فندت ناشطات وباحثات، ما ورد على لسان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بأن المرأة أخذت دورها القيادي والمهني، وأنها في هذه الحكومة تصدت للمسؤولية بشكل لم تشهده الحكومات السابقة، إذ أكدن أن مستوى تمثيل المرأة انخفض لوزارتين، إضافة إلى أن نسبة من تقلدن بعض المناصب لا تشكل رقما من مجموع النساء اللواتي ما زلن يتعرض للاضطهاد والقتل، فيما حملن الأحزاب الحالية مسؤولية تراجع دور المرأة.
وتقول الناشطة ونائب رئيسة منظمة برج بابل ذكرى سرسم، خلال حديث له إن "المرأة بحاجة إلى قوانين وتشريعات لحمايتها أكثر من أي شيء آخر، فالقوانين المعمول بها حتى الآن تحمل تمييزا ضد المرأة ولا تحصنها من الانتهاكات المستمرة التي تتعرض لها ومنها ما يسمى بجرائم غسل العار وقضايا الشرف، وعلى الرغم من المحاولات الخجولة لكسر القيود لكن يبقى الأمر محدودا، بمجرد أن ننتقل إلى المناطق التي تحكمها الأعراف العشائرية".
ولا تخفي سرسم قلقها من "تعامل الحكومة العراقية مع ملف المرأة، فنحن لغاية الآن لم نلمس شيئا واضحا، في وقت أن البرلمان ينشغل بإقرار قوانين تحدّ من حرية التعبير وقبلها ملاحقة أصحاب المحتوى، وهو ما يثير مخاوف لدى الآخرين، خاصة أن المرأة هي من الفئات المهمشة في كل المجالات، والدولة منشغلة بقوانين قديمة دون التفكير بالضحايا التي تسقط كل يوم من النساء".
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وخلال مشاركته يوم أمس، بمهرجان "سيدات الأرض" لدعم وتمكين المرأة والذي عقد برعاية الحكومة، قال إن: رؤية الحكومة وفهمها دور المرأة في المجتمع كان حاضراً في منهاجها الوزاري إنصافاً لها واعترافاً بأنَّ بناء المجتمع يبدأ منها وينتهي بها.. ولن نتراجع في الدفاع عن المرأة ضد كل أنواع العنف وسندعم كل تشريع أو قانون أو مبادئ عامة تدافع عن المرأة مهما كان نوع التهديد لها ومصدره.
كما أكد السوداني: تفخر حكومتنا اليوم أنها تشهد عدداً مهماً من النساء وهنَّ يتصدّين للقيادة في جميع جوانبها التنفيذية والتشريعية، وعلى المستوى التنفيذي، لا يخلو مجال من المرأة، ابتداءً من الوزارات وصولاً إلى أصغر المسؤوليات، وهو أمرٌ لم تشهده أي حكومة سابقة.
وأعلن السوداني، أن الحكومة تعمل على إعداد الإستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية (2023- 2030) التي تضمنت محاور المشاركة والحماية والتمكين الاقتصادي والمحاور الاجتماعية.
وما زالت المرأة في العراق تعاني من ضغوط اجتماعية كبيرة، إذ أن نسبة كبيرة من النساء لا يملكن حق اختيار الزوج أو إكمال الدراسة أو العمل، بموجب الأعراف والتقاليد السائدة، ما يوقع كثير منهن في ظروف عائلية ونفسية صعبة للغاية تدفعهن أحيانا إلى الهرب بحثا عن حياة أفضل.
من جانبها، ترى الباحثة الاجتماعية سمر الفيلي، خلال حديث لـه، أن "المرأة بعد سقوط النظام السابق برزت على الساحة السياسية والاجتماعية، ونحن كناشطات تمكنا من كتابة حقوق المرأة ووضعنا الكوتا النسوية لضمان حقوقنا في المجتمع الذي تغلب عليه الذكورية".
وتتحدث الفيلي عن تقليص حصة المرأة في الوزارات، مؤكدة أن "ثماني وزارات كانت حصة المرأة، وبعدها تقلصت إلى أربع، بسبب الأحزاب الحاكمة والطمع بالمناصب، حيث كان عدد وزارات المرأة يتقلص بعد كل انتخابات إلى أن وصلت حصة المرأة الآن إلى وزارتين فقط في الحكومة الحالية".
وتؤكد أن "المرأة تمتعت بأدوار أكبر، لكنها تراجعت مؤخرا، رغم أنها أقل حضورا في ملفات الفساد ولم تلاحقها تهم، وأكثر جدية في العمل من الرجال، وهذا ما أثبته الواقع، لكن الذكورية وحكم الأحزاب السياسية هو من تسبب بهذا النتيجة، ولا يسعنا ونحن نقترب من يومها العالمي أن تكون للمرأة أدوار أكبر".
وتعد ما يسمى بـ"جرائم الشرف" من أبرز الجرائم التي تلاحق المرأة، حيث يتم قتلها من قبل ذويها في حال اكتشافهم أنها على علاقة برجل خارج إطار الزواج، ولا تتوفر إحصائيات رسمية حول "جرائم الشرف" في العراق، لكونها تشهد تلاعبا كبيرا قبل وصول القضايا إلى المحاكم المتخصصة، ويتم ذلك عبر تغيير سبب الوفاة في شهادات الوفيات داخل الطب العدلي، وغالبا ما يتم غلق الدعاوى في المراكز الأمنية قبل تحويلها إلى الجهات القضائية.
ويصادف يوم 8 من الشهر الحالي، يوم المرأة العالمي، ويشهد احتفاء بالمرأة في كل دول العالم، وتستذكر الشعوب دور المرأة الريادي وبعض النساء اللواتي تركن بصمة واضحة في مجالاتهن.
جدير بالذكر، أنه في مطلع الأربعينيات دخلت المرأة العراقية الحياة السياسية، عبر تأسيس اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية، وتم استبدال اسم هذه الجمعية إلى اسم الرابطة النسائية وأصدرت في عام 1947 مجلة باسم "تحرير المرأة".
إلى ذلك، تؤكد الباحثة الاجتماعية ورئيسة منظمة عيون الثقافة نضال العبادي، خلال حديث له أن "المرأة وإن أخذت دورها في بعض جوانب الحياة فذلك ما زال نسبيا، فهي في مجتمع شرقي، وهذا يعتمد، إذا كان دورها في الجانب السياسي على الجهة السياسية، أو إذا كان في الجانب المهني فيكون من خلال المهنة التي تنتمي لها أو علاقاتها، حتى في حال نالت المراكز القيادية والسيادية في الحكومة والجامعات، فهي في بعض الأحيان لا تعتمد على معيار المهنية أو طاقتها، بل على علاقتها بشكل أكبر".
وتضيف العبادي، أن "دور المرأة ما زال محدودا اجتماعيا واسريا، فهناك مؤثرات كثيرة تحدد هذا الدور، ولا تستطيع إلا نسب قليلة من النساء أن تأخذ دورها مجتمعيا وتجبر الآخرين على تقبلها".
يذكر أن تقارير سلطت الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في أماكن العمل، وخاصة في المعامل التي تقع بأطراف المدن، حيث تعمل نساء وفتيات بمختلف الأعمار وبمستويات ثقافة وتعليم متدنية، ما يشجع أرباب العمل على استغلالهن جنسيا.
وكانت معامل الطابوق شرقي بغداد، من أبرز الأمثلة التي تناولتها الصحيفة عبر تقرير موسع، ساردة العديد من قصص الانتهاكات الجنسية، والتي تحول بعضها الى نزاعات عشائرية، خاصة وأن بعض الحالات وصلت إلى هتك العرض وليس التحرش فقط.
وفي عام 1941، كانت صبيحة الشيخ داود أول امرأة تتخرج من كلية الحقوق، ولعبت بعد ذلك دورا رياديا في النهضة النسوية العراقية.
فيما تعد المحامية أمينة الرحال، أول امرأة تمارس مهنة المحاماة في العراق، حيث تخرجت من كلية الحقوق (كلية القانون) سنة 1943 وعملت في مكتب المحامي عبدالرحمن خضر، كما أنها أول امرأة في العراق والوطن العربي، تقود سيارة وتحصل على رخصة القيادة.
وفي العام 1958، شغلت نزيهة الدليمي منصب وزيرة، وهي أول امرأة تتولى منصب وزاري في الوطن العربي، فيما كانت زكية إسماعيل حقي، هي أول قاضية في العراق.