مرت واحد وعشرون سنة على الغزو الأمريكي للعراق، الحدث الذي أطاح بالنظام الديكتاتوري وأدى إلى احتلال البلاد بدون موافقة الأمم المتحدة.
لم يكن أحلك التوقعات ينبئ بأن تتجه الأوضاع في العراق نحو الفوضى، الانقسام، الفساد، وانتشار السلاح خارج المنظومة الامنية الرسمية، مما أعاق تقدم الديمقراطية وأفضى إلى محاولات الهيمنة على السلطة.
يُجمع الكثيرون على أن الولايات المتحدة الأمريكية والأحزاب الحاكمة في العراق تتحمل مسؤولية تردي الأوضاع وغياب العدالة الاجتماعية التي كان يأملها العراقيون.
فعلى الرغم من وعود أمريكا بإرساء ديمقراطية بعد الاحتلال في 2003، يُنظر إلى الأسس التي قامت عليها الديمقراطية العراقية بنظرة نقدية، حيث يُعتقد أنها لم تأخذ بعين الاعتبار التعقيدات الاجتماعية والسياسية للبلاد. واعتمدت الديمقراطية على نظام المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة، مما أدى إلى معاناة العراقيين من الفقر، التهجير، الحروب، الإرهاب، وغياب العدالة في توزيع الثروات.
كما تأثرت الديمقراطية الناشئة بدور الأحزاب السياسية التي كان لها تأثير مزدوج؛ فمن جهة، أسهمت في تفعيل الحياة السياسية وتشكيل النظام الديمقراطي، ومن جهة أخرى، أدت إلى تفكك المجتمع وتعميق أزمة الهوية، وإلى ضعف الدولة ونظامها السياسي.وتُعتبر المحاصصة الطائفية والعرقية من أكبر التحديات التي واجهت الديمقراطية في العراق، حيث أدت إلى تقسيم السلطة على أسس طائفية وعرقية بدلاً من الاعتماد على الكفاءة والبرامج السياسية، مما أضعف الحكومة وعرقل العملية السياسية.
ويعتقد استاذ العلوم السياسية عامر حسن فياض أن التاسع من نيسان يمثل علامة فارقة في تاريخ العراق، حيث انتقلت البلاد من حقبة كانت فيها الحريات مغيبة إلى عهد تتسم فيه الحريات بالانفلات.
ويشير فياض في حديث لـه بأن “الولايات المتحدة الأمريكية، رغم إنهائها حكم الطاغية، إلا أنها لم تؤسس لعدالة حقيقية، بل تركت العراق في أيدي أشخاص لا يتقنون فن الحكم ويهتمون فقط بمصالحهم الخاصة”.
ويذهب الفياض الى ابعد من ذلك، بالاشارة إلى أن “الفوضى التي شهدها العراق لم تكن عشوائية، بل كانت نتيجة مقصودة لسياسات الرأسمالية المتوحشة، بقيادة الولايات المتحدة، التي تفضل أن ترى دول الجنوب إما غارقة في الفوضى أو خاضعة لنظام التفاهة”، مبينا أن “العراق، منذ ذلك الحين، يتأرجح بين الفوضى والفساد”.
يوضح أن “النظام السياسي في العراق، الذي يغلب عليه الطابع الشعبوي، قد يقود البلاد إلى الفوضى أو الاستبداد”.ويبين أن “الاستبداد لا يقتصر على حكم فرد واحد، بل يمكن أن يكون نتيجة سيطرة مجموعة”، منتقدا “غياب الرؤية في بناء الدولة واقتصار الحياة السياسية على الصراع على المغانم”.