14 Feb
14Feb

أثارت القراءة الأولى لمشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات المعد وفق نظام "سانت ليغو" القديم، أصوات معارضة تمثل أبرزها بالتيار الصدري وبعض الناشطين، إذ ألمحوا إلى إمكانية خروج تظاهرات وتحريك الجماهير في حال مضي البرلمان بتشريع القانون وفق هذا النظام، فضلا عن طرحهم قضية تفعيل قانون الأحزاب لمنع الجهات المسلحة من المشاركة بالعمل السياسي، فيما عد مراقب للشأن السياسي هذا القانون تراجعا للآليات الديمقراطية، وتوقع مقاطعة تامة للانتخابات في حال إقراره.

ويقول قيادي في التيار الصدري، خلال حديث له، إن "القاعدة الشعبية للتيار لا تتحرك دون أوامر من قبل زعيم التيار مقتدى الصدر، وحتى الساعة لا توجد أية أوامر لأي تحرك شعبي أو سياسي لمعارضة شكل قانون انتخابات مجالس المحافظات والعودة للقانون القديم (سانت ليغو)".

ويضيف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "التيار الصدري ما زال يراقب كل التحركات السياسية بشأن تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات أو انتخابات مجلس النواب، وكذلك أي تحرك نحو إجراء تغييرات في مفوضية الانتخابات، وبكل تأكيد فالصدريون سيكون لهم موقف تجاه أي تعديل أو تغيير يعارض مشروعهم السياسي في المرحلة المقبلة، فالتيار سيعود للساحة يوما ما، ولم يكن منعزلاً عن السياسة إلى ما لا نهاية".

ويضيف أن "تحرك الصدريين نحو الاحتجاج الشعبي، ربما يكون في حال وجود اتفاق نهائي على شكل قانون انتخابات مجلس النواب وانتخابات مجالس المحافظات، فحتى الساعة هو مجرد مقترح، وهناك من يحاول التواصل مع التيار الصدري من أجل اخذ رأيه بقضية شكل القانون، لكن قيادة التيار مازالت رافضة لأي حوار مباشر أو غير مباشر مع كافة الأطراف السياسية".

وكان مجلس النواب، أنهى يوم أمس القراءة الأولى لمشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات، وهو معد وفق نظام سانت ليغو القديم، الذي أثار لغطا كبيرا وجرى استبداله في الانتخابات التشريعية الماضية، وتم التوجه لنظام الدوائر المتعددة.

وكان ائتلاف إدارة الدولة، اجتمع في السابع من الشهر الحالي، بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، واللجنة المختصة بالانتخابات لحسم قانون انتخابات مجالس المحافظات تمهيدا لإجرائها، وأكد السوداني خلال الاجتماع على الاستعداد الكامل لإجراء الانتخابات في بيئة أمنية مناسبة، وفقا للبيان الرسمي.

يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أكد في البرنامج الحكومي ومن ثم في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا، أن انتخابات مجالس المحافظات ستجري قبل نهاية العام الحالي.

وصوت مجلس النواب في 26 تشرين الثاني نوفمبر 2019، على إنهاء عمل مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم ومجالس الأقضية والنواحي الحالية التابعة لها، ويكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت تعم العديد من المناطق في حينها، والتي جوبهت من قبل القوات الأمنية بعنف مفرط أدى إلى سقوط نحو 600 قتيل و25 ألف جريح.

من جهته، يؤكد الأمين العام لجبهة تشرين، واثق لفتة، لـه أن "هناك آراء مختلفة بشأن شكل قانون الانتخابات الجديد، خصوصاً أن قانون الدوائر المتعددة أضرّ بالكثير من الأطراف، وكان يصب في صالح جهات معينة، ولذا فإن هناك انقساما حالياً بين العودة للدائرة الواحدة أو الدوائر المتعددة، وهذا الانقسام موجود حتى بين القوى التشرينية".

وينوه لفتة، إلى "ضرورة تعديل قانون الانتخابات عبر دائرة الأحزاب، وتفعيل محاسبة المخالفة منها ممن تملك مليشيات مسلحة، أو تلك التي تتلقى تمويلا سياسيا عبر سيطرتها على مؤسسات الدولة"، مؤكدا "أننا مع تفعيل قانون الأحزاب بالشكل الصحيح وكما هو مشرع في المرحلة المقبلة، كونه أهم من قانون الانتخابات".

ويتابع "نحن مع العملية السياسية والحفاظ على مسار الديمقراطية، لكننا ضد سياسة الأحزاب المتفردة والأحزاب الميليشاوية وسياسة الأحزاب التي سرقت موارد الدولة وأموالها من خلال سيطرتها بالسلاح والقوة على مؤسسات الدولة".

ويؤكد أن "الشارع العراقي، بكل تأكيد سيكون له رأي بشأن شكل قانون الانتخابات وضرورة تفعيل قانون الأحزاب بالشكل الصحيح"، لافتا إلى أن "عودة الاحتجاجات أمر وارد جداً، وسيكون هناك ضغط من أجل تفعيل قانون الأحزاب من أجل منع أي حزب متهم بالفساد وله ميليشيا وارتباط خارجي من العمل السياسي، وفق ما ينص عليه قانون الأحزاب النافذ".

جدير بالذكر، أن التيار الصدري انسحب من العملية السياسية منتصف العام الماضي، بعد أن قرر زعيمه مقتدى الصدر سحب نواب كتلته "الصدرية" من البرلمان، ومن ثم قراره اعتزال العمل السياسي، بعد سلسلة أحداث كبيرة بدأت بتظاهرات لأنصار التيار الصدري وانتهت بالاشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع الاجهزة الأمنية.

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت في حزيران يونيو 2021، قرارها القاضي ببطلان تشريع نيابي بإلغاء مجالس المحافظات، بالإضافة إلى عدم قانونية استمرار عمل مجالس المحافظات بعد انتهاء دورتها الانتخابية.

بالمقابل، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـه أن "العودة لقانون الانتخابات السابق (سانت ليغو) يمثل تراجعا في الآليات الديمقراطية، خصوصاً أن (سانت ليغو) يعد قديما، وهو أمر يعكس قلق القوى السياسية التقليدية من فقدانها السيطرة على قاعدتها الشعبية من جانب، ومن جانب آخر قلقها من نظام الدوائر المتعددة، الذي لم يعمل على تقوية مراكز نفوذهم، قياسا بـ(سانت ليغو)، التي ستكون تلك القوى فيه متحكمة بما لا يقبل الشك".

ويبين الشمري، أن "هذا الأمر لن يدفع الشارع للاحتجاج، وإنما المضي بقانون (سانت ليغو)، سوف يرسخ القناعة بمقاطعة الانتخابات بشكل تام، خصوصاً أن الانتخابات الأخيرة التي جرت والتي كان يعول عليها الجميع، لم تأت بجديد، ولم تكن بمستوى المشاركة الشعبية، فقد شهدت عزوف ما يقارب 80 بالمئة من الشعب العراقي، والمقاطعة بهذه الانتخابات ستكون أعلى من السابقة".

ويلمح إلى "إمكانية أن يتحرك التيار الصدري، بالضد من قانون انتخابات وفق (سانت ليغو)، وهذا التحرك سيكون وفق إدراك الصدريين بأن هناك استراتيجية تطبق وتستكمل في الوقت نفسه، لإنهاء مستقبل التيار الصدري السياسي، كما أن القوى والأحزاب الناشئة ستكون معترضة على شكل هذا القانون، كون هذا القانون يمس مصالحها".

وجرت آخر انتخابات لمجالس المحافظات في العراق (الانتخابات المحلية) في 30 نيسان أبريل عام 2013، في 12 محافظة من أصل 18، حيث تم استثناء محافظات إقليم كردستان وكركوك المتنازع عليها بين بغداد والإقليم، فضلا عن استثناء نينوى والأنبار، إذ كانتا تشهدان تظاهرات معارضة للنظام السياسي في العراق، وذلك قبل عام من سيطرة تنظيم داعش على ثلاث محافظات عراقية.

يشار إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2013، بلغت نحو 50 بالمئة، وهو ما أرجعه سياسيون وبرلمانيون عراقيون في وقتها، إلى "حالة إحباط عام" من المجالس السابقة بسبب عدم وفائها بوعودها في تقديم الخدمات.

وبحسب الدستور، فإن مدة مجالس المحافظات هي أربع سنوات، كما هو حال مجلس النواب، إذ من المفترض أن تجري الانتخابات المحلية في عام 2017، لكنها تم تأجيلها، رغم إجراء الانتخابات التشريعية في العام 2018، ولغاية اليوم ما زال قانون إجراء انتخابات مجالس المحافظات بعيدا عن المباحثات السياسية.

وكان نواب وقياديون شددوا في تقارير سابقة  على ضرورة إجراء تعديل بتشريعات مجالس المحافظات وإعادة تنظيم إدارتها، طارحين فكرة أن يشكل المجلس من كافة الأقضية والنواحي، من دون إرهاق موازنة الدولة بتكاليف إضافية، حيث سيكون التمثيل للجميع، وبالتالي فإن تشكيل مجالس المحافظات من الأقضية لن يتضمن أعضاء جدد.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة