يعتاد العراقيون في كل موسم صيفي، على مواجهة تردي وفشل القطاع الكهربائي في العراق، وبينما كان الامر غالبًا مايتم تبريره بنقص الوقود وانقطاع الغاز الايراني، زاد تردي التجهيز هذا الموسم مقارنة بالموسم السابق، من "اللغز" حول السر وراء تردي الكهرباء، خصوصا وان الغاز الإيراني مستمر وان الانتاج الحالي اكبر من انتاج العام الماضي، الا ان مستوى التجهيز تراجع.
وعن هذا الامر يكشف وكيل وزارة الكهرباء الحالي، ووزير الكهرباء بالوكالة السابق، عادل كريم، عن الاسرار وراء تردي التجهيز الكهربائي، والذي لم يكن حديثه خاليًا من "التشاؤم"، وما تفرضه لغة الأرقام من واقع لا يمكن الهروب منه او الاختباء خلفه.
يقول كريم في حديث لـه إن "اسبابًا عديدة تقف خلف رداءة تجهيز الكهرباء، ابرزها عجزنا عن مواكبة الطلب المتزايد"، مشيرًا إلى أن "تحسن الحالة المعيشية في العراق جعل الطلب يزداد سنويًا بواقع ألفي ميغا واط".
يبين، انه "في السابق كان العراقيون يعتمدون على المبردات والتي لا تسحب في احسن الاحوال اكثر من 3 الى 4 امبيرات، في حين يتم الاعتماد حاليًا وبسبب تحسن الحالة المعيشية على السبالت وأجهزة التبريد التي تستهلك حوالي 12 أمبيرا".
ويضيف كريم، ان "انتاج العراق حاليًا يبلغ اكثر من 25 الف ميغا واط، في حين ان الطلب هذا العام يبلغ 50 الف ميغا واط لتجهيز العراقيين بالكهرباء لـ 24 ساعة"، مشيرا الى ان "النقص يبلغ 25 الف ميغا واط اي ان الطلب ضعف الانتاج حاليًا".
ويتحدث، عن البدء ببرنامج طموح جدا متمثلا ببناء محطات حرارية ومركبة وغازية واعادة اصلاح المحطات التي تضررت من معارك داعش الإرهابي".
وبينما تعد جميع هذه المشاكل، ليست حديثة بل قديمة، يستدرك كريم، حول السبب المباشر وراء الازمة الأخيرة خلال هذا الصيف، بالقول: انها "جاءت بسبب شبكات التوزيع حيث ان المغذيات بدأت تعمل فوق طاقتها، حيث ان المغذي سابقا يبلغ حمله 5 ميغا واط، لكن بسبب التطور العمراني والتوسع، وبناء العمارات، بدأت المغذيات غير قادرة على مواكبة هذا التوسع، واصبحت لدينا مشاكل كبيرة في هذه المغذيات".
فضلا عن ذلك، يشير الى انه "في بداية الصيف تفصل العديد من الوحدات والخطوط بسبب ارتفاع حراراتها، وحصلت لدينا العديد من هذه المشاكل".
وحول تأثير الصيف، يبين كريم، انه "في اوقات الاعتدال الربيعي والخريفي، تكون حاجتنا تترواح بين 11 الى 14 الف ميغا واط فقط، لكن في الصيف تقفز الى 50 الف ميغا واط".
ولا يلقي كريم باللوم على المواطن لوحده في استخدام "السبالت"، مشيرا الى ان "التغيير المناخي له دور كبير في توسع استخدام اجهزة التكييف حيث ان العراق هو البلد الخامس الاكثر تأثرا بالتغيرات المناخية حول العالم".
ويشير وكيل الوزارة، الى ان تأخر الموازنات وعدم اقرارها في عام 2020 و2022، وغياب الموازنات الاستثمارية، ادت الى تأخر خطط الوزارة في مواكبة الطلب واوقفت الكثير من المشاريع لزيادة الانتاج، فضلا عن حرب تنظيم داعش حيث ان التنظيم الإرهابي تسبب بفقدان العراق قرابة 6 الاف ميغا واط من الانتاج، لكن الان العمل جاري في بيجي والانبار والمحطات الحرارية في الموصل وعكاز وكركوك".
وحول ازمة الوقود اللازم لتشغيل المحطات، المتمثل بالغاز، يبين كريم، ان العراق بلد غني بالوقود السائل، لذلك التوجه الآن نحو بناء المحطات الحرارية وليس الغازية، وفي السنوات القادمة ستدخل الخدمة، وهو ما يساهم بعدم تأثر الإنتاج في حال توقف الغاز المستورد.