يبدو أن شروط الحكومة الاتحادية في بغداد على أربيل للإلتزام بإرسال رواتب إقليم كردستان قد بدأت بالتنفيذ، إذ أصدرت حكومة إقليم كردستان، اليوم الاثنين، قراراً يقضي بإحالة أكثر من 30 ألف موظف من مواليد 1960، 1961، و1962 على التقاعد بأثر رجعي اعتباراً من نهاية عام 2024.
وقال المتحدث باسم اتحاد المتقاعدين في إقليم كردستان صادق عثمان، في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “ملفات الموظفين المشمولين بالقرار ستُحال فورًا إلى المديرية العامة للتقاعد، التي ستتولى صرف رواتبهم اعتبارًا من الشهر الجاري”.
وأضاف أن “القرار يشمل تعويض المتقاعدين برواتب سنة كاملة مثل إكرامية نهاية الخدمة، تطبيقًا لقانون التقاعد العراقي العام، بدلًا من الرواتب الستة أشهر التي كانت تُصرف سابقًا وفق القانون المحلي في الإقليم”.
وأشار عثمان إلى أن “القرار الجديد يعكس تغيرًا في السياسات المعتمدة في إقليم كردستان، حيث كانت حكومة الإقليم تعمل وفق قانون التقاعد القديم، لكنها الآن تسعى إلى توحيد الإجراءات مع قانون التقاعد العام العراقي لضمان حقوق الموظفين المتقاعدين”.
وأوضح أن “هذا القرار يأتي ضمن إطار تنظيم شؤون التقاعد واعتماد قانون التقاعد العام المعمول به في العراق، في خطوة تحمل تغييرات جوهرية على نظام التقاعد في الإقليم”.
وجاء هذا القرار استنادًا إلى تعليمات وزارة المالية في الإقليم التي أقرت إحالة جميع الموظفين الذين أكملوا 60 عامًا إلى التقاعد اعتبارًا من بداية عام 2025.
وكانت وزيرة المالية الاتحادية طيف سامي قد اشترطت في 20 كانون الثاني يناير الجاري، خلال لقائها وفد من حكومة كردستان عدة شروط لغرض إرسال رواتب الموظفين والمتقاعدين، وجاءت كالتالي: إرسال 50 % من إيرادات المؤسسات الاتحادية، وإرسال موازين المراجعات شهريا وفي وقتها المحدد، و توطين رواتب الموظفين.
وأضافت سامي: “كما يجب أن يكون لكل موظف UPN خاص به، وأولئك الذين ليس لديهم UPN وليس لديهم بايومتري لن يحصلوا على رواتبهم، و إحالة الاشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما إلى التقاعد على الفور.
وكشف رئيس اتحاد المتقاعدين صادق عثمان، في 24 كانون الثاني يناير الجاري، عن مشكلتين وراء تطبيق السن التقاعدي في الإقليم، الأولى تتمثل في عدم وجود بديل للشواغر التي سيتركها هؤلاء وعددهم بالآلاف، وبالتالي يجب حل هذه المسألة من خلال فتح باب التعيينات الجديدة”.
أما المشكلة الثانية تتمثل في أن الترفيعات والعلاوات متوقفة في الإقليم منذ عام 2015، وبالتالي من سيخرج للتقاعد هل سيشمل بالترفيعات، لآن الفرق هي بحدود 200 ألف دينار، أو يزيد، لكل موظف بلغ السن التقاعدي.
ووصل، في 20 كانون الثاني يناير الجاري، وفد كردي رفيع المستوى يضم شخصيات بارزة، أبرزها وزير المالية آوات شيخ جناب، ورئيس ديوان مجلس الوزراء أوميد صباح، وسكرتير مجلس الوزراء أمانج رحيم، إلى العاصمة بغداد لبحث الملفات المالية العالقة، وفي مقدمتها رواتب موظفي الإقليم.
وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.
واشترطت حكومة إقليم كردستان، في 16 كانون الثاني يناير الجاري، تسليم إيراداتها الداخلية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد مقابل تسلمها كافة استحقاقاتها من الموازنة وليس الرواتب فقط، جاء ذلك بعد استعراض لجنة المفاوضات في حكومة إقليم كردستان، أمام ممثلي دول العالم من سفراء وقناصل، كافة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن الموازنة والرواتب والنفط.
وجاءت أزمة الرواتب بالتزامن مع زيارة لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد في 12 كانون الثاني يناير الجاري، حيث التقى الأخير برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي توجه له التهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الاقليم.
ولم تكن زيارة بارزاني مجرّد محاولة لحلّ أزمة الرواتب، بل سعت أيضًا لمعالجة قضايا أعمق تتعلّق بالعلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، مثل الشفافية في إدارة الموارد وآليات تنفيذ الاتفاقات المالية.
ودعا بارزاني خلال زيارته التي استمرت يومين، إلى “تعديل قانون الموازنة بما يضمن “العدالة” في توزيع الحقوق المالية للإقليم وتأمين الرواتب”.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.