08 Apr
08Apr

“عيد بدون كليچة مينحسب”، هذا ماقالته أم حسن (61 عاما)، وهي تروي لنا تفاصيل الطقوس والعادات البغدادية التي تقوم بها لاستقبال عيد الفطر.
وتضيف أم حسن، خلال حديثها لـها، إن “آخر يومين من شهر رمضان، نبدأ فيها بالتجهيز لاستقبال العيد، وأول ما نفعله هو تنظيف المنزل بالكامل استعدادا لاستقبال الضيوف، ليتم بعدها الانتقال إلى مرحلة تجهيز الحلوى التي تكون في مقدمتها (الكليجة) العراقية”.
وتكمل: “منذ الصغر وأنا أشاهد أمي وجدتي يقمن بتجهيز (الكليجة) وتنظيف المنزل استعدادا لاستقبال عيد الفطر”، متابعة “ومن أبرز ما يميز العيد، هو حصول الأطفال على (العيدية) من والدهم، وفي عمرنا الآن أصبحنا نعطي العيدية لأحفادنا، فهذا طقس ثابت على مر السنين لا يمكن أن تغيره الحداثة التي دخلت للمجتمع العراقي”.
وتتابع: “العراق مر بالكثير من الحروب والأزمات، والمتنفس الوحيد له هي الأعياد والمناسبات ومن أبرزها عيد الفطر المبارك، لما له من خصوصية لدى المسلمين بمختلف مذاهبهم”.
وتعد “الكليجة” من أشهر الحلويات التي تعد في منازل العراقيين، حيث تتكون من العجينة ومحشوة بالجوز والسمسم والتمر، وتعمد النساء إلى تجهيز كميات كبيرة جدا منها في كل عيد، وتستغرق عملية إعدادها ساعات طويلة.
وطرأت بعض التغيرات على عادات المجتمع العراقي وطقوس العيد لديهم، وذلك مع تطور التكنولوجيا الحديثة التي لا يخلوا منها أي منزل في العراق اليوم، حيث اقتصر تبادل التهاني عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو المكالمات، عكس ما كانت عليه العائلات العراقية سابقا عندما كانت تتكبد عناء السفر للقاء الأهل وتقديم التهاني لهم في أيام العيد.
ويتحدث المؤرخ محمد رحيم، عن طقوس الاحتفال بعيد الفطر في العراق والعادات المتوارثة بين العوائل وكيف انتقلت من جيل إلى آخر، حيث يقول “في البداية يجب أن نفرق ما بين عيد الفطر وعيد الأضحى، فالاحتفال بعيد الفطر يكون فرحة كبيرة للصغير والكبير، أما عيد الاضحى فرحة خفيفة جدا لا تتجاوز 7 بالمئة من فرحة عيد الفطر باعتباره عيد للحجاج”.
ويضيف رحيم: “يبدأ الاستعداد لعيد الفطر منذ بداية شهر رمضان وبعض الأحيان قبله، حيث تبدأ العوائل منذ بداية شهر رمضان بالخروج إلى الأسواق لشراء الملابس والاقمشة والحلي إلى الأطفال والكبار”، متابعا أن “رب الاسرة يقوم في منتصف شهر رمضان أو في الأيام الأخيرة منه بإخراج زكاة الفطرة بحسب عدد افراد العائلة الذي هو مسؤول عنهم ويقدموها للفقير المستحق”.
وبالنسبة لطقوس العيد المتوارثة، يبين رحيم أن “من أهم العادات والتقاليد التي بقيت متوارثة بين الأجيال هي عمل الكليجة والعيدية، التي يتم إعطائها الى الأطفال والكبار أيضا للاحتفال بالعيد وإدخال البهجة في نفوسهم”، مضيفا “في ليلة لعيد تقوم العوائل بالتجمع والعمل سوية لإعداد الكليجة بأنواعها المتعددة (التمر، الحلقوم، الجوز، السمسم) ليتم بعدها الذهاب بالآواني الكبيرة إلى الافران القريبة لشوائها وتجهيزها وتقديمها إلى الضيوف في صباح أول أيام عيد الفطر”.
ويتابع رحيم، أنه “في فجر يوم العيد يبدأ المؤذن يكبر التكبيرات المعروفة مع العيد فيذهب الآباء أو الأبناء الكبار إلى المساجد والمراقد المقدسة ويؤدون صلاة العيد، ليعودا إلى المنزل بعدها ويتناول افراد العائلة البغدادية حصرا وجبة الريوك التي يكون فيه بالصدارة (الكاهي والكيمر)، لتتبادل في المساء العوائل الزيارات فيما بينها”.
ويتصدر شهر رمضان في العراق عادات وتقاليد متوارثة على الرغم من خفوتها في السنوات الماضية، إلا أن فئة من المواطنين ما يزالون يتبادلون في شهر رمضان الوجبات والوصفات الرمضانية بين بعضهم البعض، حيث يرسلون كمية من طعام إفطارهم للبيوت المجاورة في تقليد ينم عن تعزيز روح المشاركة وترسيخ العلاقات الاجتماعية بين الناس.
من جهته، يرى الباحث الاجتماعي عباس الجبوري، خلال حديث لـه، أنه “بمرور الزمن كثير من العادات والتقاليد تغيرت، وذلك بحسب طبيعة الزمن والمتغيرات، أي أن العادات والتقاليد في السنوات الأخيرة تختلف عن العادات قبل 15 عاما أو أكثر”.
ويلفت إلى أنه “سابقا كان للعيد بهجته الحقيقية التي تتمثل بفرحة الأطفال وتبادل الزيارات بين الاقرباء والأصدقاء والجيران أيضا”، مبيناً أنه ” بعد دخول منصات التواصل الاجتماعي إلى البيوت العراقية اكتفت معظم العوائل بإرسال برقيات التهنئة خلال مواقع التواصل الاجتماعي”.
ويشير الجبوري إلى أن “شيئا فشيئا بدأت تتلاشى العادات والتقاليد المتوارثة وأصبحت تعمل بها نسبة قليلة من العوائل العراقية، وذلك لانقطاع صلة الرحم نتيجة التفكك الذي اصاب المجتمع لما احاطت بالعراق من تجارب عصيبة”.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة