجود مخاوف من انخفاض حاد بأسعار النفط في السوق العالمي، فهذا سيدفع الحكومة بكل تأكيد لزيادة حجم الاقتراض من أجل توفير رواتب الموظفين وغيرها من الالتزامات المالية واجبة الدفع".

وبلغت قيمة موازنة العام الحالي والعامين المقبلين، 198 تريليون دينار (نحو 150 مليار دولار) لكل عام، وتم بناء الموازنة على سعر 70 دولارا للبرميل، فيما بلغت نسبة العجز فيها 63 تريليون دينار.

يشار إلى أن أعلى موازنة في تاريخ البلد، كانت في عام 2012، خلال تولي نوري المالكي لدورته الحكومية الثانية، بواقع 118 مليار دولار، وعدت في حينها بـ"الموازنة الانفجارية".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة