تعد مدينة نيبور أو “نفّر” الأثرية، العاصمة الدينية للسومريين والبابليين، والواقعة في قضاء عفك بمحافظة الديوانية، واحدة من أقدم الحواضر في العالم، وتعود إلى نحو تسعة آلاف عام، حيث وثقت وفق الرُقم الطينية التاريخية أول مباراة لكرة القدم، وهي اللعبة الرياضية الأشهر في تاريخ الرياضات العالمية.
ويستعد العراق منذ سنوات لاستكمال متطلبات إدراج هذه المدينة العريقة على لائحة التراث العالمي في منظمة اليونسكو، خاصة بعد نجاح إدراج الأهوار العراقية قبلها في اللائحة.
وتضم المدينة مقر الإله “إنليل وزوجته نينليل” داخل زقورتها الشامخة التي ترتفع كثيرا عن مستوى الأرض، كما عُثر في موقعها على العديد من التماثيل والصناديق المملوءة بالآثار، إضافة إلى خزانة رُقم طينية، وآلاف من ألواح الطين المتضمنة مواضيع علمية وأدبية واجتماعية.
ويقول المتحدث باسم وزارة الثقافة والسياحة والآثار، أحمد العلياوي، خلال حديث لـه، إن “موقع مدينة نيبور الأثرية في محافظة الديوانية يعد من المواضيع الأساسية اليوم، حيث تستعد الوزارة لإدراجها على لائحة التراث العالمي”.
ويوضح العلياوي، بالقول “يتم ذلك ضمن ملف يضم يشمل أيضا إدراج طريق زبيدة، أو طريق الحج البري الكوفي في لائحة التراث العالمي، بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية”.
ويتابع “هذا الملف بلغ مرحلة متقدمة من التفاهم، حيث تم تأشير المعايير المطلوبة لمدينة نيبور بوصفها إحدى مناطق العراق الأساسية والمهمة في خريطة الآثار العراقية، ولذلك يتم تجهيز ملف خاص بها، وبلا شك هناك خطة جديدة لإدارة كل هذه المواقع على المستوى السياحي والصيانة”.
وبحسب العديد من المختصين، فقد كان أهم اكتشاف في مدينة نيبور هو العثور على رقيم طيني يحتوي على خارطة المدينة بأكملها، وأسماء أحيائها، مما يدل على عظمة بناء المدينة وتقدم تخطيطها في ذلك الوقت، كما يأمل أصحاب الاختصاص بأن تصبح هذه المدينة الأثرية بعد إدراجها عالميا، وجهة سياحية، وإضافة نوعية إلى القطاع السياحي في الديوانية لتنعش اقتصادها وتوفر فرص العمل للطاقات الشبابية والكفاءات.
من جهته، يرى المنقب والمختص الآثاري، عامر عبدالرزاق، خلال حديث له ، أن “مدينة نيبور واحدة من أهم المدن الأثرية في العراق والعالم، إذ يعود السكن بها إلى الألف الخامس قبل الميلاد، حيث أصبحت قدس الأقداس السومرية وواحدة من أقدس الأماكن في بلاد سومر، وهي مقر العبادة للإله في حينها”.
ويلفت عبدالرزاق، إلى أن “نيبور تعتبر مدينة سياسية ودينية مهمة جدا وهي من مدن عصر فجر السلالات، كما تحتوي على أبنية دينية ومساكن للكهنة وللقيادات الكبيرة في ذلك الوقت”.
ويردف “مهمة إدراجها على لائحة التراث العالمي ستنشط السياحة في تلك المدينة، وتكون موردا مهما لأهالي المحافظة والعراق بصورة عامة، فالنصوص التي عُثر عليها توضح أن ملك أور، واسمه: شولكي، كان يذهب إلى مدينة نيبور وهي المدينة المقدسة لدى السومريين سيرا على الأقدام، وفي بعض الأحيان يكون سيره حافي القدميين تعبيرا منه لطاعته، كما كانت بلاد سومر تعتمد كثيرا على هذه الطقوس”.
وشهدت مدينة نيبور أول عمليات تنقيب في عام 1889 من قبل بعثة آثارية من جامعة بنسلفانيا الأمريكية وأسفرت عن العثور على أول مكتبة في التاريخ رغم صغر حجمها، فضلا عن أقدم تقويم زراعي في التاريخ، وأول من لعب كرة القدم كان من نيبور، حيث عُثر على لوح طيني يظهر فيه رجلا وأمام قدمه ما يشبه كرة القدم يداعبها، بالإضافة لما يثبت أول صيدلية في التاريخ.
يشار إلى أن الحضارتين السومرية والبابلية قد حكمت العديد من الدول المجاورة ووصلت في بعض أوقاتها إلى البحر الأبيض المتوسط شمالا وإلى دولة البحرين جنوبا، كما وجدت العديد من الرقم الطينية المكتوبة بالخط المسماري السومري في العديد من الدول الآسيوية، وصلتها عن طريق التجارة أو البعثات الدبلوماسية في حينها.