تراجعت الحكومة العراقية، عن قرارها فتح باب التبرع الطوعي لموظفي ومنتسبي الدولة، وذلك باستقطاع نسبة 1% من رواتبهم ومخصصاتهم، بالإضافة إلى رواتب المتقاعدين، لدعم جهود إعادة إعمار قطاع غزة ومساعدة الأهالي، وذلك تحت ضغط شعبي هائل، وسط تساؤلات عن سبب صدور ما سُمي بـ”قرارات ارتجالية” دون دراسة متأنية، وفهم لوضع البلاد.
ووفقاً للبيان الأول الصادر عن مكتب رئيس الوزراء، يأتي هذا القرار في إطار الدعم الرسمي والشعبي لأهالي غزة ولبنان، بهدف توفير المواد الإغاثية اللازمة لهم في ظل الظروف القاسية التي يمرون بها، مشيراً إلى أن “المبالغ المستقطعة ستُودع في حسابات دعم غزة ولبنان بالتساوي، أو وفق الأولويات التي يحددها رئيس مجلس الوزراء”.
وأثار هذا القرار ردود فعل متباينة بين العراقيين، ففي حين أبدى البعض تأييدهم للمبادرة باعتبارها تعبيراً عن التضامن مع الشعوب العربية الشقيقة، أعرب آخرون عن استيائهم، مشيرين إلى التحديات الاقتصادية التي يواجهها المواطن العراقي.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالقرار، الذي اعتُبر إجباراً للموظفين على دفع هذه المبالغ من مرتباتهم المالية، دون إرادتهم، وهو مسار مخالف للقوانين، إذ ليس من مصلحة الحكومة، اتخاذ هذا القرار نيابية عن الموظفين أنفسهم.
كما انسحب النقاش سريعاً نحو الأوضاع المعقدة للدوائر العراقية، والفساد المتفشي فيها، حيث يحتل العراق مراتب متقدمة في هذا الملف، وهو ما يثير مخاوف من نهب تلك الأموال، أو تعرضها للاختلاس والسرقات.
وأثار القرار كذلك جدلاً حول أولويات الحكومة العراقية، إذ تساءل مواطنون عن جدوى مثل هذه القرارات في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب العراقي، ورأى آخرون أن الحكومة مطالبة بالتركيز على تحسين الأوضاع المعيشية داخل البلاد قبل التوجه لدعم دول أخرى.تدخل برلماني
كما انتقد البعض تفاوت الرواتب والمخصصات بين المسؤولين والموظفين العاديين، معتبرين أن الاستقطاع غير متكافئ ويؤثر بشكل أكبر على أصحاب الدخل المحدود.
على وقع تلك الضجة، طالبت رئاسة مجلس النواب، مجلس الوزراء بشأن تعديل قرار استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين.
وجاء في بيان للدائرة الإعلامية للبرلمان تلقته “عراق أوبزيرفر”، أنه “بطلب من النائب رعد الدهلكي، نائب رئيس المجلس يوجّه الامانة العامة بمفاتحة مجلس الوزراء بخصوص قرار استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين لغرض تعديله”.
من جهته، وصف عضو مجلس النواب رعد الدهلكي قرار استقطاع واحد بالمئة من رواتب الموظفين والمتقاعدين بـ”التعسفي” وأنه ينبغي تعديله ومنح الحرية للموظف بالتبرع.
وقال الدهلكي في بيان مقتضب تلقته وكالة انباء النافذة ”، إن “الكرم والغيرة العراقية تجاه اشقائهم في لبنان وفلسطين كانت واضحة وتجلّت في مبادرات شعبية عظيمة، ووقفات مشرفة”، مضيفا: “بالتالي فإن قرار استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين هو قرار تعسفي ينبغي تعديله ومنح الحرية للموظف بالتبرع.
ولم تمض ساعات على نشر القرار الأول، حتى أصدر مجلس الوزراء تعديلاً بشأنه.
وجاء في الكتاب الصادر عن المجلس، أنه “أقر تعديل قراره بشأن الاستقطاع الطوعي البالغ نسبته (1%) من الراتب والمخصصات، والراتب التقاعدي، ليكون لمدة 6 أشهر فقط، ابتداءً من تاريخ 1 كانون الأول 2024، وللراغبين فقط بالتبرّع، وذلك لدعم الشعبين الفلسطيني واللبناني”.