08 Aug
08Aug

تضاربت الآراء حول جدوى زيارة الوفد العسكري العراقي إلى واشنطن، ففيما وصفها مراقبون بـ"البروتوكولية"، اعتبروها مؤشرا على ارتياح الولايات المتحدة لخطوات الحكومة الحالية، لكنها لن تفتح أبواب البيت الأبيض أمام رئيسها محمد شياع السوداني، غير أن مقربا من الإطار عزاها للبحث في ملف انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وتحشيدها شرقي الفرات قرب الحدود الغربية للعراق.

ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي، في حديث لـه إن "دعوة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لوفد عسكري عراقي برئاسة وزير الدفاع، هي بروتوكولية، ولن يكون لها أي تأثير، خصوصاً وأن واشنطن لا تغلق كل الأبواب، بل تترك بعضها مفتوحا للتواصل مع بعض الحكومات، وهذا ما تتبعه مع العراق".

ويضيف الدعمي، أن "واشنطن حتى اللحظة لا تعتبر حكومة السوداني محل اهتمام لها، ولو كانت تهتم فعلا بهذه الحكومة لوجهت دعوة لرئيس الوزراء لزيارتها، وذلك لأنها ترى أن هذه الحكومة، هي أقرب إلى إيران ولا تمثل المصالح الأمريكية".

يذكر أن وفدا عسكريا، برئاسة وزير الدفاع ثابت محمد العباسي بدأ زيارته يوم أمس الاثنين، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بدعوة رسمية من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ويضم رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن عبد الوهاب الساعدي، ورئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، و نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الأول الركن قيس المحمداوي وعدداً من المستشارين والضباط.

وبحسب البيان الرسمي العراقي، فإن الوفد سيناقش العلاقة المستقبلية لتواجد التحالف الدولي، والتعاون الأمني الثنائي بين العراق والولايات المتحدة، وتبادل الخبرات والمعلومات خاصة في الجانب الاستخباري في ملاحقة ما تبقى من عناصر داعش.

يشار إلى أن، رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حاول زيارة واشنطن بعد تسنمه منصبه، إلى جانب زياراته للدول الإقليمية، لكن لم يتم الاتفاق على الزيارة.

ومؤخرا، أثارت تحركات السفيرة الأمريكية في بغداد ألينا رومانسيكي، واجتماعاتها مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، والوزراء وزعماء الكتل السياسية، وخاصة قادة كتل الإطار التنسيقي، التساؤلات، ووفقا لتقرير سابق لـه فقد كشف المتحدثون أن الإدارة الأمريكية سلمت ملف العراق للسفيرة دون تدخل وزارة الخارجية أو الرئيس الأمريكي بشكل مباشر، وذلك ما يضمن لها حرية التحرك والمرونة بإيصال الرسائل، فيما بينوا أن سبب هذه الخطوة هو وضع اشتراطات على السوداني تخص الفصائل المسلحة، قبل أن تعود العلاقة المباشرة مع واشنطن.

الفصائل وأمريكا
من جهته، يبين المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، خلال حديث لـه أن "الملف الأمني، يعد من أهم الملفات في العراق، وخاصة الجزء المتعلق بواشنطن، فهو معلق ويحتاج إلى حلول، لاسيما مع وجود مطالب برلمانية وسياسية وشعبية لإخراج القوات الأجنبية والأمريكية تحديداً من كافة الأراضي العراقية".

ويلفت فضل الله، إلى وجود "اتفاق خلال تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، على عدم الحاجة لأي قوات عسكرية أمريكية وأجنبية، بل العراق بحاجة لبعض الخبراء والمستشارين، بالتالي فإن زيارة الوفد الأمني والعسكري إلى واشنطن، سوف تنظر بأمرين، الأول تنظيم العلاقة الأمنية ما بين العراق والولايات المتحدة، والإبقاء فقط على المستشارين الأمنيين".

ويستطرد "الأمر الثاني، هو البحث بملف التحشيد الأمريكي شرق الفرات داخل الأراضي السورية، بالقرب من الحدود العراقية، وهذا الملف يستدعي التنظيم والمتابعة من قبل الحكومة العراقية، وهذا الملف سيكون ضمن أجندة الوفد العراقي، وغيرها من ملفات التنسيق العسكري المشترك".

يذكر أن ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق، كان من أبرز ما نادى به الإطار التنسيقي خلال الحكومة السابقة، واستخدمه ضدها، فيما اتخذت الحكومة الحالية المشكلة من قوى الإطار، الصمت تجاه هذا الملف، وهو ما ربطه محللون سياسيون حسب تقرير سابق، بهدنة أمريكية إيرانية، بالإضافة إلى عدم التأثير على حكومة السوداني.

ومنذ عامين، صعدت الفصائل المسلحة وقوى الإطار التنسيقي من مطالباتها بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وضغطت بكل السبل لتحقيق هذا الأمر، وهذا إلى جانب ظهور فصائل بأسماء وهمية، تبنت كافة عمليات استهداف المصالح الأمريكية في العراق.

جدير بالذكر، أن استهداف المصالح الأمريكية عبر الطائرات المسيرة والصواريخ، كان حاضرا في ذروة الأزمة السياسية التي استمرت لأكثر من عام، حيث جرت استهدافات عدة ومن أبرزها ضد القاعدة العسكرية الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي، وذلك في أيار مايو 2021.

في المقابل، يرى المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر، خلال حديث لـه أن "الزيارة ليس لها علاقة بملف جدولة إنسحاب القوات الأمريكية من العراق، إذ أن هذا الملف محسوم، حيث أكد السوداني أكثر من مرة أن العراق ما زال بحاحة إلى وجود قوات التحالف الدولي ومنها القوات الأمريكية، وما تتحدث عنه الفصائل المسلحة هو للاستهلاك المحلي ولتنفيذ أجنداتها فقط".

ويتابع حيدر، أن "هذه الفصائل أخرست منذ تشكيل الحكومة ولم ترم حجرة واحدة على المصالح الأمريكية، على الرغم من أنهم ادعوا وقتها أنهم أمهلوا السوداني 6 أشهر لإخراج القوات الأجنبية من العراق"، مضيفا أن "زيارات الوفود العسكرية الأمريكية إلى بغداد، وعلى أعلى المستويات لم تنقطع، وكانت أبرزها زيارة وزير الدفاع الأمريكي قبل أشهر".

ويلفت إلى أنه "واشنطن مرتاحة لما يبديه السوداني بصفته القائد العام للقوات المسلحة من التزامات بالحرف الواحد بشأن التعامل مع الفصائل، إذ نجح في لجمها وتحديد حركتها إلى حد كبير، إضافة لما يبديه من اهتمام في ملف تنظيم وتسليح وتمكين القوات المسلحة والاجهزة الامنية والعسكريَّةِ على مختلف الاصعدة وبالتعاون مع واشنطن وبقية أطراف الناتو والتحالف الدولي".

يشار إلى أن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أعلن في أيار مايو الماضي، عن مضي الهيئة بـ"تكريس الفصل بين هيئة الحشد والكيانات الأخرى، ونحن بصدد تثبيت الهيكلة النهائية لهيئة الحشد الشعبي"، وهز ما عد في حينها خطوات حكومية لحسم ملف الفصائل المسلحة، عبر الفصل بينها وبين القوى المنضوية في هيئة الحشد الشعبي، فضلا عن السيطرة على سلاح تلك الفصائل.

وكان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، زار بغداد مطلع آذار مارس الماضي، والتقى السوداني، وقد كشفت وكالة رويترز، في حينها، نقلا عن مسؤول أمريكي قوله، إن الهدف من زيارة أوستن إلى بغداد هي الإبلاغ بأن واشنطن ليست مهتمة فقط بالجانب العسكري، لكنها ترغب بشكل كبير بإقامة شراكة إستراتيجية كاملة مع الحكومة العراقية، وأن قواتها باقية في العراق.

يشار إلى أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، زار بغداد أيضا إلى في 16 كانون الثاني يناير الماضي، وعقد اجتماعات مع مختلف السياسيين، وأولهم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ومن ثم زار أربيل.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة