عاد مشهد الصراع السياسي، إلى مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، مساء أمس الأربعاء، بعد ظهور لاهور شيخ جنكي، في كلمة متلفزة، ليعلن تمسكه باستلام مهامه كرئيس مشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، بالرغم من إبعاده من المنصب منذ سنة ونصف السنة.
وذكرت مصادر محلية، أن السليمانية، التي يديرها الاتحاد الوطني، قد شهدت انتشار عناصر مسلحة محسوبة على شيخ لاهور، وأخرى محسوبة على ابن عمه وغريمه، بافل جلال طالباني، الرئيس الحالي للحزب، والذي كان وراء إقالته من القيادة المشتركة.
وألقى شيخ جنكي كلمة عبر شريط فيديو أكد خلالها على ضرورة معالجة الأوضاع الراهنة داخل الاتحاد الوطني، واصفا أحداث الثامن من يوليو بالانقلاب على الشرعية المستمدة من المؤتمر التنظيمي الرابع للاتحاد الوطني.
ورفع شيخ جنكي، دعوى قضائية ضد بافل طالباني في محكمة استئناف بغداد، بتهمة “مخالفة النظام الداخلي للحزب”، عقب إبعاد جنكي من رئاسة الحزب بالتشارك مع قادة آخرين في الثامن من يوليو 2021.
وانتُخب بافل طالباني وشيخ جنكي لرئاسة مشتركة للاتحاد الوطني في فبراير 2021، وهي خطوة كان هدفها توحيد صفوف الحزب بعد هزات داخلية مر بها، وقد تم الاتفاق بينهما على أن يتولى بافل تسيير الشؤون السياسية، بينما توكل الملفات الأمنية إلى جنكي، لكن سرعان ما تفجر الوضع بين الطرفين على خلفية اتهامات لجنكي بمحاولة تسميم طالباني، الأمر الذي نفاه الأول بشدة.
وأوضح جنكي أنه رغم اغتيال عدد من رفاقه إلا أنه تحلى بالصبر من أجل حلحلة الأمور والخلافات، مؤكدا أنه قد أثبت براءته أمام المحاكم، ولذلك سيعود إلى مزاولة مهامه وفق الصلاحيات القانونية الممنوحة له، ولفت إلى أنه في حال منعه من العودة إلى منصب الرئاسة المشتركة فإنه سيضطر إلى العمل تحت غطاء الاتحاد الوطني بشكل منفرد.
وحذر جنكي، الذي حصل على غالبية الأصوات في المؤتمر التنظيمي للاتحاد الوطني الذي جرى بداية عام 2020، من مخاطر الأوضاع التي يمر بها إقليم كردستان في ظل تصاعد الخلافات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، وهو ما قد يضع الإقليم أمام مستقبل مجهول.
وشدد على أنه سيكون مستعدا للمساهمة في إيجاد حلول جذرية للأوضاع التي تتجه نحو الانسداد بسبب تعنت سياسي أدى إلى شلل في أداء حكومة إقليم كردستان.
ولا يعرف إن كان حكماء الحزب سيقدرون على تهدئة الأمور بين الطرفين أم أن الأوضاع ستسير نحو المزيد من التصعيد.
ووجه جنكي الأربعاء كتابا رسميا، حصلت “العرب” على نسخة منه، إلى المؤسسات الحزبية في الاتحاد الوطني الكردستاني يؤكد من خلاله العودة إلى منصبه كرئيس مشترك للحزب.
وكانت محكمة أربيل قد حسمت قضية شيخ جنكي وسمته رئيسا مشتركا شرعيا للاتحاد الوطني فيما أنهت محكمة المفوضية العليا للانتخابات في بغداد الجدل لصالح بافل طالباني وثبّتته كرئيس وحيد للاتحاد الوطني.
وتقدم جنكي بشكوى إلى كل من محكمة أربيل والمحكمة الاتحادية العليا في بغداد، ضد قرار استبعاده من الرئاسة المشتركة، وإلغاء هذا المنصب لاحقا.
ويحذر مراقبون عراقيون من أن التناقض في الأحكام قد يقود إلى صراعات واسعة داخل الحزب، وأنها قد تتوسع لتتحول إلى مواجهة أمنية بين قيادات الحزب، خاصة أن شيخ جنكي لديه حلفاء وداعمون مؤثرون داخل الاتحاد الوطني.
ويرى المراقبون أن تحرك جنكي لاستلام منصبه أمر شرعي طالما أن قضاء الإقليم قد أقر له بالأمر، وأن الكرة الآن في مرمى بافل طالباني الذي يحتاج إلى تغليب مصلحة الحزب على الحسابات الشخصية، خاصة أن أي تصعيد قد يعقد الأوضاع الداخلية في صفوف الحزب ويلقي بظلاله على الإقليم.
وتزامن قرار محكمة أربيل مع توجيه كتاب رسمي من دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية في مفوضية الانتخابات في بغداد إلى حكومة الإقليم، يقضي بقانونية وشرعية قرارات الاتحاد الوطني الكردستاني، مما يعني أن بافل جلال طالباني هو رئيس الاتحاد الوطني.
ووفقا للكتاب لم يعد هناك وجود لنظام الرئاسة المشتركة في الاتحاد الوطني، نظرا إلى أصولية تعديل المنهاج الداخلي للحزب، وتبليغ دائرة الأحزاب والمنظمات السياسية في المفوضية العليا للانتخابات بذلك رسميا.
وكان المجلس القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني قد ألغى في الثامن من أغسطس 2022 نظام الرئاسة المشتركة للحزب، وانتخب بافل طالباني رئيسا للاتحاد، وذلك بعد نجاحه في إبعاد شيخ جنكي من الرئاسة المشتركة للحزب بالرغم من أن جنكي كان قد حصل على غالبية أصوات المؤتمر التنظيمي للاتحاد الوطني الذي جرى في بداية 2020.