تصر قوى في الإطار التنسيقي على أن قوة أمريكية قوامها مئات الجنود دخلت العراق مؤخرا، على الرغم من أن قيادة العمليات المشتركة ووزارة الدفاع الأمريكية تنفيان ذلك، وفيما تستبعد تلك القوى احتمالية الدخول في صراع مسلح مع الولايات المتحدة، يتحدث متخصص في الشأن السياسي عن وجود فريقين يثيران ملف الوجود الأمريكي في العراق ويروجان له من أجل أهدافهما.
ويقول القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـه إن "هناك تحركات أمريكية عسكرية داخل العراق، والجانب الأمريكي يزعم أن هذا الحراك هو بهدف تغيير قواته المتواجدة داخل الأراضي العراقية وليس إرسال قوات إضافية".
ويبين الفتلاوي، أن "قادة الإطار التنسيقي يتابعون هذا الملف بشكل دقيق مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمعرفة أسباب التحركات الأمريكية الأخيرة وهل هي بموافقة وعلم الحكومة أم لا، وبالتأكيد فإن السوداني وحكومته لن يقبلا بأي تحرك أمريكي من دون الموافقات الرسمية، لأي سبب كان".
ويشير إلى "أننا لا نريد أن نكون جزءا من أي اقتتال أو حرب في المنطقة، والحكومة العراقية تعمل بشكل جاد لحسم ملف التواجد الأمريكي وفق الأطر الدبلوماسية والقانونية ووفق الاتفاق ما بين البلدين برفض أي قوات قتالية، وهذا الملف متابع بشكل دقيق من قبل قوى الإطار التنسيقي، ولا تنازل أو تراجع عن هذا المطلب إطلاقا".
وكانت كتلة "صادقون" النيابية، الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، ذكرت أمس الأول الثلاثاء، أن 2500 جندي أمريكي دخلوا العراق واستقروا في قاعدة عين الأسد قبل أكثر من أسبوعين، عادّة ذلك "خرقا للسيادة العراقية".
يشار إلى أن تقريرا لشبكة "7 News" أفاد، في 15 تموز يوليو 2023، بأن 2500 عسكري أمريكي من الفرقة الجبلية العاشرة في طريقهم للانتشار fالعراق وسوريا، بعد أن اقيم حفل وداع لهم في معسكر "فورت دروم" الأمريكي.
وذكر التقرير أن القوات الأمريكية ربما ستحل محل القوات المتواجدة حاليا واستبدالها ضمن عملية الانتشار، حيث سيتم توزيعها على قواعد التنف السورية وعين الأسد العراقية، وأماكن أخرى لم يتم الكشف عنها.
وفي هذا السياق، ينفي المتحدث باسم قيادة القوات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، "جميع الأنباء التي تتحدث عن دخول قوات أمريكية جديدة للعراق، فهي غير صحيحة، فلا يوجد أي دخول لأي قوة أمريكية أو أجنبية للعراق".
ويضيف الخفاجي، أن "العراق ليس بحاجة إلى أي قوة قتالية أجنبية، والقوات التي تتواجد في القواعد العراقية عبارة عن مدربين ومستشارين وهم يتواجدون بعلم وموافقة الحكومة العراقية، وهذه القوات ليس لها أي مهام قتالية إطلاقا، ونحن لسنا بحاجة إلى أي قوة قتالية، فالقوات العراقية بمختلف صنوفها قادرة على حماية العراق واستطاعت هذه القوات تحرير الأراضي العراقية من الإرهاب والإرهابيين وحققت انتصارات كبيرة ومهمة في المنطقة والعالم".
يذكر أن متحدثا باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، نفى هو الآخر، أمس الثلاثاء، ما يتم تداوله في الإعلام المحلي ووسائل التواصل الاجتماعي في العراق حول "تحركات عسكرية أمريكية هناك".
وقال المتحدث في تصريح نشره موقع قناة "الحرة" الأمريكية، إن "أي تحركات من هذا القبيل لم تحصل في الأيام القليلة الماضية، سواء باتجاه العراق أو داخله".
من جهته، يفيد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـه بأن "التركيز والتحرك الأمريكي على الجغرافية السورية أكثر من الجغرافية العراقية، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تحييد الفصائل المسلحة المتواجدة على الأرض السورية، وثم تجد أن بعض عملياتها قد تشمل الأراضي العراقية لحماية وجودها في سوريا أو حتى امتدادها على مستوى الأرض العراقية".
ويتابع الشمري أنه "لا توجد نوايا للولايات المتحدة بأن تعود للعراق بقوات عسكرية بهدف تغيير النظام، فالحديث عن هذا الأمر غير واقعي، على الرغم من وجود خلافات بين واشنطن والفصائل المسلحة المشكلة للحكومة العراقية الحالية، لكن أمريكا لديها حدود معينة تقف عندها بهذا الوقت".
ويلفت إلى أن "التحركات الأمريكية الأخيرة هي رسائل للأطراف الداخلية العراقية، ومن يعمل على التسويق والترويج لهذه التحركات هم طرفان، الأول موجود في المشهد السياسي ويعتقد أن التسويق لوجود أمريكي مسلح يدعم فكرته في ضرورة إخراج القوات الأمريكية واستخدام هذا الشعار كجزء من الدعاية الانتخابية المبكرة، والطرف الثاني هي الجهات الراغبة بتغيير الأوضاع في العراق، فهناك أطراف تعتقد أنه لا إمكانية للتغيير إلا من خلال فعل خارجي تقوده الولايات المتحدة، وهذا الطرف وجد في التحركات الأمريكية ما يدعم هذا التوجه والطرح".
ويشير إلى أن "المنطقة قد تكون أمام حدث أمني، خصوصا في ظل تصاعد عمليات التحشيد والتجهيز، وهذا قد يكون جزءا من استراتيجية حافة الهاوية، التي تتبعها القوى الكبرى والإقليمية في المنطقة".
يذكر أن ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق، كان من أبرز ما نادى به الإطار التنسيقي خلال الحكومة السابقة، واستخدمه ضدها، فيما اتخذت الحكومة الحالية المشكلة من قوى الإطار، الصمت تجاه هذا الملف، وهو ما ربطه محللون سياسيون، بحسب تقرير سابق لـ"العالم الجديد"، بهدنة أمريكية إيرانية، بالإضافة إلى عدم التأثير على حكومة السوداني.
ومنذ عامين، صعّدت الفصائل المسلحة وقوى الإطار التنسيقي من مطالباتها بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وضغطت بكل السبل لتحقيق هذا الأمر، وهذا إلى جانب ظهور فصائل بأسماء وهمية، تبنت كافة عمليات استهداف المصالح الأمريكية في العراق.