الجدل حول هدم منارة جامع السراجي مستمر في العراق وسط استغراب البعض من الأدلة المقدمة لضرورة هدمه وسط رفض وزارة الثقافة عملية الهدم.
ففي ساعات الفجر الأولى من 14 يوليو (تموز) الجاري، تفاجأ سكان محافظة البصرة في العراق بوجود معدات ضخمة بدأت في هدم منارة جامع السراجي التاريخية التي تقع في منطقة أبي الخصيب جنوب المحافظة بهدف توسعة الطريق الذي يشهد ازدحامات مرورية.
وظهر محافظ البصرة أسعد العيداني في فيديو له خلال إشرافه على عملية هدم المنارة التاريخية قائلاً “البعض يقول إن هذا الجامع تاريخي ورفعوا أصواتهم، لكن عملية الإزالة تمت بالتنسيق مع الوقف السني، إذ إنه كان في منتصف الشارع، وبعد إزالة الأنقاض ستتم تسوية الأرض وبناء مسجد جديد من قبل المحافظة، فيما سيخدم الشارع كل الناس”.
إرث عتيق
يعد جامع السراجي من مساجد العراق التاريخية القديمة في مدينة البصرة، ويتميز بعمارته الأثرية والتراثية، وبني في عام 1727 بقرية السراجي التي تقع في بداية الطريق الذي يربط أبي الخصيب بالبصرة، وجاء في معنى القرية أنه كان يسكنها الزاهدون والعباد، وتبلغ مساحته 1900 متر، وله مصلى واسع طوله 18 متراً وعرضه 11 متراً ومحاط بالنوافذ من كل جانب.
يعتبر الجامع من أوسع مساجد المحافظة مساحة قديماً، حيث كان يسمى المسجد الكبير في البصرة قبل بناء المساجد الحديثة، وكذلك كان من تسمياته القديمة أيضاً اسم جامع مناوي لجم الكبير، وتتميز منارته بالألوان الكربلائية.
فتح النار
في المقابل عقد رئيس الوقف السني في البصرة محمد عبدالوهاب الملا، مؤتمراً صحافياً أوضح خلاله أنهم تفاجأوا من طريقة هدم منارة الجامع، لافتاً إلى أن هذه الطريقة لم يتم الاتفاق عليها، بل إن ما تم الاتفاق عليه هو تجزئتها وترقيمها ونقلها إلى مكان آخر وفقاً لاقتراح تقدمت به الهيئة العامة للآثار والتراث”.
وتابع الملا قوله “ندرك أن جامع السراجي تعارض مع توسعة طريق أبي الخصيب، ولكثرة المناشدات لحل هذه المشكلة وإيماناً بتغليب المصلحة العامة لخدمة الناس تم اتفاق الوقف السني ومحافظ البصرة على ترقيم وتفكيك أحجار منارة المسجد الأثرية ونقلها في نفس المكان وبنفس الطراز القديم بما لا يتعارض مع توسعه الطريق والحفاظ على الإرث التاريخي للمنارة”.
وأوضح الملا أن الوقف سيلجأ إلى الإجراءات القانونية، مشدداً “لم يجر ما تم الاتفاق عليه”، مطالباً الحكومة المحلية ببناء المسجد وفق أفضل طراز، وكذلك “احترام أوقاف المسلمين لأنها حق من حقوق الله في السماء وحقوق عباده في الأرض خصوصاً الأثري منها”.
شجب واستنكارمع انتشار فيديو تهديم منارة جامع السراجي تعالت الأصوات الرافضة لهدم المنارة التاريخية وتشبيه ما قامت به الحكومة المحلية في البصرة بسلوك تنظيم “داعش” في هدم منارة الحدباء في الموصل.
واستغرب المتخصصون في التراث من فكرة تجاوز الجامع على الشارع متسائلين “كيف يتجاوز الجامع على الطريق في حين أن الطريق في الوقت الذي شُيد فيه المبنى قبل مئات السنين، بينما عمر الطريق أقل منذ ذلك بكثير؟”.
من جهتها أكدت وزارة الثقافة في بيان لها على لسان الوزير أحمد الفكاك، أنها ستتخذ الإجراءات القانونية لحماية الإرث الحضاري الكبير ضد أي تجاوز إداري أو شخصي يشجع ويعمل على إلحاق الضرر بشكل مقصود أو عفوي، لافتاً إلى رفضها هدم منارة جامع السراجي.
وطالب وزير الثقافي العراقي الوقفين السني والشيعي بالتدخل والوقوف بحزم لمعاقبة منتسبيهما حال السماح لهما بالتجاوز أو تزوير الحقائق حول المباني التاريخية والأثرية.
يذكر أن جامع السراجي مشمول بقانون الآثار والتراث رقم (55) لعام 2001 الذي ينص في إحدى مواده على منع مالك الأرض التي يوجد فيها الأثر أو التراث أو الموقع التاريخي من التصرف المادي بها أو إجراء الحفر فيها أو تخريبها أو تغيير معالمها.
المصدر: اندبندنت عربية