بدأ العراق منذ شهر نيسان أبريل الماضي، بتطبيق نظام الأتمتة الإلكتروني “الأسيكودا” العالمي في الموانئ والمنافذ البرية والجوية لضبط الحركة التجارية وإيراداتها الجمركية، فضلا عما له من دور في الحد من عمليات الفساد والتلاعب بالتسعيرات وأنواع البضائع.
ويعتبر “الأسيكودا” نظاما مؤتمتا لإدارة الجمارك ويغطي معظم إجراءات التجارة الخارجية، إضافة لمعالجته بيانات الحمولة والبيانات الجمركية، بما فيها إجراءات عبور البضائع والأوضاع المتعلقة بها، إذ يعمل وفقا للمعايير الدولية المتطورة من قبل المنظمة الدولية للمقاييس، ومنظمة الجمارك العالمية، والأمم المتحدة.
ويقول المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، خلال حديث لـه ، إن “نظام الأتمتة العالمي والذي يعرف بالأسيكودا له فوائد كبيرة بتطبيقه في المنافذ وإدارة الجمارك العراقية حيث سيحد من التهرب الذي يحصل من الرسوم الجمركية والضريبية”.
ويضيف أن “الفائدة الأخرى للنظام ستكون بالمعرفة الدقيقة للمواد المستوردة والمراد إدخالها للبلاد ومدى تطابقها مع شهادة المنشأ والفواتير المدفوعة لها”.
ويؤكد صالح، أن “تطبيق هذا النظام تدريجيا في البلاد سيؤدي لتعظيم إيرادات الضرائب غير المباشرة لخزينة الدولة، كما يحد من عمليات الفساد والتلاعب بنوعية البضائع وأسعارها”.
ويبين أن “الأسيكودا سيوفر المعلومات التفصيلية لكل محتوى مستورد داخل النظام الرقمي الذي سيقوم بتتبع وكشف المقومات والمعايير المطلوبة وفقا للمؤشرات السيطرة النوعية والسلعية ما سيجنب البلاد دخول أي بضائع محظورة”.
ويشير إلى أن “النظام لا يقبل أي تدخل بشري في العملية الرقابية والتقييم والرسوم خاصة بما يتعلق بفرض الغرامات التي ستثبت بحسب النظام الضريبي والمواد القانونية بين جميع الأطراف التجارية”.
ويتابع “تطبيق هذا النظام له فوائده كثيرة ولكن أبرزها هو ما ذكر، إذ سيطور الحركة التجارية في العراق وربطه بمختلف دول العالم ما سيوفر قاعدة بيانات عن العلاقات التجارية وإحصاءاتها اليومية والشهرية والسنوية”.
ويلفت صالح، إلى أن “اعتماد هذا النظام العالمي كليا في منافذ العراق سيؤدي تدريجيا إلى ضبط ملموس لأسعار البضائع وإيقاف التلاعب بها في الأسواق، والعمل يجري تدريجيا في المنافذ والجمارك حتى بلوغ العمل بالنظام على نسبة متكاملة خلال العام المقبل”.
يشار إلى أنه في وقت سابق، أعلنت هيئة الجمارك، نجاح تطبيق نظام “الأسيكودا” في أربعة مراكز بشكل تجريبي، فيما أعلنت وزارة المالية عن فتح دورات للتجار وشركات الاستيراد ووكلاء الإخراج من أجل اكتساب الخبرة بالتعامل مع هذا النظام، فيما أخلت مسؤوليتها عن تأخر أو تكدس البضائع في الجمارك بحال عدم تطبيق الفئات المذكورة بشروط النظام وتلقيهم الغرامات المالية بسبب المخالفة.
بالمقابل، ترى عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، دعاء كاظم، خلال حديث له، أن “هناك أهمية كبيرة لضبط دخول البضائع للعراق من خلال الإجراءات الجمركية مع تطبيق نظام الأسيكودا الذي سينظم هذه العملية بحسب المتطلبات العالمية”.
وتوضح “هذا التطبيق سيوفر رصانة في الأرقام والكميات والنوعية ومنع دخول المواد الممنوعة، وهذه كلها نقاط ذات أهمية بالنسبة للاقتصاد العراقي المفتقر لهكذا نظام منذ سنوات طويلة”.
وتدعو الجهات المعنية إلى “الإسراع بإتمام التطبيق الكلي للأتمتة الإلكترونية على المنافذ لتكون الإجراءات موحدة بشكل كامل بين منافذ الإدخال الجمركي، فهذا العمل الإلكتروني سيحد من الفساد والتدخل البشري ماليا وإداريا في حسم الشحنات وإسعارها ونوعيتها”.
وتشدد كاظم على أن “الجهد الرقابي لمجلس النواب عبر لجانه المختصة مستمر حول هذا الموضوع للتوصل إلى أعلى مراحل التطبيق الرصين للعمليات التجارية وضبط إيرادات الدولة، وهذه الخطوات الحكومية مهمة جدا لتعزيز الإيرادات وإيجاد قواعد بيانات رصينة للمستقبل”.
يذكر أن وزارة المالية وهيئة الجمارك تسعيان وبشكل جدي إلى إحداث تقدم جديد في تطبيق نظام “الأسيكودا” في ساحة الترحيب الكبرى بموانئ البصرة في إجراءات سريعة لتعميم تقنية المعلومات وحصر المعاملات التجارية إلكترونيا كما يحصل في أكثر من 80 دولة حول العالم.
وفي مطلع العام 2024، أعلنت الهيئة العامة للجمارك العراقية، بلوغ إيراداتها خلال العام الماضي تريليونا 33 مليارا 765 مليونا 697 ألفا 521 دينارا عراقيا وبنسبة زيادة مقدارها 28 بالمئة، مقارنة بالعام 2022، معربة عن أملها في تعظيم إيراداتها خلال العام 2024 بعد استكمال تطبيق الأنظمة الإلكترونية في المراكز الجمركية كافة.
وسبق أن شخصت اللجنة المالية النيابية، في بيان رسمي لها وجود أموال طائلة من الجمارك والضرائب لم تدخل خزينة الدولة بسبب التحايل على القوانين والتشريعات النافذة في البلاد من باب الإعفاءات الجمركية التي جاءت لدعم القطاع الخاص، معلنة تبنيها اصدار القرارات الملزمة بما يمنع هدر المال العام ويضمن استحصال أموال الدولة.
من جهته، يعتبر الأكاديمي والخبير الاقتصادي، مصطفى أكرم، خلال حديث له، أن “تطبيق نظام الأسيكودا مهم جدا للوضع الاقتصادي في العراق لما فيه من مميزات كبيرة لحصر إيرادات الدولة وتثبيت معايير الجودة”.
ويردف “النظام تابع لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الاونكتاد وهو خطوة أساسية لرفع الإيرادات غير النفطية وإيقاف غسيل الأموال”.
وينبه إلى أن “العمل بهذا النظام سيضع استمارة واحدة لكل حاوية بضائع في ساحة الترحيب، مع وجود جهاز حاسوب للسونار مرتبط بالنظام، إضافة إلى حاسوب آخر للجمارك مرتبط بالنظام العالمي الأسيكودا، فضلا عن حاسوب آخر لاستلام الرسوم الجمركية”.
ويشرح أكرم “هذه الإجراءات كلها ستتيح شفافية عالية في تمرير المعاملات الجمركية وفقا للوائح المنصوص عليها للنظام العالمي وتضبط إيرادات الدولة ونوعية البضائع التي تدخل وإبعاد المحظور منها”.
ويملك العراق أكثر من 20 منفذا بريا مع إيران وتركيا والكويت والأردن وسوريا والسعودية، فضلا عن أربعة موانئ بحرية على مياه الخليج في محافظة البصرة جنوبي البلاد، ويقدر حجم التبادل التجاري الإجمالي في كل المنافذ بأكثر من 60 مليار دولار سنويا وفقا لأبحاث ودراسات اقتصادية، كلها جلعت لعاب الفاسدين يسيل طوال السنوات الماضية للاستحواذ عليها عبر المافيات التي أفقدت الدولة فائدة مالية كبيرة كإيرادات غير نفطية، لتعتمد بنسبة أكثر من 90 بالمئة على إيرادات النفط فقط بتمويل موازناتها السنوية.