23 Jul
23Jul

يسعى بعض أعضاء مجلس النواب بدعم من كتل متنفذة إلى تشريع قوانين جديدة أو تعديل النافذة منها دون فتح نقاش ودراسة حول جدوى التعديلات من عدمها.
ومن آخر الممارسات تقديم أحد أعضاء مجلس النواب لتعديل مقترح لقانون الأحوال الشخصية ودراسته في جلسات مجلس النواب دون إعلام الجهات المعنية بالأمر وعدم استشارة الجهات ذات العلاقة سواء من لجان نيابية أو منظمات مجتمعية عاملة في هذا المجال أو نقابة المحامين وحتى القضاة.
ويحاول الداعمون لتمرير المشروع تضليل الرأي العام من خلال إضافة عبارة في أعلى صفحات المسودة المقترحة “بتوصية من المرجعية”، ولا يعلم أحد ما المقصود هنا بالمرجعية فأن كانت المقصود مرجعية السيد علي السيستاني فقد أكد في أكثر من مرة على ضرورة عدم استغلال مكانته في مثل هذه القضايا.
لاقت التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية اعتراضات سياسية كبيرة لكونها تعزّز الهويات الفرعية على حساب الهوية الجامعة، كما أنها لا تُقدم بديلاً أفضل من القانون الموجود.
وفي هذا الشأن، أكد عضو اللجنة القانونية النيابية، عارف الحمامي، وجود اعتراضات برلمانية على التعديل، مشيراً إلى أنّه ما زال قيد الدراسة والنقاش في البرلمان.
وقال الحمامي إنّ “لجنتي المرأة وحقوق الإنسان النيابيتين اعترضتا على التعديل، والعمل مستمر من أجل الوصول إلى صيغة ترضي جميع الأطراف”، مؤكداً أن “جميع القوانين تواجه اعتراضات يتمّ التباحث حولها من أجل الوصول إلى حل”.
وأضاف أنّ “قانون الأحوال الشخصية حساس للغاية ويحتوي على فقرات تمسّ المجتمع العراقي، ويطالب به الرجال والنساء، وبالتالي يجب أن يكون هناك توازن بين الطرفين ومعالجة الهواجس عبر إجراء التعديلات”.
وأشار الحمامي إلى أنّه “في بعض الحالات التي تخصّ حضانة الأطفال، يكون الأب هو سبب المشكلة ومنحرفًا وغير جدير بالأطفال، والعكس صحيح أيضاً، وبالتالي يجب أن يكون للقاضي مرونة في تحديد الحالة، مبينًا أنّ القانون سيمضي لكن بعد التوصل إلى اتفاقات ترضي الجميع”.
بدورها، أكدت النائبة كفاح السوداني على ضرورة الوقوف بوجه أي محاولة لتجزئة الشعب العراقي وعدم السماح بتمرير التعديل المقترح على القانون.
وأوضحت النائبة أنهم “سيقفون بوجه أي محاولة لتعديل القانون”، مشددة على أن “غالبية النواب يعارضون التعديل الذي من شأنه أن يساهم في تجزئة العراق”.
ووصفت السوداني القانون بـ”مثابة قنبلة موقوتة تُهدد الوحدة الوطنية على كافة المستويات الشرعية والقانونية والإنسانية والاجتماعية”.
وأشارت إلى أن “أعضاء مجلس النواب سيناقشون الموضوع وأن هناك رفضًا مطلقًا له بغض النظر عن التوجهات السياسية والدينية”.
وحذرت السوداني من “وجود جهات تسعى لتجزئة الشعب العراقي وتفتيته”، محذرة من “وجود جهات نصبت نفسها ناطقة باسم المرجعية الدينية وهدفها تقسيم البلاد”.
أما القاضي المتقاعد سالم روضان الموسوي فقد قدم قراءة في تعديل القانون من خلال مقال استعرض فيه بنود التعديل المقترح.
وذكر الموسوي: “جاء في مستهل المقترح أن التعديل يمنح العراقي والعراقية حق اختيار المذهب (الشيعي أو السني) الذي تطبق عليه أحكامه في مسائل الأحوال الشخصية”، مبيناً أن “ما يجب العمل عليه في الوقت الحاضر هو منح الزوجين حق اختيار المذهب الذي ينظم عقد زواجهما وأحوالهما الشخصية لاحقاً، فإذا اختارا المذهب الجعفري فإن المحكمة سوف تضع في حقل أجل استحقاق المهر المؤجل العبارة التالية (عند المطالبة والميسرة) أما إذا اختارا المذهب الحنفي تضع المحكمة العبارة التالية (عند أقرب الأجلين)”.
وأضاف أن “هاتين العبارتين هما من يحدد المذهب الذي ينظم العقد، وفي العمل القضائي نستدل عليه من خلال تلك العبارتين، بل إن جميع دوائر الدولة بما فيها بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية في الفترة الأخيرة تطلب عقد زواج منتسبيها لمعرفة مذاهبهم من خلال تلك العبارتين”.
وبين أن “الاستدلال يكون من خلال الحكم الشرعي لتلك العبارتين، لأن المذهب الجعفري يجيز للمرأة أن تطلب مهرها المؤجل أثناء الحياة الزوجية على أن يتوفر شرط الميسرة لدى الزوج، بينما المذهب الحنفي لا يجيز ذلك وإنما تستحق المرأة مهرها المؤجل عند وقوع الطلاق أو وفاة الزوج، أو أيهما أقرب لذلك سمي بأقرب الأجلين (الوفاة أو الطلاق)”.
وتابع: “يترتب على هذا الاختيار أن الزواج والطلاق والعدة والرجوع عن البذل في الطلاق الخلعي والمواريث وغيرها تكون وفق أحكام المذهب الذي اختاره الزوجان عند إبرام عقد الزواج، وهو ما يعمل به حالياً في ظل قانون الأحوال الشخصية النافذ، وهذا ليس باجتهاد قضائي، وإنما بموجب نص في الفقرة (2) من المادة (1) من قانون الأحوال الشخصية النافذ التي جاء فيها التالي (إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون)، وهذا نص وجوبي على القضاء العمل به”.
وأشار: “أما في موضوع المواريث فإن المادة (90) من القانون النافذ ألزمت القضاء بمراعاة الأحكام الشرعية في المواريث عند عدم وجود نص في القانون وعلى وفق التالي (مع مراعاة ما تقدم يجري توزيع الاستحقاق والأنصبة على الوارثين بالقرابة وفق الأحكام الشرعية التي كانت مرعية قبل تشريع قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 كما تتبع فيما بقي من أحكام المواريث)”، منوهاً إلى أن “مواد قانون الأحوال الشخصية بكل تفاصيلها المتعلقة بالزواج والطلاق والولادة والوفاة والوصايا والمواريث لا تتعدى (91) مادة بينما هذه المواضيع لها من السعة بمقدار الحياة لأنها تنظم أحوال الإنسان منذ لحظة انعقاده نطفة إلى لحظة وفاته وحتى بعد وفاته في توزيع تركته، وهذه السعة لا تستوعبها أحكام القانون النافذ مما جعل من الأحكام الشرعية للمذهب الذي نظم بموجبه العقد مصدراً للحكم القضائي، وعند البحث في الأحكام القضائية ستجد جميع تلك الأحكام استندت إلى الأحكام الفقهية للمذهب الذي نظم بموجبه العقد”.
وحول أهداف الساعين إلى التعديل أكد الموسوي أن “بعض النصوص قد أخذت بمذهب دون آخر، أقول رداً على هذا القول إن المبادئ القانونية التي تضمنها القانون لها مصادرها في فقه الشريعة الإسلامية، والقانون أخذ بالفقه الجعفري في عدة مسائل منها الطلاق ثلاث حيث اعتبره طلقة واحدة وميراث البنت وميراث الأخت وغيرها من الأحكام الأساسية، كما أخذ من المذهب الحنفي في البعض الآخر، خلال سنوات العمل بالقانون لم تظهر أي إشكالية شرعية على الأحكام القضائية التي أصدرها القضاء”.
وللإجابة على أن كل شخص هو حر في اختياره لتفعيل نص المادة (41) من الدستور التي جاء فيها (العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون) بين الموسوي أن “العمل بموجب هذا النص الدستوري قائم وكل شخص حر باختيار المذهب الذي ينظم عقد زواجه والآثار المترتبة عليه، وعلى وفق ما تقدم ذكره”.
وخلص القاضي إلى أن “الشعب العراقي بحاجة إلى قوانين تعزز من وحدته وتقوي أواصره تجاه محاولات التقسيم وتفتيت اللحمة والنسيج الاجتماعي، وأدعو مخلصاً من تصدى لإصدار المقترح أن يرجع عنه، والأمل كبير في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بوقف جادة تجاه تمريره، لأن أغلبية الشعب العراقي لا يمكن أن تختزل برأي وزير أو مجموعة من النواب وينصبون أنفسهم بمنصب القيم على هذه الأغلبية من أبناء الشعب، وإذا كانوا على صدق في نواياهم أرى أن يعرضوا المشروع للاستفتاء والوقوف على رأي الشعب بدلاً من التفرد في القرار والعودة إلى الديكتاتورية المقيتة التي تصادر رأي الأغلبية”.
وختم الموسوي حديثه بالقول إن “قانون الأحوال الشخصية يختلف عن كل القوانين سواء التي تنظم شكل الدولة أو التي تتعلق بالجانب الاقتصادي لأن هذه القوانين لا تتعامل مع الجميع وإنما لفئة معينة أو لظرف زماني أو مكاني محدد، بينما قواعد الأحوال الشخصية تمس كل مواطن مهما كان وفي أي مكان منذ لحظة انعقاد النطفة في رحم الأم وإلى غاية مماته وحتى بعد الممات. وهذه الأهمية لابد أن تُراعى عند التعامل مع مثل هذه القوانين”.
وكان مجلس النواب أعلن عن جدول أعمال جلسة المجلس ليوم الأربعاء المقبل.
 وتضمن الجدول القراءة الاولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959.
أدناه نص المقترح:


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة