كان ينظر كثيرا إلى بتكوين بأنها مستقبل المال، لكن منذ وصولها إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بأكثر من 68 ألف دولار في نوفمبر 2021، انخفضت بقوة بأكثر من ثلاثة أرباع قيمتها، مسجلة أقل من 17 ألف دولار في 15 نوفمبر الجاري.
وبلغت قيمة سوق العملات المشفرة بحلول نهاية عام 2021 إلى نحو 3 تريليونات دولار، مقارنة بـ250 مليون في مطلع عام 2020، لكن هذا الصعود الصاروخي تبعه سقوط مدوي ليصل إلى 1.3 تريليون دولار في الوقت الحالي.
ووصل الأمر إلى أن أحد المؤسسين لسوق العملات المشفرة وعمره 24 عامًا، قال خلال تجمع في نيويورك: “قبل عامين كان الجميع يريدون أن يكونوا مثلنا، والآن يكرهنا الكل”ويوضح تقرير لمجلة “إيكونومست”، أن الأمر الأكثر أهمية والذي يحيط بهذه “الصناعة” هو أن ثقة الرأي العام بالعملات المشفرة وصلت إلى درجة متدنية جدًا، خصوصًا مع انهيار بورصة العملات المشفرة “إف تي إكس” في نوفمبر الماضي.
لكنها أشارت، في الوقت نفسه، إلى أن العملات المشفرة تجد رواجًا في دبي، حيث فتحت الإمارات أبوابها أمام هذه الصناعة بخلق هيئة تنظيمية مكرسة لها، وبحسب أليكس شحادة، المدير الإقليمي لشركة “باينانس”، أكبر بورصة عملات مشفرة في العالم، فإن الدولة الخليجية خلقت “شفافية أكبر” كان الجميع بحاجة إليها.
أطلقت “بينانس” وشركات أخرى مثل “كريبتو دوت كوم” و”باي بت” فروعًا في دبي عام 2022، لكن “إيكونومست” أشارت إلى وجود العديد من التساؤلات بشأن “تلك الصناعة”.
ولفت التقرير إلى وجود حالة استقطاب كبيرة بخصوص العملات المشفرة، إذ يرى البعض أن الوعود بأنها ستحدث ثورة في القطاع المالي قد تحطمت، فعلى سبيل المثال كانت سنغافورة إحدى الدول الرائدة في استخدام العملات المشفرة، قبل أن تطلب من “بينانس” وقف عملياتها بنهاية ديسمبر العام الماضي.
وأصدرت عشر تراخيص فقط من بين حوالي 600 تقدموا بإنشاء أعمال متعلقة بالعملات المشفرة.لكن لا يزال ثمة أمل في تلك الصناعة، إذ زاد سعر عملة “بتكوين” بنسبة 70% تقريبًا هذا العام، شملت زيادة في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي.
بينما ذكر بنك “ستاندرد تشارترد”، في أبريل الماضي، أن “بتكوين”، وهي أبرز العملات المشفرة، قد تصل إلى 100 ألف دولار بحلول نهاية عام 2024 وإن ما يطلق عليه “شتاء العملات المشفرة” انتهى.
وكشف مدير إدارة أبحاث الأصول الرقمية في “ستاندرد تشارترد”، جيف كيندرك، في مذكرة إن بتكوين يمكن أن تستفيد من عوامل تشمل الاضطرابات الأخيرة في القطاع المصرفي، واستقرار الأصول المعرضة للمخاطر عند توقف مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) عن دورة رفع أسعار الفائدة وتحسن الأرباح من تعدين العملات الرقمية، وفق ما نقلت رويترز.
وبحسب “إيكونومست”، هناك أدلة على أن العملات المشفرة تكسب أرضًا في الدول الضعيفة التي تعاني من التضخم وضعف العملة، مثل الأرجنتين ونيجيريا.
ووعدت صناعة العملات المشفرة مع ظهورها في عام 2008، بعمليات مالية أكثر كفاءة دون الحاجة إلى سيطرة الحكومات، لكن إلى الآن يجب أن تمر تلك المدفوعات على جهاز كمبيوتر للتحقق، ويجعل ذلك شركات مثل الأميركية “كريبتو” تحصل على نسبة 1% جراء كل معاملة تجريها.
يبحث أنصار العملات المشفرة في الوقت الحالي عن تنظيم الصناعة عبر استعادة ثقة المستهلكين، لكن المنظمون عادة ما يذهبون إلى أبعد مما يمكن تخيله، فعلى سبيل المثال، قال محافظ البنك المركزي الهندي، شاكتيكانتا داس، أن العملات المشفرة لا قيمة ملموسة لها، وربما يتم حظر استخدامها.
وفي الخامس من يناير، أعلن المنظمون الأميركيون وبينهم الاحتياطي الفيدرالي، أن الأصول المشفرة على الشبكات اللامركزية (ليس تحت سيطرة سلطة مركزية) “على الأرجح تتعارض مع الممارسات البنكية الآمنة”.
كما سيطرت الحكومة على مصرف “سيغنيتشر” بعد انهياره، وهو الذي اشتهر بتعامله مع العملات المشفرة.
وقد أوضحت “إيكونومست” أيضًا أن تنظيم التعامل بالعملات المشفرة سيجعل المعاملات أكثر كُلفة، ولهذا يبرز السؤال المنطقي: لو تم تطبيق الإجراءات المنظمة للشركات المالية العادية على منصات العملات المشفرة، فهل ستظل الأخيرة وقتها فريدة في شيء ما؟