23 Jul
23Jul

بعد انسحابه من العملية السياسية، بات التيار الصدري يظهر كثيرا في المناسبات والأحداث التي تشهدها البلاد، إذ يرى مراقبون أن التظاهرات الصدرية ضد حرق القرآن والعلم العراقي، تحمل في باطنها محاولة أخرى لإثبات وجوده في المشهد وتحذيرا لخصومهم من تهميشهم، وسط توقعات بأن تشهد الفترة المقبلة تصعيدا أكبر من قبله مع اقتراب الانتخابات المحلية.

وتعليقا على دور التيار الصدري البارز في التظاهرات المناهضة لحرق القرآن والعلم العراقي في السويد والدنمارك، يقول قياديّ بارز في التيار، إن "تظاهرات الصدريين الاحتجاجية على حرق القرآن والعلم العراقي ضد السفارتين السويدية والدنماركية، جاءت وفق توجيهات مركزية صادرة من قيادة التيار، فالقاعدة الشعبية الصدرية، لا يمكن لها التحرك والنزول للشارع دون وجود توجيهات رسمية".

وحول تضمين تلك التظاهرات رسائل أخرى لأطراف سياسية داخلية، يقر القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، بذلك قائلا إن "الهدف الأساسي لهذه التظاهرات، بكل تأكيد هو رفض حرق القرآن والعلم العراقي، لكنها لا تخلو من رسائل سياسية لحكومة محمد شياع السوداني والإطار التنسيقي الداعم والمشكّل لها".

ويوضح أن "الرسائل التي يراد إيصالها من هذه الاحتجاجات هي أن التيار الصدري ما زال متواجدا وبقوة في المشهد السياسي، ويمكن له العودة بقوة متى ما أراد، كذلك تأتي التظاهرات مع قرب مرور عام على تشكيل حكومة السوداني، وبكل تأكيد هناك تقييم لعمل الحكومة من قبل قيادة التيار الصدري، ويمكن أن تكون لهذا التقييم مواقف أخرى في قادم الأيام".

وشهدت العاصمة بغداد، فجر يوم أمس السبت، تظاهرات كبيرة في ساحة التحرير من قبل التيار الصدري، احتجاجا على حرق نسخة من القرآن الكريم والعلم العراقي، أمام السفارة العراقية في الدنمارك.

وسرعان ما انتشرت الأجهزة الأمنية في ساحة التحرير وسط بغداد، وتم إغلاق جسري السنك والجمهورية المؤديين إلى المنطقة الخضراء، لكن المتظاهرين اقتحموا الطوق الأمني وعبروا جسر الجمهورية باتجاه بوابات المنطقة الخضراء، قبل أن يعودوا لساحة التحرير.

وخرج مساء أمس، أنصار قوى الإطار التنسيقي، بتظاهرة في ساحة الحرية بمنطقة الجادرية، احتجاجا أيضا على تكرار الإساءة للقرآن الكريم.

من جهته، يرى المحلل السياسي المقرّب من الإطار التنسيقي عماد المسافر، أن "من الأخطاء الشائعة هو اعتزال التيار الصدري العمل السياسي، والأصح هو اعتزال زعيم التيار مقتدى الصدر العمل السياسي، فالتيار ما زال ممثلا داخل العملية السياسية ولديه مناصب كثيرة في مؤسسات الدولة كافة".

ويبين المسافر، أن "التيار الصدري يمتلك الإمكانية للعودة إلى العمل السياسي بصورة علنية من خلال صناديق الاقتراع"، لافتا إلى أن "محاولة دخول أنصار التيار الصدري للمنطقة الخضراء من أجل مهاجمة السفارة الدنماركية، يتنافى مع ما يطرحه الصدر، بأن التيار ضد الاعتداء على البعثات الدبلوماسية".

ويضيف أن "استخدام العنف ليس من مصلحة أحد والاستقرار السياسي يخدم الجميع، واقتحام السفارة السويدية من قبل الصدريين، والتي عبر عنها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بانها لحظة عاطفية، والعواطف في العمل السياسي، تكاد تكون من الأخطاء القاتلة، فلا يمكن للسياسيين السير خلف عواطفهم، وإذا كان هناك انضباط كبير كما يدعي أنصار التيار الصدري، فعليه الالتزام بتعليمات زعيمهم مقتدى الصدر للحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني".

يذكر أن الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وفي كلمة له يوم أمس، أكد أن واجب الدولة والحكومة حماية البعثات الدبلوماسية وهي لم تقصر بما مطلوب منها ويجب الابتعاد عن أي تصرف يضعف العراق كدولة، كما أشاد بدور الأجهزة الأمنية حيث "قامت بواجبها بشكل مهني واحترافي".

يشار إلى أن أنصار التيار الصدري، أقدموا على حرق مبنى السفارة السويدية في بغداد قبل أيام، وذلك قبل أن تقرر الحكومة طرد السفيرة وقطع العلاقات الدبلوماسية معها.

وقد أثار حرق مبنى السفارة ردود فعل دولية، حيث أدانت كل الدول والأمم المتحدة التعدي على البعثات الدبلوماسية، وهو ما رفضته أيضا وزارة الخارجية العراقية والحكومة العراقية، ووجه السوداني بحماية الممتلكات العامة والالتزام بالتظاهر السلمي فقط.

بالمقابل، يشير المحلل السياسي أحمد الشريفي، أن "محاولة أنصار التيار الصدري دخول المنطقة الخضراء، لا يخلو من الرسائل السياسية للإطار التنسيقي، بأن الصدريين ما زالوا متواجدين في المشهد وهي رسائل بأنهم قريبون جداً من العودة للساحة السياسية".

ويبين الشريفي، أن "الإطار التنسيقي يعلم جيداً أن تظاهرات الصدريين رسائل لهم، ولذا كان هناك تعامل أمني مشدد لمنع دخول الصدريين للمنطقة الخضراء، فهذا الأمر قد يحسب ضعفا على حكومة محمد شياع السوداني، لكن الصدريين يستطيعون دخول المنطقة، بيد أن توجيها رسميا لم يصدر بدخول المنطقة الخضراء أو نزول الصدريين بشكل رسمي ودعوة مباشرة من قبل زعيمهم أو من يمثله، فلو كانت هناك دعوة لاختلف الوضع كثيراً".

ويتوقع المحلل السياسي، أن "الفترة المقبلة، وخصوصاً مع قرب انتخابات مجالس المحافظات، ستشهد تصعيدا من قبل أنصار التيار الصدري في الشارع، وربما هذا التصعيد أيضا لن يكون بدعوة مباشرة وعلنية من قيادة التيار، خصوصاً أن الصدريين لن يسمحوا بتهميشهم بشكل أكبر من قبل الإطار التنسيقي، خصوصاً في ما يتعلق بالحكومات المحلية".

يذكر أن الكتلة الصدرية انسحبت من البرلمان بتوجيه من زعيم التيار مقتدى الصدر، في حزيران يونيو الماضي، وذلك بعد خلافات امتدت لأكثر من عام حول تشكيل الحكومة، حيث كان الصدر يطالب بحكومة أغلبية بعد فوزه بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، فيما تمسك الإطار التنسيقي بالتوافق.

وبعد استقالة كتلة الصدر النيابية، أثيرت مسألة "أصحاب القضية"، وهم جماعة في التيار يؤمنون أن الصدر هو الإمام المهدي المنتظر، حسب الموروث الشيعي، وهذا الأمر دفع الصدر إلى إيقاف نشاط التيار السياسي والاجتماعي والأمني بالكامل، وأغلق المؤسسات الخاصة به، وقرر عدم خوض الانتخابات أيضاً.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة