14 Mar
14Mar

رهنت أوساط سياسية، نجاح مهمة الحساب المصرفي المخصص لإيرادات نفط إقليم كردستان، بتفاهم رئيسي الحكومتين الاتحادية والإقليم، وفيما وصفت بأنه سينهي ذرائع الطرفين حول المستحقات المالية والنفطية، عدت موافقة أربيل على هذا الحساب، بأنها نتيجة إدراك الإقليم بعدم إمكانية العمل بمعزل عن بغداد، خاصة بعد تكبده خسائر سابقة في هذا الصدد، فيما أكدت مصادر مطلعة بأن الاتفاق لن يلغي دور شركة "سومو" في متابعة تصدير النفط من الإقليم.

ويقول المحلل السياسي الكردي، كوران قادر، خلال حديث لـه إن "واردات العراق على الرغم من أنها غير موجودة، إذ تعتمد موازنته العامة اعتمادا كليا على النفط، لكن وضع حساب مصرفي شامل لإدارة الواردات النفطية كفكرة، هي إيجابية، ومن المحتمل أن تكون منطلقا لحلحلة ملف النفط الذي يعد من أكبر القضايا العالقة بين بغداد وأربيل".

لكن قادر، يشترط "بعد تأسيس هذا الحساب، يجب أن يكون هناك اتفاق سياسي بين رئيس الحكومة العراقية ورئيس حكومة كردستان وإذا ما تمت هذه الاتفاقات ستؤسس أرضية جيدة لإنجاح هذه الخطوة، فالعراق مزيج من خليط ديني وقومي، ويحتوي عددا كبيرا من الأحزاب، وهذا الصندوق يعتبر نقطة قوته".

وعدّ المحلل السياسي "هذا الحساب خطوة جيدة إذا ما نفذ بشكل صحيح على ارض الواقع، ولتنفيذه نحتاج شبه إجماع سياسي من الحكومة الاتحادية والإقليم لكي لا تكون هناك اعتراضات أو أسباب أخرى قد تتسبب بعدم تطبيقه".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أعلن يوم أمس، خلال المؤتمر الصحفي الذي كشف فيه تفاصيل إقرار مجلس الوزراء للموازنة، أن من أسباب تأخير إقرار الموازنة كان التفاهم مع إقليم كردستان، وقد وصلنا إلى اتفاق شامل للقضايا العالقة بين بغداد وأربيل، لأول مرة يتم إيداع الإيرادات الكلية للنفط المنتج في الإقليم بحساب مصرفي موحد يخضع للإدارة الاتحادية.

كما أكد السوداني، أن التفاهمات بين بغداد وأربيل كانت بنقاط واضحة، وفي حال وجود أي خلافات بين بغداد وأربيل هناك لجنة ترفع توصياتها إلى رئيس الوزراء الاتحادي، وأن هذه التفاهمات بين بغداد وأربيل تؤكد مضي الطرفين نحو إقرار قانون النفط والغاز.

يذكر أن السوداني، من المفترض أن يصل اليوم الثلاثاء، إلى إقليم كردستان، يلتقي خلالها رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في أربيل، ومن ثم يتجه إلى السليمانية للمشاركة في لقاء الجامعة الأميركية فيها.

ويعد ملف تصدير الإقليم للنفط، من الملفات الجدلية وغير المحسومة، على الرغم من دخول بغداد وأربيل في مفاوضات عديدة طيلة السنوات الماضية، لكن جلها تركز حول نسبة الإقليم في الموازنة الاتحادية مقابل ما يسلمه لبغداد من إيرادات النفط الذي يصدره.

من جانبه، يرى المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـه أن "أربيل أدركت بشكل مطلق أنها يجب أن تعمل ضمن رغبة الحكومة الاتحادية، فهي حريصة على إبقاء العلاقة مع بغداد أكثر من أي وقت مضى كونها جربت الاضطرابات التي حصلت في المراحل السابقة ولم تجنِ منها سوى المزيد من الخسارات ولذلك فإن الرؤى اليوم في إقليم كردستان تبين أن أربيل قوية بقوة بغداد أو بالعكس، وهذا يعكس حالة من الحوار والدبلوماسية التي يمكن أن تساهم في إنهاء كافة الخلافات والأزمات ومنها أزمة الموازنة التي استطاع الطرفان تجاوزها".

ويضيف البيدر أن "آلية إنشاء حساب مصرفي للواردات النفطية قد تنهي الخلاف، فبموجبها لا يتجاوز إقليم كردستان إمكانياته أو ما كفله الدستور سياسيا واقتصاديا ولا يتعدى على الخطط والرؤى الاتحادية وفي الوقت نفسه لا تتعدى الحكومة الاتحادية على الاستحقاقات الدستورية الخاصة بالإقليم".

ويعتقد أن "الصورة اليوم باتت أكثر وضوحا لكلا الطرفين وأدركا أن الأزمة لا تحلحلها عملية فرض الإرادات التي كانت تحدث في الحكومات السابقة والحوار كان كفيلا بإذابة الجليد بين الطرفين وإنهاء الخلافات والتوصل إلى نقاط من الممكن أن تعزز حالة الاستقرار السياسي في البلاد بعد أن تجاوزنا أزمة الموازنة التي تطفو كل عام على المستوى الجمعي أو حتى بين الحكومة الاتحادية وأربيل".

وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت، منتصف شباط فبراير 2022، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، على أن يكون التصدير عن طريق بغداد حصرا، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.

ومن ضمن قرارات المحكمة الاتحادية، هو استقطاع مبالغ تصدير النفط من نسبته بالموازنة في حال عدم التزام إقليم كردستان بتطبيق القرار.

يذكر أن "سومو" هددت سابقا، بإجراءات قانونية جديدة ضد مشتري النفط الخام من إقليم كردستان، من أجل منع تحميل تلك الشحنات غير المشروعة القادمة من العراق، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الشحنات القادمة من إقليم كردستان.

ومؤخرا، أصدرت المحكمة الاتحادية قرارا يقضي بعدم دستورية الأموال التي ترسلها بغداد إلى أربيل، والبالغة 200 مليار دينار شهريا، نظرا لعدم التزام الإقليم بقرارها السابق القاضي بعدم تصديره النفط بشكل منفصل عن بغداد، لكن الحكومة قبل أيام، منحت الإقليم هذه الأموال عبر صيغة قرض من مصرف التجارة العراقي، ما عد التفافا على قرار المحكمة الاتحادية.

وعن موقف "سومو" من إنشاء حساب للواردات النفطية، يبين الخبير النفطي حمزة الجواهري، خلال حديث لـه أن "شركة سومو ليس لها علاقة بالأموال، فهي فمنذ البداية تكتفي بتسويق النفط، وعمليات التصدير من قبل شركة نفط البصرة وأموال عائدات النفط تذهب إلى البنك الفيدرالي الذي يذهب بعده الى DFI وهو صندوق تنمية العراق الذي تصرف منه وزارة المالية وهذا هو الترتيب منذ البداية".

ويضيف الجواهري: "في الوضع الحالي وبموجب الحساب المصرفي، فإنه بدل الـDFI أو صندوق تنمية العراق فالأموال التي تأتي من تصدير الحكومة الاتحادية للنفط وضمنه نفط كردستان يتم وضعها في الحساب، أي أن عائدات الإقليم توضع مع الأموال التي تحصل عليها الحكومة، وتكتفي شركة سومو بتسويق النفط العراقي فقط".

ويشرح الجواهري، أن "أي نفط يباع يمر في أنابيب ومن ثم عدادات وبعدها يخزن في خزانات تقيس حجم النفط القادم، ومن ثم هناك ناقلات تنقل النفط تحتوي بدورها على عدادات دقيقة جدا، وهذه جميعها تعطي حجم النفط القادم من كردستان وبالتأكيد يجب أن يكون للدولة تدخل فيها وبالتالي لا يمكن تهريب النفط إلا من خلال الآبار المغلقة".

لكن مصدرا في شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، يوضح خلال حديث لـه أن "الشركة جزء من الاتفاق الذي جرى بين بغداد وأربيل، ولن تكون خارج المعادلة فيما يخص الحساب المصرفي".

ويوضح أن "سومو ستكون مسؤولة عن متابعة تصدير الإقليم للنفط والكميات والأسعار، فكل شيء يتعلق ببيع النفط تشترك فيه سومو ولا يمكن أن تستبعد".

وكانت تقارير سلطت الضوء في وقت سابق، حول التطور بعلاقة بغداد وأربيل، وفيه أكد مراقبون للشأن السياسي أن أربيل ظهرت أكثر جدية في إنهاء فصول المعادلة السياسية القائمة على الصراع مع بغداد منذ سنوات، في تحول لافت تمثل برغبتها في دعم وحدة البلاد وتقوية عاصمتها الاتحادية، والسعي نحو المشاركة الفاعلة في الحكومة الاتحادية وكافة الفعاليات الوطنية الأخرى، بسبب المتغيرات الإقليمية والداخلية، فضلا عن بحث قادة الإقليم عن حلول لمشاكله التي يعاني منها، وأبرزها الاقتصادية، في ظل انقسام حاد بين إدارتي أربيل والسليمانية، ما أدى لإدراك أربيل بأن عمقها الإستراتيجي هو بغداد، وأن إضعاف إحداهما مقابل تقوية الأخرى لن يفضي لنتائج إيجابية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة