تعد قضية "نسبة المشاركة في الانتخابات" قضية جدلية تتكرر في كل عملية انتخابية، بل وفي كل هزة سياسية يشهدها العراق، ومقارنة مع مشاهد ضعف الاقبال على المراكز الانتخابية ولاسيما في يوم التصويت العام لانتخابات مجالس المحافظات التي أجريت يوم امس الاثنين 18 كانون الأول 2023، تسببت الأرقام المعلنة من قبل مفوضية الانتخابات عن نسبة المشاركة بضجة وعدم رضا في الأوساط الشعبية التي وصفت هذه الأرقام بانها "غير حقيقية".
وبينما شاهد الجميع خلو معظم المراكز الانتخابية فضلا عن تأثير مقاطعة التيار الصدري للانتخابات، حتى اطلق بعضهم نكتة ساخرة، بأن عدد المراقبين وموظفي مفوضية الانتخابات في مراكز الاقتراع اكثر من عدد الناخبين، الا ان المفوضية أعلنت ان نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 41%، وهو ماتسبب بضجة ونقاش كبير في مختلف الأوساط.
وتستعرض "النافذة" في هذا التقرير، تفسير أصل الأرقام وكيف تم احتساب النسبة، وما اذا كانت الطريقة التي احتسبت بها المفوضية النسبة مقبولة منطقيا من وجهة نظر مراقبين أم لا.
*من يحق له المشاركة؟
يبلغ عدد من يحق لهم المشاركة في التصويت ممن يسمح عمرهم القانوني أي تجاوزوا الـ18 عاما، يبلغ 23 مليون شخص، وهم أفراد يمتلكون قرار الذهاب لتحديث بطاقاتهم البايومترية او استخراج بطاقة ناخب، وبالتالي الذهاب للتصويت من عدمه أيضا.
*من يحق له التصويت؟
لكن من كان يحق له التصويت بحسب مفوضية الانتخابات هو 16 مليون شخص فقط، وهم الأشخاص المحدثين لبياناتهم ويمتلكون بطاقات بايومترية حصرا، مايعني ان 7 ملايين ناخب اتخذوا قرارا بعدم استخراج بطاقات أصلا.
*كم عدد المصوتين؟
بلغ عدد المصوتين في الاقتراع الخاص اكثر من 706 الاف ناخب من اصل اكثر من مليون و50 الف ناخب بنسبة تصويت بلغت 67%، بينما بلغ عدد المصوتين في الاقتراع العام اكثر من 5 ملايين و890 الف ناخب، من اصل اكثر من 15 مليون و108 الاف ناخب، وبنسبة مشاركة بلغت 39%.
وبالمجمل، بلغ عدد المصوتين في التصويت الخاص والعام اجمالا اكثر من 6 ملايين و599 الف ناخب، من اصل اكثر من 16.1 مليون ناخب يحق لهم التصويت (أي يمتلكون بطاقات بايومترية)، وهو الامر الذي جعل النسبة تبلغ 41%.
لكن، بينما احتسبت المفوضية ان من يمتلك بطاقة بايومترية ولم يذهب للتصويت، او يمتلك بطاقة بايومترية ولم يأتِ ليستلمها من مكاتب المفوضية هم اشخاص مقاطعون فقط، والذين يبلغ عددهم اكثر من 9.5 مليون شخص، يرى مراقبون أن من لايمتلك بطاقة بايومترية او لم يذهب لاستخراج بطاقة او تحديثها، هم أيضا يجب ان يحتسبون ضمن المقاطعين.
بعبارة أخرى، أن عدد الذين يمتلكون إرادة المشاركة من عدم المشاركة بالانتخابات يبلغ عددهم 23 مليون شخص يقسمون الى الفئات الاتية:-16.1 مليون شخص يمتلكون بطاقات بايومترية (من بينهم 6.6 مليون شخص قاموا بالتصويت، و9.5 مليون شخص لم يشاركوا بالانتخابات).-7 ملايين شخص لايمتلكون بطاقات بايومترية
*تحليل رقمي
فهذا يعني أن عدد المصوتين يبلغ 6.6 مليون شخص من أصل 23 مليون شخص يمتلكون إرادة الذهاب لاستخراج بطاقات بايومترية والقيام بالتصويت، وهذا يعني ان نسبة المشاركة يجب ان تحتسب على هذا الأساس وحينها ستكون نسبة المشاركة 28%، بحسب مراقبين ومختصين.
وحتى هذه النسبة تعد نسبة متحفظ عليها، حيث ان مشاركة الناخبين بالتصويت الخاص فيما يتعلق بالقوات الأمنية، تم تأشير وجود "إجبار" من قبل بعض الضباط تجاه منتسبيهم للاشتراك بالانتخابات، دون ترك حرية الاختيار لهم، الامر الذي يجعل مشاركة اكثر من 700 الف ناخب بالتصويت الخاص مشكوك بمدى حرية الإرادة والاختيار المخصصة لهؤلاء الأشخاص.