27 Mar
27Mar

يواجه مشروع توسيع الحدود الإدارية لمدينة الموصل، رفضا واسعا من قبل المكونات الدينية والقومية، بسبب امتداد المشروع إلى مناطق سهل نينوى، وهو ما اعتبروه مشروعا لتغييب هوياتها القومية والدينية والمذهبية والمناطقية، ووصفوه بـ”الاجتياح” المشابه لاجتياح تنظيم داعش في 2014، في حين، نفت الحكومة المحلية تلك النوايا، وأكدت بأنه سيسهم بتقديم خدمات أفضل للأهالي.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى عن كوتا الشبك، محمد عارف الشبكي، خلال حديث لـه، إن “قرار التوسعة فيه مخالفة صريحة وواضحة للمادة 23 من الدستور العراقي التي تمنع التغيير الديموغرافي للأراضي، والتجاوز على مناطق المكونات”.
وكان محافظ نينوى الجديد عبد القادر الدخيل، أعلن مؤخرا، عن التعاقد وتوقيع عقد مع شركة إيطالية لتحديث التصميم الأساسي لمدينة الموصل وتوسعته بمسافة سبعة كيلومترات بجميع الاتجاهات، لتوفير 160 ألف دونم من الأراضي لتشييد مشاريع كبيرة وبنى تحتية ستخدم المدينة وجميع المكونات في نينوى.
ويضيف الشبكي، أن “قرار التوسعة هو استهداف واضح لمناطق سهل نينوى، حيث أنها ليست من جميع اتجاهات الموصل بل باتجاه واحد هو الحدود الإدارية لمناطق سهل نينوى، وقرى برطلة والسلامية وتلكيف وبعشيقة”.
ويشير إلى أن “التوسعة يجب أن تكون باتجاه جنوب الموصل صوب مناطق حمام العليل والقيارة لأن تلك المناطق من مكون واحد، وأيضا أرضيها صحراوية وليست زراعية”.
ويؤكد أن “القرار سيرفض رفضا قاطعا من قبل مجلس المحافظة، وإذا لم نتمكن من تحقيق الأغلبية فسنلجأ إلى المحكمة الاتحادية ولن نقبل بتغيير جنس الأرض والتغيير الديموغرافي والتجاوز على حقوق وقرى المكون الشبكي والمكونات الأخرى في نينوى”.
ولاقى إعلان محافظ نينوى عن مشروع توسعة مدينة الموصل اعتراضات من قبل بعض المكونات الدينية والقومية، حيث أعرب متحدثون باسم الشبك والكاكائيين عن امتعاضهم الشديد من القرار، عادين إياه تغييرا ديموغرافيا وإداريا يستهدف مناطقهم ويخلق أزمة جديدة.
إلى ذلك، يبين المواطن جرجيس متي (39 عاما)، وهو أحد سكنة سهل نينوى، خلال حديث لـه، أن “الجميع يعرف أن المكون المسيحي عانى الكثير من إجرام داعش وقبله في زمن الطائفية، ولم نعد نتحمل الويلات والمصائب والقرارات غير الناضجة التي تتخذ دون دراسة وقراءة متأنية”.
ويتابع جرجيس، أن “الزحف على مناطقنا نعده اجتياحا من نوع آخر، واستباحة لأرضنا وحدودنا الإنسانية، قبل أن تكون حدودا جغرافية، فالمناطق التي نسكنها مهددة بشكل واقعي بالتجريف الديموغرافي بحجة توسعة الموصل، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا”، مبينا أن “القرار الذي يدعو إلى توسعة الموصل غير دقيق، وسوف يؤثر على مناطقنا تلكيف والحمدانية”.
ويشير إلى أنه “لم يؤخذ رأينا في هذه القضية التي نعتبرها حساسة بالنسبة لنا، ففي هذه المناطق مساكننا وتاريخنا وأديرتنا وتراثنا، مما يستدعي النظر بشكل يجنبنا التوسعة”، مؤكدا أن “أبناء المكون المسيحي مواطنون عراقيون ولن يزايد أحد على وطنيتهم، لكن المناطق التي نسكنها حالها حال بقية المكونات التي لابد وأن يكون لها رأي في التوسعة”.
وتعرضت مناطق سهل نينوى عام 2014 بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل، إلى أبشع أنواع القتل والتهجير القسري وتدمير القرى الزراعية ودور العبادة من الكنائس والحسينيات.
ويسكن مناطق سهل نينوى مجموعة من المكونات الدينية، كالشبك والإيزيديين والكاكائيين، والأغلب من المسيحيين، في مناطق تبدأ من قرية كوكجلي وصولا إلى مناطق حسن شام قرب الحدود الإدارية لمدينة أربيل، وتضم الحمدانية وبعشيقة وبرطلة وتلكيف والسلامية.
من جانبه، يشدد عضو مجلس أعيان الكاكائية يونس الآغا، خلال حديث لـه، على أن “قرار التوسعة هو مخالف للقانون والدستور، ويجب على الحكومة الاتحادية ورئيس الوزراء التدخل وإيقافه، لأن فيها تجاوزا على أراضي المكونات وقراهم”.
ويلفت إلى أن “مناطق سهل نينوى زراعية، والتوسعة بحدود سبعة كيلومترات ستؤثر على نوعية الأراضي، وأغلب أهالي المنطقة هم من المزارعين، ولا يجوز تغيير جنس الأرض من زراعي إلى سكني”.
ويوضح أن “قرار المحكمة الاتحادية السابق يمنع تمليك وبيع أراضي حدود سهل نينوى التي تمتد من الحمدانية حتى قضاء تلكيف، وهذا القرار سيكون سندا لنا لأننا لدينا مخاوف أمنية واجتماعية من هذا التغيير”.
يذكر أن مجلس الوزراء، وفي عام 2014، أبان حكومة نوري المالكي، وافق من حيث المبدأ على تحويل سهل نينوى إلى محافظة على ان تعرض على مجلس الوزراء بعد استكمال المتطلبات اللازمة.
وفي العام 2016، تجددت المطالبات بتحويل سهل نينوى إلى محافظة، من قبل أحزاب مسيحية عدة، وتضمن الطلب تحويل 6 بلدات ذات أغلبية مسيحية إلى محافظة مستقلة إداريا، وهي الحمدانية وتل أسقف وتلكيف والقوش وشيخان وبعشيقة.
إلى ذلك، يوضح عضو مجلس محافظة نينوى محمد الشمري، خلال حديث لـه، أن “حجم الزيادة السكانية في مدينة الموصل كبير جدا، والمدينة بحاجة لتوسعة، وهناك شرائح من الموظفين والعمال والمتقاعدين والقوات الأمنية يطالبوننا بتخصيص قطع أراضٍ وأيضا مشاريع خدمية وإستراتيجية”.
وينبه إلى أن “أغلب أراضي الموصل أصبحت مستخدمة، ولا توجد مساحات يمكن تقسيمها وتوزيعها على الشرائح المختلفة، بغرض تخفيف أزمة السكن، وأيضا توسيع رقعة المشاريع الخدمية”.
ويدعو الشمري، إلى أنه “يجب أن تكون هناك ثقة بين المكونات، وأن تنتهي المخاوف السابقة، وندخل في مرحلة جديدة من التعايش والتعاون بين جميع أبناء محافظة نينوى، لغرض المساهمة بالأعمار وتقديم الخدمات”.
وكان مراقبون قد حذروا من أن جهات متنفذة بإمكانها عرقلة مشروع توسعة الموصل حتى وإن مضى محافظ نينوى عبد القادر الدخيل بتوقيع عقد التصاميم لتوسعة المدينة، مشيرين إلى أن تلك الجهات تعتمد على مادة دستورية تمنع التغيير الديموغرافي في مناطقهم، لكنهم لفتوا إلى أن التوسعة ستخدم مناطقهم فنيا من خلال ارتفاع أسعار العقارات وإدخال الخدمات عليها، بالإضافة إلى تنفيذ البنى التحتية فيها.
وكان مدير عام دائرة الطرق والجسور في نينوى رضوان الشهواني، علق في منشور على موقع فيسبوك حول الأزمة، قائلا إن التوسعة بحدود سبعة كيلومترات تعد من حدود التصميم الأساسي السابق وتمتد تقريبا من تقاطع الشارع الذي يأتي من حي الانتصار مع شارع أربيل، وهو ما يعني أن التوسعة قد تصل بالكاد لسيطرة الكوكجلي الحالية، ولن تكون هناك قرى للشبك أو المكونات الأخرى ضمن الحدود، باستثناء قرية الكوكجلي التي باتت داخل حدود المدينة كواقع حال.
وسبق وأن صرح عدد من المعنيين والناشطين المدنيين عقب الإعلان عن مشروع توسعة مدينة الموصل، بأن هناك تحديات منذ أكثر من عقدين تواجه هذا المشروع، وخصوصا في المناطق الشمالية والشرقية من الموصل والمتاخمة لمناطق سهل نينوى، اذ تمنع جهات متنفذة من البناء في تلك المناطق ويعدونها تغييرا ديموغرافيا.
وأكدوا أنه غالبا ما تواجه توسعة المدينة عقبات من شخصيات سياسية ومتنفذة في تلك المناطق والتي دائما ما تضع العصا في العجلة وتعرقل اكتمال التوسعة للمدينة، موضحين أن توسعة الموصل بحاجة لقرار سياسي وحسمها من قبل رئاسة الوزراء بات ضرورة ملحة.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة