أدى الانسداد السياسي وغياب التوافق في قضية اختيار محافظي كركوك وديالى، إلى التفكير بحلول مبتكرة لإدارة المحافظة أبرزها تدوير منصب المحافظ، وعلى الرغم من تصاعد أسهم هذه الفكرة الآن، لكن مراقبين وخبراء قانونيين أكدوا أن طريقة تدوير منصب المحافظ بين الكتل الفائزة في الانتخابات غير قانونية وتمثل “قفزا” على الدستور.
ويقول الباحث في الدراسات الاستراتيجية كاظم ياور، خلال حديث لـه، إن “قضية تدوير منصب المحافظ، لم نجد لها تجربة سابقة سوى في محافظة السليمانية، حيث كان هناك تدوير بين الاتحاد الوطني وحركة غوران لسنتين بسنتين، وعندما تم إلغاء مجلس المحافظة من قبل المحكمة الاتحادية، بقي منصب المحافظ لحركة غوران ولم تسلمه مرة أخرى للاتحاد الوطني”.
ويضيف ياور: “أننا اقترحنا بأن يكون منصب محافظ كركوك بالتدوير لكن بمدة سنتين للكرد، أي لحزب الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، سنة لكل منهما، والسنة الثالثة لما يتفق عليه عرب كركوك، وما تبقى من الشهور من عمر المجلس تكون قيادة دفة المحافظة للتركمان”.
وعن ملف الخدمات والمشاريع في ظل التدوير المقترح، يتابع أن “الخدمات تتعلق بدرجة أساسية بمجلس المحافظة، فاذا كان هناك انسجام في العمل فهو سيصادق على حزمة كاملة من المشاريع الخدمية في الأقضية والنواحي والمركز، أما المحافظ فهو يمثل جهة تنفيذية للمشاريع والخدمات بغض النظر إن كان من هذا الحزب أو ذاك”.
لكن على الرغم من ذلك، يؤكد ياور أن هناك “إشكالية تبقى بحالة التدوير في ما يخص الملف الأمني، لأن المحافظ يعتبر رئيس اللجنة الأمنية المحافظة”، مشيرا إلى أن “لطبيعة كركوك المعقدة من الممكن أن يكون التدوير حلا، لكن تبقى هذه التجربة باعتبارها استثنائية وليست تجربة أصيلة”.
وكانت وسائل إعلام محلية كشفت أن اتفاقا حصل بين العرب والبارتي والتركمان يقضي بأن يكون منصب المحافظ بالتدوير على أن يكون من حصة الحزب الديمقراطي الكردستاني لأربعة أشهر وكذلك تكون لباقي القوميات مدد معينة.
ومصطلح “التدوير” ظهر لأول مرة في كركوك بسبب الصراع الكردي على منصب المحافظ ودخول العرب أيضا على خط المنافسة بعد حصولهم على عدد من المقاعد يساوي مقاعد الكرد، ونص هذا المقترح على أن يحصل العرب على سنتين لإدارة المحافظة، وسنتين للكرد، لينتقل المقترح إلى ديالى التي تعاني الأمر ذاته.
إلى ذلك، يؤكد المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه، أن “فكرة التدوير ترد لأول مرة إلى معرفتي، لكنها في العموم فكرة غير قانونية وغير صحيحة وتكشف عن فشل ذريع في الوصول إلى اتفاقات وتفاهمات، كما تمثل قفزا على الدستور والقانون ونتائج الانتخابات، لذلك ندعو لرفض مثل هذه القرارات والأفكار”.
وعن كيفية إدارة المحافظة وتنفيذ المشاريع في حال تطبيق التدوير في بعض المحافظات، يضيف الدعمي أن “المشاريع من المفترض أن تقوم بها الدوائر التابعة للمحافظة، فإذا كانت هذه الدوائر تسير وفق الإطار الصحيح فلن يتم التأثير على سير المشاريع والخدمات حتى بوجود التدوير، لكن في بلد مثل العراق لن يتم الأمر بسهولة”.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حثّ أمس السبت، أعضاء مجلس محافظة كركوك على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما “يلبّي تطلعات أبناء المحافظة”، مؤكداً دعمه لعمل المجلس، وتوفير كل ما من شأنه أن يرتقي بالواقع الاقتصادي.
وتشهد محافظة كركوك أزمة سياسية حول تشكيل الحكومة المحلية، فمنذ إعلان النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات في كانون الثاني/ يناير الماضي، ما زال مجلس محافظة كركوك لم يحسم أمره بشأن اختيار رئيساً له وانتخاب المحافظـ وفيما تمضي الحكومات المحلية في باقي المحافظات بممارسة مهامها، ما تزال كركوك، وديالى كذلك، رهينة تجاذبات الكتل السياسية التي لم تتفق لغاية الآن على حسم أمرها وتشكيل الحكومة المحلية للمحافظة.
من جهته، يوضح الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـه، أن “تدوير المحافظين إجراء غير قانوني، لأن قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 حدد عمر مجلس المحافظة بأربع سنوات تقويمية، كما أنه أيضا يخالف المادة 7 وتفاصيلها التي حددت أن المحافظ ونوابه ورئيس المجلس ونائبه منتخبون لمدة أربع سنوات، وهذه المواد القانونية صريحة وواضحة”.
ويضيف التميمي، أن “مصطلح التدوير بدعة سياسية مخالفة للقانون بشكل صريح، وإذا ما تم تنفيذه فالقضية قابلة للطعن أمام المحكمة الإدارية لأنه تعيين المحافظ قرار إداري، لذا فإن إجراء تغيير المحافظ بالتدوير لكل أربعة أشهر إجراء غير قانوني ويخالف الدستور أيضا”.