16 Feb
16Feb

مع فتح السدود التركية عقب الزلزال المدمر الذي ضرب الجارة الشمالية، كشفت وزارة الموارد المائية عن تخطيطها لخزن المياه المتوقع وصولها بعد نحو أسبوعين، عبر إنشاء سد قرب شط العرب للحفاظ للحد من الهدر، وسط دعوات خبراء بضرورة تطوير طرق الخزن، لاستثمار مياه الأنهر والسيول، واتباع نظم حديثة للري.

ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، خلال حديث لـه إن "أقرب سد تركي للعراق هو سد أتاتورك، الذي يبلغ إجمالي خزنه للمياه بحدود 35 مليار متر مكعب، ووصول مياهه للعراق بعد إطلاقه تحتاج مدة زمنية من أسبوعين إلى 18 يوما، يترافق ذلك مع الفراغ الخزني الكبير الذي خلفته سنوات 2020 و2021 و2022، فأي إطلاقات مائية يمكن لسدود وخزانات العراق استيعابها وخزنها".

وبالحديث عن هدر مياه نهري دجلة والفرات، وذهابها لمياه الخليج العربي عبر شط العرب، يؤكد شمال أن "وزارة الموارد المائية في صدد التفكير بإنشاء سدة قاطعة على شط العرب، وتنوي توقيع عقد مع إحدى الشركات الاستشارية الأجنبية، من أجل دراسة المشروع، وتقديم تقارير تخص الجدوى الفنية والهندسية والاقتصادية، مع تحديد مكان إنشاء هذا السد على شط العرب، فضلاً عن إبلاغ الوزارة بأي سلبيات تعود على الأراضي المحاذية لشط العرب في حال إنشاء المشروع، ولكننا نأمل من هذا المشروع في حال إنشائه تدارك أزمة المياه داخل العراق".

وعن استخدام وزارة الموارد المائية أسلوب الري السيحي، يضيف أن "الوزارة جادة في الحفاظ على المياه من الهدر، عبر مشاريع تبطين المجاري المائية، وتزايد المشاريع الزراعية الصغيرة التي يتم عبرها سقي المحاصيل بالتنقيط، فضلاً عن نشر ثقافة الري بالرش".

وكان نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي، أعلن الأسبوع الماضي بعد الزلزال مباشرة، عن تعرض بعض السدود للتشققات، وأكد: سنبدأ بتصريف المياه تدريجياً كإجراء احترازي.

وانتشرت تغريدات بموقع تويتر، كما أكدت بعض وسائل الإعلام الدولية، عن اتخاذ تركيا إجراء غير مسبوق بتفتح سد أتاتورك الذي يخزن 48 مليار متر مكعب من نهر الفرات، تخوفا من انهياره بفعل الهزات الزلزالية الارتدادية التي تشهدها تركيا حاليا، وأن المياه ستتدفق إلى زاخو في محافظة دهوك، ويقع السد في الروافد العليا لنهر الفرات، على بعد 80 كم شمال غرب مدينة أورفة.

ويعتبر سد أتاتورك من أكبر مشاريع المياه، وأكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في تركيا، والذي استغرق بناؤه حوالي 10 سنوات، ينتج حوالي 2400 ميجاواط من الكهرباء.

وشهدت تركيا فجر الاثنين الماضي، زلزالا مدمرا، شمل 10 ولايات تركية، وعد الأكبر في المنطقة منذ 100 عام، وتسبب بمقتل أكثر من 30 ألف مواطن، وسجلت منذ ذلك اليوم نحو 4 آلاف هزة ارتدادية له.

إلى ذلك، يبين الخبير المائي عادل المختار، خلال حديث لـه أن "العراق سيكون جاهزاً لخزن الاطلاقات المائية القادمة من تركيا بشكل كامل، فبالنسبة للخزانات والسدود تمتلك سعات كافية لخزن المياه، سواء سد الموصل أو خزان حديثة، وإذا ما زادت كمية المياه القادمة فإنها سوف تدفع نحو سد الثرثار، الذي يقدر الفراغ الخزني له بحدود 40 مليار متر مكعب، هذا إضافة إلى فراغات خزنية لمجاري الأنهر يمكنها استيعاب المزيد من المياه، فضلاً عن خزان الحبانية".

وعن خطط العراق لخزن المياه القادمة من السيول والأمطار يبين المختار، أن "الأمطار والسيول في شمال العراق، عبر شمال سامراء وصولاً الى الحدود التركية يمكن خزنها بسهولة، لأنه المكان الذي تتربع فيه أغلب خزانات وسدود العراق، أما السيول القادمة من الحدود الإيرانية فيمكن الاستفادة منها في سقي المحاصيل الشتوية وإنعاش الأهوار، مع توافر 40 سدا، وظيفتها توجيه المياه باتجاهات محددة".

ويشير إلى أن "استخدامات المياه في العراق تقسم إلى 85 بالمئة للزراعة، و15 بالمئة للصناعة واستخدامات الحياة اليومية، وعلى الرغم من ذلك فإن وزير الموارد المائية وسع من الأراضي الزراعية للحنطة والشعير باستخدام أسلوب الري السيحي، وهذا الأسلوب يفقد العراق كميات كبيرة من المياه، وهذا يتناقض مع توجيه وزير الموارد المائية المواطنين إلى الترشيد في استخدام المياه بالحياة اليومية، فمن الأجدر الترشيد بقطاع الزراعة أولاً، الذي يفقد العراق المزيد من المياه".

ومنذ العام الماضي، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

يذكر أن إيران قطعت المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمئة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة.

في السياق ذاته، يؤكد الخبير المائي حيدر معتز، خلال حديث لـه، أن "أي ارتفاع في مناسيب نهري دجلة والفرات لم يحصل، وهي مناسيب متدنية جداً، ولكن ينبغي تهيئة جميع السدود العراقية تحسباً لأي إطلاقات مائية نتيجة الزلازل أو أي كارثة طبيعية أخرى في تركيا".

ويضيف أن "العراق يفتقر لمشاريع حديثة لخزن المياه، فخزن المياه لم يعد يقتصر على السدود والخزانات، بل يمكن للعراق استغلال مياه الأمطار والسيول في الخزن الاستراتيجي للأحواض الطبيعية مثل الأهوار، فضلاً عن إنشاء مشاريع نوعية لتدوير مياه دجلة والفرات، والحيلولة دون هدرها في مياه الخليج".

ويدعو "وزارة الموارد المائية لضرورة الاتفاق مع شركات استشارية عملاقة؛ لتحديث منظوماتها المائية، سواء على صعيد الري، أو الخزن، أو إنشاء السدود ومشاريع تدوير المياه وعدم هدرها".

كما غيرت إيران مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة.

جدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة