يبدو أن الفساد بدأ يلتهم جميع مفاصل الدولة الاقتصادية وتحديدا رئة العراق البحرية، فموانىء البصرة اليوم تسيطر عليها شبكة من المافيات، مدعومة من قِبل الأحزاب تُحكم السيطرة على الموانئ البحرية وخاصة على ميناء أم قصر.
فبعد تحذيرات النائب ياسر الحسيني، ليلة أمس، لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خطورة وجود 4000 طن من المواد سريعة الانفجار في الموانئ العراقية، أكد رئيس اللجنة الامنية في مجلس البصرة عقيل الفريجي، اليوم الاثنين، عدم صحة تلك المعلومات.إذ قال الفريجي، في تصريح تابعته “العالم الجديد”، أن “الحديث عن وجود 4000 طن من المواد المتفجرة بموانئ البصرة هو كلام غير دقيق ولا صحة له”، لافتًا إلى أن “جميع المواد الخطرة تأتي بحاويات خاصة عن طريق البواخر البحرية ويتم تفريغها على الفور وإخراجها إلى الأماكن المخصصة لها”.
وأضاف أنه “لم يتم تفريغ شي مما ذكر لغاية الآن”، نافيا أيضا “وجود أي تحرك قضائي من قبل مجلس المحافظة ضد عضو مجلس النواب العراقي، ياسر الحسيني، بشأن تصريحاته الأخيرة حول ملف المواد المتفجرة في المحافظة”.
وحذّر النائب ياسر الحسيني بمنشور على حسابه في (فيسبوك)، أمس الأحد، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خطورة وجود 4000 طن من المواد سريعة الانفجار في الموانئ العراقية، وهي كمية كفيلة بنسف المنشآت النفطية، فيما أمهل الحسيني الحكومة حتى الصباح لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي تكرار انفجارات ميناء الحديدة في اليمن، قائلا: “سأعلنها للشعب الساعة العاشرة صباحاً، لن أقبل أن نكون مثل ميناء الحديدة هذا المساء”.
وأضاف الحسني مخاطباً السوداني: “لا يأخذك حقدك علي أن تُوقع العراق بالمحذور، ولا دعمك للفاسد أن تتجاهل سلامة العراق شعباً وأرضاً”.يشار إلى أن النائب الحسيني هو من فجر فضيحة سكك الحديد وإعادة تأهيل الشبكة بأكثر من 18 مليار دولار، والتي تزامنت مع قضية “شبكة التجسس”. وقتل 3 أشخاص وأصيب 33 آخرون، أمس الأحد، في الغارات الجوية الإسرائيلية على ميناءين ومحطتي كهرباء في محافظة الحديدة، التي يسيطر عليها الحوثيون في غرب اليمن.
وكشفت اللجنة الاقتصادية النيابية، في 26 آب أغسطس الماضي، عن المباشرة بجمع تواقيع من النواب لسحب يد مدير الشركة العامة لموانئ العراق بسبب ملفات فساد مالي تقدر بمليارات الدنانير، مبينة أن مدير شركة الموانئ قام بصرف مبلغ قيمته 303 ملايين دينار لشراء جهاز (UPS) لمكتب معاون المدير العام للشركة، وكذلك تجاوز على القوانين وصرف مبلغ 200 مليون دينار لإحدى المستشفيات باستثناء مجلس إدارة الشركة من القرارات.يشار إلى أن العديد من النواب، وبالأخص النواب عن محافظة البصرة، كانوا قد كشفوا في تصريحات سابقة عن وجود ملفات فساد مالي بمليارات الدنانير تدين المدير العام للشركة العامة لموانئ العراق فرحان الفرطوسي، وأعلنوا في حينها عن حراك لسحب يد الفرطوسي من إدارة الشركة وفتح تحقيقات من قبل هيئة النزاهة، لكن لم يتم أي شي مما ذكر حتى الآن.
وأصبح من المعروف سيما لدى مراقبي النزهة، وخبراء شؤون الموانئ، أن الفرطوسي صاحب سوابق في ممارسة الفساد في المناقصات والمشاريع الفاشلة، حيث حصل على أموال طائلة من المال العام.ويُعتبر استجواب فرحان الفرطوسي مطلبًا جماهيريًا، أذ يرى العراقيون أنه يجب وقفه عند حده لحماية المال العام، نظرا لكونه واحدًا من أقطاب الفساد، الذين يستفيدون من العلاقات التخادمية وتقاسم الأموال المنهوبة، وهو ما ينبغي أن يُوقف عن طريق الإجراءات القانونية.
وفي 27 فبراير شباط الماضي، كشفت مصادر موثوقة في البصرة، عن امتلاك شركات “الرفيف للنقل العام” و”هلال البصرة” و”الرحيل للتجارة العامة”، مستثمرون لهم علاقات مع الفرطوسي، حيث تم تقاسم الأموال المنهوبة من المال العام وتلقي العمولات بشكل غير مشروع.وكانت جهات برلمانية كشفت في 7 فبراير شباط الماضي، عن شبهات فساد في عقود أبرمها مع شركة “الريا”، حيث يُشتبه بوجود علاقة تخادمية بين الفرطوسي وبين المستثمر في هذه الشركة، حيث كان من نتائج هذا الإفساد، أن الأرصفة في ميناء أم قصر الشمالي، التي تم تأهيلها بمبالغ طائلة لأعمال الخزن والتفريغ، فارغة تماماً من البضائع، وبقيت على حالها لأغراض التفريغ فقط.