خلال الشهور الستة الأولى من عمر الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، شهد إشارات مهمة للغاية على تحوّلات ومتغيّرات حقيقية في مجمل آليات ومنهجيات إدارة الدولة وأساليب وأدوات التعاطي مع المشاكل والأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والحياتية التي تراكمت وتضخّمت واستفحلت طيلة العقدين المنصرمين.
اذ لا يمكن التغاضي والتغافل عن المعطيات الإيجابية بإطارها العام والشامل في المشهد العام.
الاداء الحكومي ومسارات تحقيق مفردات المنهاج الحكومي واستمرار فتح ملفات الفساد واسترجاع الأموال وعزل مدراء عامين والتوجه لمشاريع إستراتيجية والنهوض بالبنية التحتية ومواصلة حكومة السوداني في عملها الحثيث وتوازنها في العلاقات الدولية وقيامها بشراكات وتوقيع مذكرات للاستفادة من الغاز المصاحب وانهاء ازمة الكهرباء خطوات ايجابية اتفق عليها الشعب والمنظومة السياسية .
ومن غير المنطقي ولا المعقول أن تنظر واشنطن إلى الواقع العراقي الراهن بالنظرة ذاتها قبل عشرين عاماً أو خمسة عشر عاماً أو عشرة أعوام، إلا إذا كانت هناك حسابات وأجندات وأهداف معيّنة ومحدّدة مسبقاً من وراء ذلك وتؤكد بأنها ستبقى في العراق لحماية الديمقراطية ولا نعرف بالضبط ماهي العناوين التي تندرج تحت مفهوم الديمقراطية بحيث بات كل حدث في العراق يشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأميركية أيضا.قبل اشهر قرر (جو بايدن) :” أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة بموجب الأمر التنفيذي 13303 فيما يخص استقرار العراق”.وجاء تاكيد البيت الابيض على انه لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظّم في العراق، واستعادة الأمن والسلام والحفاظ عليهما، مع عقبات أخرى تعيق تطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في البلاد.
وأن هذه العقبات لا تزال تشكّل تهديداً غير عاديّ للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق وللولايات المتحدة.أضف إلى كل ذلك، أن واشنطن كانت وما زالت تماطل كثيراً في ترك العراق وإنهاء وجودها العسكري فيه رغم المواقف الرسمية والبرلمانية والشعبية المطالبة بخروجها.ومما لا شكّ فيه أن تمديد حالة الطوارئ في وقت يشهد العراق حالة من الاستقرار السياسي والأمني ومظاهر حراك إصلاحي غير مسبوق على صعيد محاربة الفساد وتحسين الخدمات، يعكس إصراراً أميركياً على الضغط على الحكومة العراقية لأجل ضمان استمرار الوصاية الأميركية على البلاد في شتى الجوانب والمجالات، ولا سيما المالية والاقتصادية والعسكريةوهذا مأاكده وزيرة الأمريكية رومانسكي بأن القوات الأمريكية لن تغادر العراق وجودها لضرورات إستراتيجية.
الأحداث الاخيرة ولمرتين تم حرق القرآن في السويد واليوم في الدنمارك وغدا في النرويج واختيار المكان والزمان والوقت كان مقصودا باتجاه العراق وليست الدول العربية والاسلامية بدليل حرق العلم العراقي في محاولة لتاجيج الشارع المنفعل باتجاه حرق السفارات مما يعطي انطباعا بأن سفارات الدول وخصوصا الاوربية في خطر وستغادر العراق وبالتالي سيكون هناك إدانة للحكومة لعجزها في حماية السفارات (وربما ) يستدعي إصدار قرار امي يعيد بالعراق للمربع الأول وحسب الصلاحيات والقوانين الأمريكية سيكون هناك موقفا أمريكيا حسب قانون الطواريء في العراق .
الاستقرار في العراق والتقليل من معانات الكهرباء بخطوة الحكومة بمقايضة النفط مقابل الغاز وزيارة السوداني لسوريا وعدم التزام مصارف العراق بالعقوبات الأمريكية على إيران والمظاهرات أمام السفارة الامريكية وتواجد القوات الأمريكية على الحدود السورية العراقية ومدها جسر على الفرات ، واستخدام ورقة داعش ، وسياسة حكومة السوداني التصرف دون موافقة امريكا جميعها أسباب توحي لنا بأن القادم في العراق سيكون صعبا بفعل خطط امريكا التي تحاول ان تعيد العراق للمربع الأول لتفرض سيطرتها وإعادة ترتيب أوراق السياسة والعملية السياسية وإدارة الحكم.