23 Jul
23Jul

بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، قررت الحكومة المحلية في صلاح الدين غلق “البحيرة الرمادية” في قضاء آمرلي شرقي المحافظة أمام صائدي الأسماك بعد أن شهدت هجوما شنه إرهابيون من تنظيم داعش أسفر عن سقوط ضحايا، بعد سنوات من الاستقرار الأمني الذي تشهده المنطقة.
ويقول قائممقام قضاء آمرلي، ميثم نوري، خلال حديث لـه، إن “محيط بحيرة آمرلي ليس آمن في ظل وجود فراغات مترامية الأطراف بسبب الجغرافيا المعقدة من تلال ومنحدرات ما يجعل تأمينها بشكل كامل يحتاج إلى قوات أكبر، إضافة إلى أن عناصر داعش يعتمدون أسلوبا غادرا وهو أضرب وأهرب وهم يستغلون الناس البسطاء الذين لا يحتاطون كثيرا لأمنهم الشخصي ويقومون بقتلهم بدم بارد”.
ويضيف نوري، أن “الصيد في بحيرة آمرلي ممنوع حاليا لدواعي أمنية وتم التأكيد على الصيادين كافة وحتى المواطنين بضرورة الالتزام بالإرشادات لتفادي سقوط المزيد من الضحايا، فداعش يتبرص بالمواطنين من خلال التلال المترامية وهي تحاول قتل الأبرياء”.
ويشير إلى أن “مقتل الصياد وابنه قبل أسبوع حادثة مؤلمة للجميع ونأمل أن لا تتكرر، وحاليا الأجهزة الأمنية تنتشر في دوريات ومرابطات لكن اتساع البحيرة وعدم وجود مكان محدد للصيد يجعل تأمينها على مدار اليوم بحاجة للمزيد من القوات والجهد الأمني”.
وكان عناصر من تنظيم داعش قد هاجموا صيادي أسماك في منطقة حاوي اللبن قرب بحيرة آمرلي والتي يُطلق عليها “البحيرة الرمادية” في 8 تموز يوليو الجاري، ما أسفر عن مقتل اثنين من الصيادين على الفور.
بدوره يؤكد تقي حسن، صياد أسماك، خلال حديث لـه، أن “البحيرة الرمادية تقع ضمن محيط ما يزال يضم خلايا داعشية لأن المحيط الشرقي الممتد من تلال حمرين باتجاه طوزخورماتو يضم الكثير من المناطق النائية التي نرى أنها تضم خلايا متطرفة”.
ويبين أن “الصياد وابنه اللذين راحا ضحية تنظيم داعش الأسبوع الماضي كانا يعملان من أجل لقمة الخبز وقتلا من قبل الإرهاب الأعمى ما سبب صدمة لباقي الصيادين وجعلنا نحجم عن التوجه إلى البحيرة”.
يشار إلى أن محافظة صلاح الدين وعلى الرغم من إعلان الانتصار على تنظيم داعش أواخر العام 2017، إلا أنها ما زالت تشهد بين وقت وآخر عمليات إرهابية تنفذها الخلايا النائمة للتنظيم، وخصوصا في المناطق الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقية منها، وكان آخرها ما جرى في بحيرة آمرلي.
من جانبها، يشير النائبة السابقة عن صلاح الدين، منار عبد المطلب، خلال حديث له، إلى أن “جزءا مهما من تكرار الخروقات في المحافظة هي الفراغات الأمنية فالقوات الأمنية غير قادرة على مسك الأرض وتأمينها بالكامل ويجب السماح بعودة الأهالي إلى القرى التي نزحوا منها ليشاركوا في هذا الجهد لكونهم أجدر بتمييز الغرباء عن المنطقة”.
وتلفت إلى أنه “لا يمكن نشر جندي أو شرطي في كل متر على أراضي صلاح الدين، كما أن خلايا داعش لا تواجه بل تغدر وهي ترى أي إنسان أعزل هدفا لرصاصاتها الغادرة”.
يشار إلى أن قيادة العمليات المشتركة أعلنت في 15 تموز يوليو الجاري، في بيان تلقت “النافذة” نسخة منه، أنه “تم رصد وكر بداخله عناصر إرهابية في محافظة صلاح الدين، حيث تمكن صقور الجو بواسطة طائرات F_16 التابعة لقيادة القوة الجوية وفقا لهذه المعلومات المؤكدة من استهداف هذا الوكر، وتدميره بالكامل على رؤوس العناصر الإرهابية”.
إلى ذلك، يشدد الخبير الأمني إسحاق النعيمي، خلال حديث له أن “جبال بلكانة ومحيط طوزخورماتو وصولا إلى حاوي اللبن في محافظة صلاح الدين، هي امتداد جغرافي معقد لا يمكن تغطيته من قبل القوات الأمنية لأننا نتحدث عن أرض تمتد لعشرات الكليومترات في ظل تعقيدات كبيرة جدا”.
ويلفت إلى أن “سر ديمومة خلايا داعش هي مفارز الدعم اللوجستي التي توفر الطعام والمياه وحتى الأدوية وصولا إلى الأعتدة، وكشف تلك الخلايا هي بداية النهاية ما تبقى من خلايا التنظيم في المناطق النائية”.
ويختم النعيمي أن “البحيرة الرمادية تقع في جغرافيا تتضمن عدة تحديات، فهي شبه منعزلة رغم وجود بعض الطرق القريبة منها، وبالتالي منع الصيد ولو بشكل مؤقت قرار صائب للحفاظ على أرواح البسطاء لغاية ما يتم القضاء على فلول داعش، وعدد هؤلاء لا يتجاوز 10 أفراد في الأغلب لأن التنظيم يتحرك بمفارز حاليا من 2-4 أشخاص”.
وما زالت المثلث الجغرافي الذي يربط محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك يمثل تحديا أمنيا للقوات بسبب طبيعته الجغرافية الوعرة حيث يتضمن جبالا وتلالا ووديان ومنحدرات وأراضٍ متموجة وبمساحات شاسعة تصعب السيطرة عليها أمنيا.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة