10 Nov
10Nov

يبدو أن الفشل في تمرير القوانين الخلافية وفق مبدأ “السلة الواحدة”، قد دفعت بعض الجهات النيابية الى محاولات جديدة لتمرير كل قانون على حدة، ومن أبرز تلك القوانين الخلافية هي مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، رغم الاعتراضات والخلافات التي رافقت بنوده خلال الفترة الماضية.

يشار إلى أن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية قد طرح على البرلمان قبل خمسة أشهر، ولم يلقَ ترحيبا من المجمع الفقهي العراقي وديوان الوقف السني، وهما أبرز مؤسستين دينيتين سنيتين، حيث اعتبرتا أن هذا التعديل “يهمش” مرجعيتهما لصالح مؤسسات أخرى ويهدد الوحدة القانونية للأسرة العراقية.كما يواجه التعديل المقترح معارضة شديدة من الجماعات المدنية والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والطفل، وكذلك من قبل العديد من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، ويعترض على إقراره البرلمان الأوروبي.

إذ خاطب عضو القانونية النيابية محمد الخفاجي، رئاسة مجلس النواب، بحسب وثيقة، قائلا: “لايخفى عليكم العمل والجهد الذي بذلناه خلال الفترة الماضية بما يتعلق بتعديل قانون الأحوال الشخصية ، حيث اننا اخذنا على عاتقنا  ادامة التواصل  بشكل مستمر للوصول إلى صيغة نهائية وذلك بعد اجتماع مع مجلس القضاء وإيضاح فكرة التعديل وتثبيت حق العراقيين في اختيار احوالهم الشخصية وفق معتقداتهم “.

وأضاف أنه “تم عرض القانون أكثر من جلسة للتصويت عليه وبسبب أن جدول أعمال الجلسة يضم قوانين خلافية يتم رفع الجلسة وهذا المشهد تكرر أكثر من ثلاث جلسات، لذا نطلب إدراج فقرة التصويت على تعديل القانون كفقرة أولى في جدول أعمال الجلسة القادمة وعدم ربطه مع قوانين أخرى”.


ويشهد العراق خلافات حول تمرير أربعة قوانين جدلية وهي مشروع قانون اعادة العقارات المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، والتعديل الثاني لقانون العفو العام، وقانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي هيئة الحشد الشعبي، من خلال ربط القوانين وفق مبدأ السلة الواحدة، الأمر الذي أثار انتقادات برلمانية واسعة، مؤكدين أن ذلك يعزز مصالح سياسية معينة.وانتخب أعضاء البرلمان، محمود المشهداني، رئيسا جديدا للمجلس، في 31 أكتوبر تشرين الأول أكتوبر الماضي، بعد حصوله على 153 صوتا من مجموع 271، متفوقا على منافسه النائب سالم العيساوي، الذي حاز على 95 صوتا فقط.فيما يرى نواب أن رئيس البرلمان الجديد محمود المشهداني قد يلعب، دورا في تقريب وجهات النظر من أجل تمرير تلك القوانين قريبا.

وتعوّل أحزاب “الإطار التنسيقي” الشيعي على أغلبيتها البرلمانية في إقرار تلك التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية الذي يحظى بدعم مرجعيات دينية في النجف، وتأمين مساندة الكتل السنية التي تطالب في المقابل بإصدار قانون العفو العام عن آلاف السجناء ضمن ما توصف بأنها صفقة سياسية لتمرير القانونين معا.ويأتي ذلك في وقت تلقى فيه العراق تهديدًا من الاتحاد الأوروبي، بفرض عقوبات، وخفض مستوى العلاقات في حال المضي بالقانون.

ومنذ العام 2017، عجزت قوى سياسية ذات خلفيات دينية عن إقرار القانون تحت ضغط الشارع العراقي، ومنظمات المجتمع المدني، التي عدّت القانون واحدًا من القوانين المجحفة بحق المرأة والطفولة.وأثار توجه البرلمان لإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية، ردود فعل غاضبة من قبل ناشطين ووسائل إعلام حذروا مما وصفوه تكريس الطائفية وتعظيم سلطة المذاهب على حساب القضاء، ومنح أحزاب السلطة نفوذاً أكبر، وسط انتقاد منظمات حقوقية وخبراء قانون أيضاً.

ويستند تعديل قانون الأحوال الشخصية إلى إدخال تغييرات جذرية على القانون الحالي، من ضمنها السماح بتزويج الفتيات في سن التاسعة، وتقييد حقوق المرأة في الإرث والحضانة، بالإضافة إلى منح السلطة للقضاة بتطبيق الشريعة الإسلامية على النزاعات الأسرية حسب المذهب، فيما يرى منتقدو التعديل أنه يُسهم في تقويض حقوق المرأة والأطفال، ويزيد من التعصب الطائفي، ويهدد بعودة العراق إلى أزمنة سحيقة كانت النساء خلالها محرومات من حقوقهن الأساسية.

ورصد مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية في 17 آب أغسطس الماضي، وجود حملات “تحريض”، يقودها رجال دين بحق محامين وناشطين بسبب آرائهم من مشروع تعديل قانون الأحوال  الشخصية العراقي، الأمر الذي أثار موجة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي.

وحذرت منظمة”هيومن رايتس ووتش”، مما وصفته بـ التداعيات الكارثية لو أقر هذا القانون، وقالت إن البرلمان العراقي يعمل على تعديل قانون الأحوال الشخصية في البلاد، بما يسمح للمرجعيات الدينية العراقية، بتنظيم شؤون الزواج والميراث، بدلا من قانون الدولة.

وبحسب تقرير لـ”رايتس ووتش”، إذا أُقرّ التعديل، ستكون له آثار كارثية على حقوق النساء والفتيات المكفولة بموجب القانون الدولي، إذ سيسمح بزواج الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات، وتقويض مبدأ المساواة بموجب القانون العراقي، وإزالة أوجه حماية للمرأة في الطلاق والميراث.

وحثت المنظمة، البرلمانيين العراقيين على رفض مساعي تجريد النساء والفتيات من الحمايات القانونية، ورفض التراجع عن الحقوق التي اكتسبنها بشقّ الأنفس خلال عقود من الزمن، محذرة من أن عدم فعل ذلك يعني أن الأجيال الحالية والمستقبلية من النساء العراقيات ستظل مخنوقة بنظام قانوني أبوي قمعي”.

وكان قانون الأحوال الشخصية في العراق قد أُقّر عام 1959 خلال عهد رئيس الوزراء آنذاك عبد الكريم قاسم، وهو قانون يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي حتى الآن، لكن التعديلات الجديدة تشير في إحدى فقراتها على أنه “يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم”.

وينص مشروع القانون على أنه “إذا اختلف أطراف القضية الواحدة في الأسرة بشأن تحديد مصدر الأحكام الواجب تطبيقها في طلبهم، فيعتمد الرأي الشرعي فيها”، كما يلزم التعديل الجديد “المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس الدولة بوضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها خلال 6 أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون”.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة