على غرار تجربة الكتل الشيعية بتشكيل الإطار التنسيقي، يتّجه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى تشكيل "إطار سني"، داعيا له قادة الكتل ورؤساء البرلمان السابقين، بحسب مصادر مطلعة، وفيما رفض بعض المدعوين وتردد آخرون بقبول الدعوة حتى الآن، عدّ مراقبون للشأن السياسي هذا التوجه بأنه يندرج ضمن "التموضع الطائفي"، وبحث رئيس البرلمان عن الزعامة بعد قلقه من إقدام الإطار التنسيقي، على إقالته من منصبه، إضافة إلى خلق مرجعية سياسية "سنية".
وتقول مصادر سياسية مطلعة، خلال حديث لـه، إن "رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، يسعى ويعمل على تشكيل إطار تنسيقي سني، يشابه الإطار التنسيقي الشيعي، وجاء هذا التحرك لوجود مخاوف حقيقية لديه من أي تحرك لإقالته خلال المرحلة المقبلة".
وتضيف المصادر، أن "الحلبوسي تواصل مع عدد من القيادات السنية البارزة، السابقة كأسامة النجيفي، سليم الجبوري، صالح المطلك، رافع العيساوي، خميس الخنجر وغيرهم من القيادات السنية السابقة والحالية، من اجل تشكيل إطار سني يجمع كل هؤلاء".
وتبين، أن "الحلبوسي وجه لهم دعوة للاجتماع من أجل التنسيق لتشكيل هذا الإطار خلال الساعات المقبلة، وهناك قيادات رفضت هذه الدعوة وأخرى مترددة بقبول الدعوة حتى الساعة، مع استمرار الحلبوسي في حضور كامل القيادات السنية السابقة والحالية".
وكانت مصادر مطلعة كشفت يوم أمس، عن قرب زيارة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لمحافظة ديالى، بهدف تقوية قيادات حزبه "تقدم" في المحافظة، خوفا من انشقاقهم، على غرار الانشقاقات السابقة التي عصفت بالحزب مؤخرا.
وفي كانون الثاني يناير الماضي، قدم 6 أعضاء استقالتهم من حزب تقدم، على إثر خلافات حادة مع الحلبوسي، وصلت إلى مرحلة الشجار والسباب، خلال اجتماع بمنزل رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر.
كما كان القيادي الأبرز في تحالف السيادة أحمد الجبوري (أبو مازن)، انسحب من التحالف قبيل تشكيل الحكومة الحالية، وأنضم إلى تحالف العزم بقيادة مثنى السامرائي المتحالف مع الإطار التنسيقي، وذلك بعد خلافات حول الوزارات ومناصب المحافظين.
وخلال الأيام الماضية، تجدّدت قضية إقالة الحلبوسي من منصبه، وهذه المرة برزت بقوة، لاسيما وأنها تزامنت مع إجازته التي أمدها 15 يوما، وتمثلت بنشر نواب وسياسيين منشورات تؤكد قرب إقالته.
من جهته، يفيد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـه، بأن "هذه الخطوة تأتي من اجل إعادة التموضع الطائفي، كما فعل الإطار التنسيقي، الذي أعاد تموضعه على أساس البيت الشيعي، ولهذا فإن الحلبوسي يندفع لإعادة خطوات الإطار الشيعي نفسها، والهدف من ذلك ليس وحدة البيت السني، الذي هو بالأساس مشتت، لكن لغرض الظفر بالزعامة السياسية السنية".
ويبين الشمري، أن "الدعوة في هذا التوقيت تؤشر مستوى القلق لرئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي من إمكانية سحب الثقة عنه من قبل الإطار التنسيقي الشيعي، ولهذا يريد من خلال هذا الحراك أن يكون هناك موقف موحد للقوى السياسية السنية، لمواجهة احتمالية إقالته من رئاسة مجلس النواب".
ويضيف، أن "حراك الحلبوسي أيضا هو من أجل الإعداد للانتخابات القادمة سواء كانت محلية أم برلمانية، فهي محاولة لإعادة صياغة التحالفات، من جانب ومن جانب آخر إنه يحاول إرضاء القيادات السنية التي تبحث عن مشروع سني مغاير لمستوى الأداء السني في السنوات الأخيرة، وحراك الحلبوسي هو رد فعل لمحاولات الإطاحة به وتقويض نفوذه".
وكانت مصادر كشفت في تقرير سابق، أن قضية تغيير الحلبوسي، مرهونة بإيجاد البديل له، وهو ما لم تتوصل له الأطراف الداعية لتغييره حتى الآن، وسط أنباء عن طرح النائب خالد العبيدي كمرشح عنه.
يذكر أن الإطار التنسيقي، سبق وأن أكد أن قرار تغيير الحلبوسي بيد الكتل السنية حصرا، ولا يمكن له أن يتحرك بهذا الاتجاه بمعزل عن الكتل السنية، وهذا إلى جانب الكشف عن وجود اتفاق بين كتلة العزم بقيادة مثنى السامرائي والإطار التنسيقي على تغيير الحلبوسي، إبان مفاوضات تشكيل الحكومة.
يشار إلى أن تحالف السيادة، شكل بعد توافق الخنجر والحلبوسي، وباتفاق يتضمن يذهب بموجبه منصب رئيس التحالف إلى الخنجر، والتجديد للحلبوسي كرئيس للبرلمان مقابل ذهاب المناصب الأخرى والوزارات من حصة المكون السني، إلى الخنجر والكتل "السنية" الأخرى، وهذا بعد خلافات كبيرة انتهت بجلسة صلح قادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
بالمقابل، يجد المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـه، أن "مشروع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لتشكيل إطار تنسيقي سني، يهدف لتقييم أداء البيت السياسي السني، وخلق مرجعية سياسية سنية بشكل تدريجي قادرة على احتواء الأزمات، وصناعة واقع سني يتعكز على قضايا المكون وليس رغبات حزبية وسياسية".
ويبين البيدر، أن "الحلبوسي يريد من هذه الخطوة لملمة شتات البيت السياسي السني والاهتمام بقضاياه، فهناك اختلاف في التعاطي مع شروط وطلبات المكون السني من قبل الشركاء الآخرين".
ويضيف، أن "نجاح الحلبوسي في تشكيل إطار تنسيقي سني، ممكن أن يعالج الكثير من المشاكل والأزمات التي يعاني منها المكون، ودمج هذا المجتمع بشكل أكبر في الدولة والبيئة السياسية، بعد مراحل طويلة من التخبط في القرارات السياسية السنية خلال السنوات الطويلة الماضية".
جدير بالذكر، أن تحالف العزم بقيادة السامرائي، تشكل بعد الانشقاق عن تحالف عزم بقيادة خميس الخنجر، عندما قرر الأخير التحالف مع حزب تقدم بقيادة الحلبوسي وتشكيل تحالف السيادة، وهو ما رفضه السامرائي، نظرا للعداء مع الحلبوسي، فانشق إلى جانب نحو 15 نائبا وانضم للإطار التنسيقي.
وبين فترة وأخرى، يتجدد الحديث عن إقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، من قبل الأطراف السنية المعارضة له، والتي تتوزع بين تحالف العزم وبين ضغط قيادات سياسية من الأنبار، لكنها لا تمتلك ثقلا نيابيا، بل تتحرك جماهيريا وعلى القوى الفاعلة الأخرى.