لم يصح العراقيون من قضية سرقة القرن إثر نهب مليارين ونصف المليار دولار من أمانات هيئة الضرائب العامة، حتى تواصلت صفقات الفساد واحدة تلو الأخرى وسط صدمة وذهول شعبي من ما يحصل في العراق من فساد وصل الى مراحل خطيرة جدا، وبات مستشريا ومنهكا وواسع الانتشار.
الدلالات على تراكمات الفساد باتت جلية في وزارة النقل، فبعد قضية مشاريع سكك الحديد والتي وصلت قيمة الفساد فيها إلى أكثر من 22 مليار دولار، أكد رئيس كتلة الآمال النيابية ياسر الحسيني، اليوم السبت ، أن ما يحدث في وزارة النقل من فساد يفوق سرقة القرن، مؤكدا أن استجواب الوزير بات ملحا.وقال الحسيني في تصريح ، إن” الحكومة حنثت باليمين الدستورية وهي التي قدمت منهاجها الوزاري كقران وأول من كفر به هذه الحكومة”. وأضاف أن “ما يحدث في وزارة النقل من فساد يفوق سرقة القرن “، لافتا إلى أن الشركات المتعاقدة مع وزارة النقل في الموانئ العراقية ذاتها متعاقدة في السكك”.
وأشار إلى أن “الحكومة الحالية الاكثر فسادا وإنجازاتها وهمية لا وجود لها على أرض الواقع” ، مؤكدا أن “هناك إخفاقات كثيرة وكبيرة بالعمل الحكومي”. وأكد أن “استجواب وزير النقل بات ضرورة ملحة لوجود مخالفات وشبهات فساد تسيطر على جميع مفاصل الوزارة”.وتتعلق قضية سكك الحديد بشبهة فساد في منح عقد إعادة تأهيل خطوط السكك الحديد، حيث كشف النائب الحسيني في أيلول سبتمبر الماضي تفاصيل العقد الذي “يرهن النفط العراقي مقابل إعادة صيانة شبكات السكك الحديد التي هي بالأصل متهالكة”.
ويتضمن العقد، بحسب الحسيني “إلزام قانوني للحكومية بتسديد 22 مليار دولار ونصف المليار”، متوقعا أن “تنتهي الدورة النيابية وينتهي دور هذه الحكومة وتتم مقاضاة العراق بالمحافل الدولية وتغريمه مبلغ العقد”.وقام ياسر الحسيني، على إثر ذلك، بجمع تواقيع من أعضاء مجلس النواب لاستجواب وزير النقل رزاق محيبس لوجود شبهات فساد في عدد من الدوائر والشركات العامة التابعة للوزارة، فيما لم يجر أي إستجواب على أرض الواقع.
يشار إلى أن الحسيني رأس، في منتصف يوليو تموز الماضي، لجنة للتحقيق في شبهات فساد بالموانئ العراقية، وصرح وقتذاك بأن لجنته تمكنت من كشف 3 حقائق مُرّة هي أن هدر 20 تريليون دينار ليس شبهات بل حقيقة، وهناك أدلة كثيرة ترافقها عقود طويلة ترهن خيرات العراق لجهات سياسية فاسدة، إضافة إلى أن حجم الضغوط كشف عن هوية من يريد إبقاء آفة الفساد تنخر في الموانئ.وحملت رئيس كتلة النهج الوطني، النائب ابتسام الهلالي، في 11 أيلول سبتمبر الماضي، رئاسة البرلمان مسؤولية تأخير موعد استجواب النواب والمسؤولين.وفي 16 آب أغسطس الماضي، كشف النائب عن كتلة اشراقة كانون النيابية محمد الخفاجي، اليوم الخميس، عن عدم موافقة رئيس البرلمان بالنيابة محسن المندلاوي على طلب استجواب وزير الكهرباء بداعي وجود ضغوط واتفاقات سياسية.
وكان البرلمان العراقي يشهد في دوراته السابقة جلسات استجواب لوزراء ومسؤولين حكوميين يتخللها فوضى وتبادل للكلام بين المسؤول والنائب المستجوب، ورغم إعلان أعضاء في مجلس النواب الحالي أن البرلمان مقبل على حملة استجوابات للكثير من المسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات فساد وهدر المال العام، لكن لم تحدث هذه الاستجوابات.يشار إلى أن آخر استجواب قام به مجلس النواب في 13 آذار مارس الماضي، طال رئيس شبكة الاعلام العراقية السابق نبيل جاسم الذي فشل بإقناع المجلس بأجوبته، واكتفى المجلس بسحب يده من إدارة الشبكة فقط بدون مساءلته قانونيا عن الملفات التي استجوب على أساسها.
وكان رئيس المجلس بالإنابة محسن المندلاوي، في 25 آذار مارس الماضي، عن نيته تشكيل لجنة لاستضافة مدير عام الموانئ العراقية فرحان الفرطوسي واستجوابه في البرلمان العراقي، وفقا للمادة 17 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991.وفي 27 فبراير شباط الماضي، كشفت مصادر موثوقة في البصرة، عن امتلاك شركات “الرفيف للنقل العام” و”هلال البصرة” و”الرحيل للتجارة العامة”، مستثمرون لهم علاقات مع الفرطوسي، حيث تم تقاسم الأموال المنهوبة من المال العام وتلقي العمولات بشكل غير مشروع.
وأصبح من المعروف سيما لدى مراقبي النزهة، وخبراء شؤون الموانئ، أن الفرطوسي صاحب سوابق في ممارسة الفساد في المناقصات والمشاريع الفاشلة، حيث حصل على أموال طائلة من المال العام.ويُعتبر استجواب فرحان الفرطوسي مطلبًا جماهيريًا، أذ يرى العراقيون أنه يجب وقفه عند حده لحماية المال العام، نظرا لكونه واحدًا من أقطاب الفساد، الذين يستفيدون من العلاقات التخادمية وتقاسم الأموال المنهوبة، وهو ما ينبغي أن يُوقف عن طريق الإجراءات القانونية.