قرارات عديدة ومهمة اتخذها مجلس الوزراء برئاسة محمد شياع السوداني، لكن تعليمات تنفيذها ها لم تصل لغاية الآن، على الرغم من مرور أسابيع على إقرارها، وهو ما بررته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأن العملية تأخذ وقتا من قبل الجهات التنفيذية وبعضها مرتبط بالموازنة، إلا أن مراقبين أشروا إلى صعوبة تنفيذ بعض تلك القرارات، التي أخفقت في تنفيذها الحكومات السابقة أيضا، متهمين جميعها بالبحث عن "إنجاز إعلامي" أمام الطبقات الفقيرة.
ويقول المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد، خلال حديث له إن "القرارات التي يصدرها مجلس الوزراء واجبة التنفيذ لكل الجهات، وهناك آلية لمتابعة تنفيذ كل قرار يصدر عن مجلس الوزراء، عبر دائرة مجلس شؤون مجلس الوزراء، ولجان خاصة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فهناك قسم خاص لمتابعة هذه القرارات".
ويضيف مجيد، أن "هناك قرارات لمجلس الوزراء تحتاج إلى إصدار تعليمات وتوجيهات لغرض تطبيقها، وهناك قرارات أخرى لا تحتاج إلى هذه التعليمات فيتم تنفيذها بشكل مباشر من قبل الجهات التنفيذية المعينة بهذه القرارات، وفي ما يخص قرار تمليك الأراضي الزراعية ففيه شقان الأول يحتاج لتعليمات والآخر ينفذ بشكل فوري وهناك عمل على تنفيذ هذا القرار".
ويبين أن "بعض قرارات مجلس الوزراء، التي صدرت خلال الأيام الماضية، لم تنفيذ حالياً كونها تتعلق بإقرار مشروع قانون الموازنة، والموازنة حتى الآن لم تشرع، فهناك قرارات تحتاج إلى تخصيصات مالية يتم إدراجها وفق قانون الموازنة".
ويؤكد المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء أنه "بعد تشريع قانون موازنة سنة 2023 من قبل مجلس الوزراء، سيتم تنفيذ الكثير من القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء، خصوصاً المتعلقة بقضية التعيينات وتثبيت العقود وغيرها، وأي قرار يصدر من مجلس الوزراء ولا يحتاج إلى تخصيصات يتم المباشرة بتنفيذه وفق الإجراءات والسياقات القانونية، عبر لجان خاصة معينة بمتابعة تنفيذ هذه القرارات".
ومن أبرز قرارات مجلس الوزراء، الذي صدر في 28 تشرين الثاني نوفمبر 2022، والقاضي بتحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية وتمليكها لشاغليها، وقد حدد القرار مدة التنفيذ بـ90 يوما من تاريخ صدوره، لكن لغاية الآن لم تصل أي تعليمات تنفيذ، حسب ما ورد بتقرير سابق، خاص بمتابعة تنفيذ هذا القرار.
وكان السوداني، وخلال الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء في 12 كانون الأول ديسمبر 2021، قرر توزيع 500 ألف قطعة سكنية مع قروض ميسرة وإنشاء مدن سكنية جديدة كاملة الخدمات، ولغاية الآن لم تحدد التعليمات وكيفية التقديم على الأراضي.
من جهته، يبين المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث له انه "من حيث المبدأ فأن تنفيذ القرارات التي تصدر من مجلس الوزراء وفي أي حكومة كانت الحالية أو السابقة، تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها، وبعض هذه القرارات لا يتم تنفيذه طيلة عمر حكومة كاملة (أربع سنوات) لأسباب مختلفة فنية أو قانونية أو حتى سياسية، وبعض هذه القرارات يتم تنفيذه بعد وقت طويل".
ويتابع الدعمي أن "قرار تمليك الأراضي الزراعية وكذلك قرار توزيع الأراضي صعب التنفيذ من قبل الجهات الحكومية رغم وجود قرار من مجلس الوزراء بهذا الخصوص، فهناك الكثير من المشاكل حول هذه الأراضي ما بين مؤسسات الدولة نفسها، ولهذا هذا الملف تطرحه كل حكومة جديدة، لكن لا نرى أي تنفيذ على ارض الواقع لحسم هذا الملف".
ويشير إلى "الحاجة لمزيد من الوقت لمعرفة هل القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء هي حقيقية صادرة لصالح المواطن، أم أنها مجرد خبرا إعلاميا ومحاولة لتهدئة الشارع، والأيام المقبلة سوف تثبت ذلك ونحتاج ستة أشهر حتى نعرف حقيقة وجدية تطبيق هذه القرارات".
ويؤكد المحلل السياسي أن "الكثير من المسؤولين وحتى النواب يتسابقون على الإنجازات، حتى وان كان ذلك الإنجاز إعلاميا فقط، وهذا الأمر يؤكد أن المسؤولين يبحثون على منجزات وهمية لا يتم تنفيذها".
وفي الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، أمس الأول، قرر السوداني تخصيص مبلغ مليار دينار يصرف شهريا لمكافحة المخدرات، وبالإضافة إلى تخويل وزارة الداخلية بالتصرف بمعسكرات تابعة لوزارة الدفاع لغرض إيواء المتعاطين، وقد تواصلت مع المؤسسات الأمنية لمعرفة تفاصيل القرار، وأتضح أنه لا علم لهم ولم يصلهم أي كتاب أو تعليمات.
كما أصدر السوداني قرارات كثيرة بشأن التعيينات، منها تثبت أصحاب العقود في أغلب مؤسسات الدولة، إضافة تثبت المحاضرين المجانيين على الملاك الدائم، وقراره بتضمين الموازنة درجات وظيفية بصفة عقود.
بالمقابل، يفيد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث له بأن "قرار مجلس الوزراء له علوية على كافة مؤسسات الدولة التنفيذية، وهو ملزم التنفيذ، لكن هناك قرارات تتأخر في التنفيذ لمرور هذا القرار بسلسلة إدارية مطولة لإصدار تعليمات وضوابط أي قرار يصوت عليه مجلس الوزراء، ثم إرساله للوزارات المعينة لغرض تنفيذه، وهذه الوزارات أيضا ستمر بسلسة إدارية، ولهذا فأن القرارات تحتاج إلى وقت طويل لغرض تنفيذها".
ويبين الشمري أن "بعض قرارات مجلس الوزراء قد تتضمن إشكاليات ما بين مؤسسات الدولة نفسها، خصوصا القرارات التي تحتوي على أراض، فهناك خلافات على عائدية الكثير من الأراضي ما بين الوزارات، ولهذا هناك عراقيل كثيرة في تنفيذ أي قرار يخص قضية الأراضي سواء الزراعية أو غيرها".
ويضيف رئيس مركز التفكير السياسي أن "رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، يبحث عن منجز ولهذا هو يركز على الطبقات الفقيرة في أغلب القرارات التي يصدرها مجلس الوزراء، لكن هناك تأخيرا في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء بسبب وجود البيروقراطية التي دائما ما تؤخر تنفيذ الكثير من قرارات الحكومة ليس الحالية فقط، بل السابقة وحتى المقبلة ربما، فهذه البيروقراطية مشكلة كبيرة لدى الدولة العراقية".
يشار إلى أن قضية الأراضي السكنية، تعد من أبرز القرارات التي تتخذها أغلب الحكومات، سواء توزيع أو بيع بأسعار رمزية للمواطنين، ولم تنفذ في الغالب، وكان آخرها قرار رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي بإطلاق مشروع داري السكني بواقع 500 ألف قطعة أرض، ولم ينفذ أيضا.