16 Jul
16Jul

على الرغم من التنسيق العالي بين الحكومات في العراق والأردن، إلا أن العلاقة على المستوى الشعبي لم تكن في أي وقت أو زمان على ما يرام. فالعراقيون لا يجدون مبرراً يذكر للمساعدات السخية التي يقدمها العراق للاردن على مدار عقود من الزمن دون أي مردود إيجابي أو تغيير في السياسات تجاه العراقيين.
وتظلّ العلاقة بين العراق والأردن عالقةً في دائرة من التوتر وعدم الاستقرار، تاركةً وراءها شعورًا بالغربة والانفصال. وكيف يمكن للعراقيين نسيان حقبة التسعينيات السوداء حين أجبرت الظروف الاقتصادية العراقيين على السفر إلى الأردن والعمل هناك؟ ولا تزال تصرفات الأردنيين عالقةً في الأذهان حين يرفضون دفع أجور العراقيين ويكتفون بكلمة “يعطيك العافية يازلمة”، في إشارة إلى رفضهم إعطاء أجور العراقيين.
ولا يمكن نسيان أيضًا المواقف السلبية للمملكة تجاه العراق بعد احتلاله في عام 2003. فرغم أنها فتحت أجوائها بالكامل امام طائرات القوات الغازية.
وما تلا ذلك من دعم لعدد ممن تورطوا بدماء العراقيين، سواء من أزلام النظام السابق أو الإرهابيين الذين وجدوا لهم مقرًا في المملكة وملاذًا آمنًا في وقت كان الدم العراقي يسيل على الأرض دون حرمة.
ورغم هذه المواقف واجواء العداء للعراق لم يتوقف النظام السابق والحالي عن تقديم كل أشكال الدعم للاردن. ففي وقت كان الشعب العراقي يموت من الجوع ونقص الدواء، كان نظام صدام حسین يبعث شاحنات النفط بشكل يومي للاردن. ولم يختلف الحال بعد سقوطه، فقد استمرت الحكومات المتعاقبة في تنفيذ ذات السياسة، غير آبهة بمشاعر الملايين.
ومنذ أكثر من 40 عاما والعراق يزود الأردن بالنفط الخام بـ”أسعار تفضيلية”، رغم الخسائر المستمرة التي يتكبدها جراء الاتفاقية المبرمة بين البلدين رغم الخسائرة المقدرة بـ86 مليون دولار سنويا.
خاطبت الأردن العراق بشأن تمديد مذكرة التفاهم الخاصة باستيراد النفط بأسعار مخفضة، والتي من المفترض انتهائها في الرابع من شهر آب المقبل.
وفي هذا الشأن، دعا عضو لجنة الاقتصاد النيابية العراقية، ياسر الحسيني، إلى وقف تصدير النفط العراقي بأسعار مخفضة إلى الأردن، مشيراً إلى ضرورة إلغاء الاتفاقيات التي أُبرمت في عهد النظام السابق وتوقيع اتفاقيات جديدة بين البلدين.
وقال الحسيني إن “الولايات المتحدة تضغط على العراق من أجل استمرار تدفق النفط إلى الأردن، على اعتبار أن عمان هي الحليف الاستراتيجي لواشنطن في المنطقة، وأن هناك مصالح مشتركة بين الجانبين”.
أضاف الحسيني أن “فاتورة العلاقة بين واشنطن وعمان تُدفعها الدول الضعيفة سياسياً”، مبينًا أن “الولايات المتحدة الأمريكية تضغط من أجل توسيع هذا التصدير ليشمل مصر والكيان الصهيوني”.
وأشار إلى أن “النفط يُباع اليوم إلى الأردن شبه مجاني على اعتبار أن كلفة الترانزيت يتحملها العراق”، منوهًا إلى أن “الترانزيت يكلف العراق ما يعادل 300 ألف برميل نفط يومياً”.
وأكد الحسيني أن “الولايات المتحدة الأمريكية، بالاتفاق مع الحكومة العراقية، تسعى لإنشاء أنبوب العقبة”، موضحًا ان “هذا المشروع يُهدد بإهدار خيرات البلاد وتقديمها هبة لبعض الدول والكيانات، بما في ذلك الكيان الصهيوني”.
وأوضح أن “إصرار الحكومة العراقية على افتتاح هذا الأنبوب سيجعله أكبر بوابة لنهب أموال العراق، وسيمثل حنثًا باليمين الدستوري الذي أدته الحكومة بالحفاظ على ثروات البلاد وصونها”.
من جانبه، أوضح الخبير النفطي حمز الجواهري أن “تصدير النفط إلى الأردن يتم وفق اتفاقيات قديمة بين الجانبين، بالإضافة إلى ضغوط أمريكية على العراق لبيع النفط للأردن بهذه الأسعار المنخفضة”.
 ووصف الجواهري تصدير النفط للأردن في حديث لـ(ABC عربية) بأنه “تبرع بأموال الشعب العراقي”.
وأكد أن “الأردن لا تستحق البيع بأسعار منخفضة، نظرًا لدعمها للإرهاب واحتضانها للمطلوبين للحكومة العراقية، ويفترض بدولة اخرى تقديم الدعم لها مثل السعودية والإمارات والكويت”.
وشدد الجواهري على “سوء معاملة الحكومة الأردنية للعراقيين في المطارات وغيرها، بينما تقدم الحكومة العراقية لهذه الدولة منحًا وهدايا”.
ويستورد الأردن النفط الخام العراقي تنفيذا لمذكرة التفاهم لتجهيز النفط الخام الموقعة بين حكومة المملكة وجمهورية العراق بتاريخ 4 أيار 2023.
وبموجب المذكرة، يقوم الجانب الأردني بشراء النفط الخام العراقي، على أساس معدل خام نفط برنت الشهري ناقصا 16 دولار للبرميل الواحد لتغطية فرق النوعية وأجور النقل.
ووافق مجلس الوزراء العراقي على زيادة كميات النفط الخام العراقي التي يتم تصديرها للأردن من (10) ألف برميل يوميا لتصبح (15) ألف برميل يوميا.
وتم العمل باتفاق الزيادة، بداية من شهر آب 2023، وبنفس الشروط التعاقدية الواردة في مذكرة التفاهم، حيث ارتفعت إلى حوالي 450 ألف برميل شهريا، بدلا من 300 ألف برميل شهريا.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة