30 Jan
30Jan

يواجه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، خرقا قانونيا، بعد تكليفه مستشارا خاصا بإجراء تعديل دستوي، نظرا لعدم صلاحية الحكومة التنفيذية بإجراء تعديل دستوري أو اقتراحه، كونه من صلاحيات البرلمان حصرا، وفقا لخبراء ونواب، وصفوا الحكومة الحالية، بأنها تمر بـ"مرحلة جهل قانوني"، وسط مهاجمة التيار الصدري للخطوة ووصفها بـ"الشكلية".

ويقول الباحث القانوني، أمير الدعمي، خلال حديث له إن "الحكومة الحالية تعاني جهلا في القانون، إذ ليس من صلاحية الحكومة الاتحادية أن تذهب إلى تعديل الدستور، فقد ذكرت المادتان 126 و142 منه، أن تعديل الدستور من صلاحيات مجلس النواب حصرا".

ويضيف الدعمي، أن "رئاسة الوزراء بعيدة كل البعد عن التعديلات الدستورية، على اعتبار أن الحكومة لا يمكن أن تكون طرفا مستفيدا، والمستفيد الوحيد من التعديلات الدستورية هو الشعب، عبر ممثليه في قبة البرلمان، لهذا فان التعديلات الدستورية تلد من رحم البرلمان، ثم يصوت عليها الشعب".

وحول إمكانية اقتراح تعديلات دستورية لمجلس النواب من قبل الحكومة، يبيّن الدعمي، أن "الحكومة لا تملك صلاحيات توصية أو اقتراح تعديلات لأي جهة بما فيها مجلس النواب، لأن التعامل مع الدستور يختلف عن التعامل مع القوانين، فالدساتير تسمو على القوانين، وهي مراجع للقوانين".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قرر يوم أمس تكليف حسن نعمة الياسري مستشاراً للشؤون الدستورية، وبحسب البيان الرسمي فأن هذه الخطوة "تأتي التزاماً من الحكومة لتنفيذ بعض مضامين المنهاج الوزاري، وعملاً باتفاق الكتل السياسية حول الحاجة إلى إجراء تعديلاتٍ دستوريةٍ يُتفق عليها، وتجنباً لتكرار حالات الانسداد السياسي التي حصلت بمراحل مختلفة، خصوصاً في الفترة الأخيرة".

يذكر أن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، طالب العام السابق، وخلال ذروة الإنسداد السياسي، بتعديل المادة 64 من الدستور الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، وذلك بعد تعثر عقد جلسة انتخابه وفشلها لثلاث مرات متتالية، بسبب عدم تحقيق النصاب القانوني آنذاك.

بدوره، يرى النائب عبد الهادي السعداوي، خلال حديث له أن "تعديل الدستور من صلاحية لجنة مختصة داخل مجلس النواب، تشكل في كل دورة انتخابية، لكنها بقيت حبرا على ورق، ولم تأخذ أي خطوات لتعديل بعض فقرات الدستور، لأن تلك الفقرات متداخلة، ولا يمكن تعديل فقرة بمعزل عن أخرى، ناهيك عن أن الدستور بشكل عام يحتاج لتعديلات تصل إلى أكثر من 50 بالمئة من بنوده، وهذا ما لا يمكن حصوله في المرحلة الراهنة".

ويشير السعداوي، إلى أن "تعيين مستشار للشؤون الدستورية هو لمساعدة الحكومة في إتباع خطوات دستورية وقانونية في المستقبل، لاسيما وأن المحافظات المنتظمة بإقليم تقوم بخرق الدستور في مواضع اقتصادية عديدة، أما على صعيد التعديلات الدستورية فإنها ليست من المستشار إطلاقا، كونه لا يشغل المكان المناسب لذلك، على الرغم من خبرته ومعرفته بالقوانين، وإلمامه ببنود الدستور العراقي".

كما أكد خبراء بالقانون، في تقرير سابق ضرورة تعديل الدستور، لما يتضمنه من مواد عمقت الأزمة السياسية في البلد، خاصة وأنه منذ إقراره كان من المفترض أن يخضع للتعديل بعد أشهر قليلة، لكن تم تأجيل الأمر حتى الوقت الحالي.

وأجري الاستفتاء العام على الدستور العراقي، عام 2005، حيث صوت الشعب العراقي على بنوده، وفي 25 تشرين الأول أكتوبر منذ ذلك العام، اعتبر الدستور نافذا.

من جهته، يؤكد المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري عصام محسن، خلال حديث له، أن "الكتل السياسية التي استعانت بالمحكمة الاتحادية لتفسير نص الكتلة الأكبر، وأضفت الشرعية على تصويت 220 نائبا كأغلبية لانتخاب رئيس الجمهورية، من الصعب أن تسمح بإجراء تعديلات دستورية تلغي الانسداد السياسي الناتج عن المحاصصة، وإلغاء دور الفائز الأول".

ويضيف محسن، أن "أي تعديل دستوري سوف يزعزع استمرار حصول الأحزاب الإسلامية الحالية على رئاسة الوزراء، لأنهم يعون تماما فقدانهم للشعبية، وأي انتخابات سوف تجري لن يتمكنوا بتكتلاتهم جميعها الحصول على أكثر من 50 مقعدا داخل مجلس النواب، لذا فأن تعيين السوداني لمستشار موجه نحو تعديل الدستور هو إجراء روتيني ليست له أي نتائج".

ويتابع أن "عقلية الطبقة السياسية الحالية هي عقلية الصفقات، وسوف يكون لها دور كبير في دحض أي تعديلات دستورية، وهي ذاتها سوف تعرقل التقدم في هذا الشأن".

يذكر أن المحكمة الاتحادية، هي الجهة المتخصصة بتفسير الدستور، وخل الفترة الماضية، أثيرت العديد من القضايا حول تشكيل الحكومة ومسألة انتخاب رئيس الجمهورية، ومدى تعارض الأمر مع الدستور، ومن أبرز هذه الإشكالات هي "الكتلة الأكبر" وتفسيرها، فهو لم يرد في الدستور، وقد فسرتها المحكمة الاتحادية عام 2010 بأنها الكتلة التي تتشكل داخل البرلمان وليست الكتلة الفائزة بالانتخابات، لكن ما يزال هذا التفسير محل لغط وخلاف بين الكتل السياسية.

من جانبه، يفيد المحلل السياسي راجي نصير بأن "وجود المستشار حسن الياسري إذا لم يكن نافعا فانه ليس ضارا، لكن إذا ما تعلق الأمر بالتعديلات الدستورية فإن المستشار يحتاج لتوافقات سياسية كبيرة، لا يمكن حصولها في الوقت الراهن".

ويضيف نصير، أن "المساهم الأكبر في عرقلة أي تعديل دستوري هي الأحزاب الكردية، التي وضعت فقرة بالدستور العراقي تشترط عدم رفض ثلاث محافظات للتعديلات الدستورية المقترحة من مجلس النواب، كما أن الأحزاب الكردية لا ترتضي بأي تعديلات أو قوانين دون عقد صفقات سياسية، تبعا لذلك فالتعديلات الدستورية أمر أشبه بالمستحيل".

يشار إلى أن رئيس الجمهورية برهم صالح، شكل لجنة في العام 2021 لتعديل الدستور، وبدأت أعمالها لكن لم تصل إلى نتائج واقعية، وقد كرر صالح المطالبة بتعديل الدستور في أكثر من محفل رسمي طيلة فترة ولايته.

وفيما خيص المستشارين، فإن السوداني لغاية الآن تجاوز عدد مستشاريه الـ20 مستشارا، حيث ضم كل مجال (سياسي، أمني) اكثر من مستشار وأغلبهم يرتبطون بأحزاب وكتل معينة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة