في لقاء مع مجلة «نيوزويك» الأميركية، شككت فصائل مسلحة عراقية في مصداقية الولايات المتحدة بشأن سحب قواتها من العراق، وفقاً لما أشارت إليه تقارير صحفية مؤخراً بالتوصل إلى تفاهمات مع الحكومة العراقية بهذا الشأن، مشيرة إلى أن الغموض لا يزال يكتنف هذه المباحثات، وأن الولايات المتحدة ستتنصل عن وعودها بهدف الاستمرار في البقاء بالمنطقة لأطول فترة ممكنة لخلق الفتنة وعدم الاستقرار في العراق والمنطقة بشكل عام.
كانت وكالة «رويترز» أول من أورد خبر التوصل لاتفاق سحب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية عام 2026، مستندةً إلى مصادر لم تسمّها، ذكرت أن سحب القوات سيشمل تقليصاً أولياً بعدة مئات من القوات البالغ عددها 2500 جندي أميركي موجودين في العراق، حيث سيغادرون البلاد في أيلول، على أن تنسحب بقية الأعداد المتبقية بنهاية عام 2026.
في حين ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الصفقة لا تزال بانتظار الضوء الأخضر الأخير، أفصح رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في لقاء مع وكالة «بلومبيرغ» الأحد، أن لجنة عسكرية مشتركة قد تم تشكيلها بين الطرفين العام الماضي لمناقشة موضوع انسحاب القوات الأميركية من العراق، وأنه تم التوصل إلى تفاهم لوضع خطة لهذا الانسحاب، وأن إعلاناً رسمياً سيصدر خلال مؤتمر دولي قادم حول مكافحة تنظيم داعش الإرهابي.
تقول «نيوزويك» إنه بينما أكد السوداني على «انتفاء مبررات» بقاء تواجد التحالف الدولي لتقهقر تهديدات تنظيم داعش طوال العقد الماضي، فإن فصائل مسلحة، تقف ضد كل من داعش والتواجد العسكري الأميركي في البلاد، ما تزال تشكك في مصداقية واشنطن بشأن استعدادها الحقيقي للمغادرة.صرح حسين الموسوي، المتحدث باسم حركة النجباء، لمجلة «نيوزويك» قائلاً: «أولاً، إن الحكومة العراقية بكل مفاصلها من هيئات سياسية وعسكرية لها صلة بالمباحثات مع الجانب الأميركي، لم تعطِنا موقفاً واضحاً وصريحاً عن حصيلة اتفاقاتها وحواراتها مع الجانب الأميركي، وإن كل شيء كان غامضاً ومبهماً حول هذه الاجتماعات الثنائية ونتائجها غير معروفة للعراقيين».
ومضى الموسوي بقوله: «هذا من جانب، أما ما يتعلق بموقف الحركة، فنحن نبقى نقول إننا غير مقتنعين بالوعود الأميركية، وإن أميركا لن تفي بوعودها وستستمر في التنصل من ذلك لأجل البقاء في المنطقة لأطول فترة ممكنة، من خلال إثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق والمنطقة بشكل عام».
لكن متحدث باسم الخارجية الأميركية قال لـ «نيوزويك» في تعليق له إن «هجمات متهورة من قبل مجاميع مسلحة مدعومة من إيران في العراق تخدم فقط لعزل النظام الإيراني أكثر، بينما تضر في الوقت نفسه بجهود العراق في تخطي نطاق المعارك والحروب التي استمرت على مدى عقدين من الزمن».
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأميركية قائلاً: «كما قلنا سابقاً، فإنه من الواضح أن الذين يقفون وراء هكذا هجمات إنما يقوضون استقرار العراق». وأشار تقرير المجلة الأميركية إلى أنه بعد انحسار تهديدات تنظيم داعش عقب مواجهات من قبل قوات محلية وإقليمية ودولية، طالبت عدة فصائل مسلحة عراقية بانسحاب القوات الأميركية من البلاد، وازدادت حدة هذه المطالب بعد إقدام الولايات المتحدة في كانون الثاني عام 2020 على اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب قائد قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بهجوم طائرة مسيرة على موكبهم قرب مطار بغداد.في الوقت الحاضر، برزت الحرب الدائرة في غزة كعامل آخر لعدم الاستقرار في العراق.
منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول الماضي، شنت حركة النجباء وفصائل مسلحة أخرى مثل كتائب حزب الله مجموعة هجمات استهدفت إسرائيل وقوات أميركية في العراق وسوريا تحت غطاء المقاومة الإسلامية في العراق.كان المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، قد امتنع في إيجاز صحفي له الاثنين عن إعطاء أي تطورات جديدة فيما يتعلق بمباحثات سحب القوات، مشيراً فقط إلى أن «إدارة بايدن عقدت عدداً من المباحثات مع الحكومة العراقية هذا العام حول مستقبل قواتنا المتواجدة هناك».
وقال ميلر: «لقد كنا واضحين معهم بأننا سنراجع مع الحكومة العراقية عدداً من العوامل لتقرير متى وكيف يتم إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق والانتقال بشكل منظم إلى مرحلة علاقة أمنية ثنائية متواصلة بما يتلاءم مع الدستور العراقي وأحكام اتفاقية الإطار الستراتيجي المشترك بين الولايات المتحدة والعراق، وأن هذه المباحثات مستمرة».وفي اليوم التالي، امتنع أيضاً المتحدث باسم البنتاغون، الجنرال باترك رايدر، خلال إيجازه الصحفي عن الحديث عن أي اتفاقيات بهذا الشأن.
وقال رايدر: «كما تحدثنا في السابق، فإن الولايات المتحدة والعراق، وضمن مناقشات على أعلى المستويات بين رئيس الوزراء العراقي والرئيس الأميركي، تم تسليط الضوء خلالها على أننا نخوض نقاشات حول كيفية الانتقال من مرحلة مهمة التحالف الدولي إلى علاقة تنسيق أمني ثنائية أميركية عراقية مستمرة».