20 Nov
20Nov

الدفع الإلكتروني، ورغم أن العراق سعى لأن يكون أحد حلول أزمة الدولار ويدخل ضمن تطوير النظام المصرفي، لكن جرى استغلاله سريعا من قبل مهربي الدولار، وذلك عبر تعبئة بطاقات الدفع وسحب المبالغ من دول مجاورة والعودة بالدولار نقدا للعراق وبيعه بسعر مرتفع.

بشكل شبه يومي، باتت المنافذ البرية والمطارات العراقية، تضبط مسافرين بحوزتهم المئات من بطاقات الدفع الإلكتروني معدة للتهريب، وفيما أشاد خبراء بالاقتصاد ومستشار حكومي بإجراءات الأجهزة الأمنية، أكدوا أن ما يجري هو استغلال لقرار البنك المركزي بتعبئة هذه البطاقات للمسافرين، خاصة وأن الدولار في البطاقات يكون بالسعر الرسمي.

الخبير الاقتصادي أحمد التميمي، خلال حديث لـه أن "البنك المركزي العراقي هو من فتح باب تهريب الدولار عبر بطاقات الدفع المسبق، بعد إصداره قرارا يقضي بتعبئة تلك البطاقات بالسعر الرسمي، وهذا فتح الباب لاستغلال هذه الثغرة في التهريب".

ويؤكد أن "هناك إجراءات سهلة في العراق للحصول على بطاقات الدفع المسبق، وهذا أيضا سهل على الكثيرين من مافيات التهريب الحصول على مئات البطاقات بهدف شراء الدولار بالسعر الرسمي وسحبه في الخارج، والبعض يعمل على إعادة الدولار المهرب إلى الخارج من أجل دعم السوق الموازي به".

ويؤكد أن "من يعمل على استغلال بطاقات الدفع المسبق للحصول على الدولار، يربح كثيراً بسبب فرق السعر ما بين الرسمي والموازي، وهذا الربح دفع الكثير للقيام بهكذا اعمال، بالتالي فأن إحباط عمليات خروج بطاقات الدفع المسبق أصبحت بشكل يومي وبجميع المنافذ سواء البرية او الجوية".

وخلال اليومين الماضيين، الأحد والسبت، ضبط في منفذ زرباطية الحدودي، بين العراق وإيران، القبض على مسافرين عراقيين، بحوزة الأول 104 بطاقات فيزا وماستر كارد، والثاني 236 بطاقة معدة للتهريب.

مصادر كشفت، أن "هذه البطاقات يجري تهريبها إلى إيران بسبب سهولة تجاوزها المنافذ الحدودية في بعض الأحيان، ومن هناك تنقل إلى الإمارات، حيث يتم سحب الدولار من البطاقات من خلال أجهزة الصراف الآلي".

وتتابع أن "الدولار في البطاقات يكون بالسعر الرسمي، ويتم سحبه في الإمارات ومن ثم العودة به للعراق نقدا، ويتم بيعه في السوق المحلية، بفارق نحو 20 دولار عن السعر الرسمي لكل مائة دولار"، موضحة أن "كل بطاقة يمكن أن يصل الربح فيها إلى 1500 دولار".

وجاء التوجه لسحب الدولار في الإمارات، بعد أن أوقف العراق التعامل بالدولار في أجهزة الصراف الآلي، خلال أزمة السيطرة على سعر الصرف والحد من تهريبه، كما تعد تركيا من البلدان التي تفتقر إلى وجود صراف آلي بعملة الدولار، لتكون الإمارات هي الدولة المثالية لعمليات التهريب.

من جانبه، يبين مظهر محمد صالح، المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، خلال حديث لـه، أن "هناك متابعة دقيقة تجري من قبل الجهات ذات العلاقة والاختصاص لمنع عمليات تهريب العملة إلى الخارج بمختلف الطرق ومنها عبر بطاقات الدفع المسبق، التي يعمل عليها بعض الأشخاص من اجل استخدام هذا الدولار في الحوالات السود".

ويشدد صالح، على أن "هذا العمل يخالف القوانين العراقية النافذة، وهناك إجراءات مشددة تتخذ بحق كل من يعمل على تهريب العملة لخارج البلاد بأي طريقة كانت، خصوصاً وأن هذا العمل يتعارض مع قوانين مكافحة غسل الأموال وأموال الجريمة والإرهاب، والعراق ملزم بتنفيذ فقرات هذه القوانين بحق كل متورط، وهناك عمليات إحباط كبيرة تجريها الجهات الأمنية المختصة".

ويستطرد أن "السلطة النقدية عندما فعلت موضوع بطاقات الدفع المسبق، كان الهدف توفير طرق سد حاجة المسافر للعملة الأجنبية، لكن جرى استغلالها من قبل عصابات الجريمة المنظمة، كما تعمل تلك العصابات على استخدام جوازات سفر المواطنين بشكل غير شرعي وغير معروف للحصول على بطاقات الدفع المسبق بهدف الحصول على الدولار لتهريبه أو تمويل الحوالات السود".

وكشفت تقارير سابقة عن تهريب العملة واستمرارها، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ"الحوالات السود".

إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـه، أن "الطريقة الجديدة لخروج الدولار وتمويل الحوالات السود بعد فرض إجراءات المنصة المشددة على الحوالات الخارجية، تجري باستخدام بطاقات الدفع المسبق فيزا كارد وماستر كارد".

ويلفت إلى أن "هناك بطاقات دفع مسبق تخرج بشكل كبير يوميا وهي معبئة بالدولار، وأغلب توجهها إلى الإمارات وتركيا، ورغم عمليات التفتيش والقبض على مهربي الدولار بهذه الطريقة، فأن التهريب مازال مستمرا، والكثير ينجح بإخراج بطاقات الدفع المسبق"، مبينا أن "الجهات المختصة عليها تشديد إجراءات الحصول على بطاقات الدفع المسبق المختلفة لمنع أي استغلال لها بعمليات تهريب العملة".

ويتابع أن "هذا التهريب بالتأكيد له مضار اقتصادية كبيرة، خصوصاً وهو يهرب العملة الصعبة، وهنا البنك المركزي العراقي مطالب بمراجعة شروطه وقوانينه بشأن التعامل الخارجي لبطاقات الدفع المسبق، خاصة وأن قضية التعامل الإلكتروني كانت من حلول أزمة الدولار من قبل البنك، والآن يجري استغلالها".

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام "سويفت" المالي الدولي.

وقد أصدر البنك المركزي 3 حزم إجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة