تفاجأ الموطنون، في “طهران”، وغيرها من المدن الرئيسة؛ بحرارة الطقس، حيث لجأ الكثير من قادة المركبات في الشوارع إلى تشغيل مبرد الهواء بالسيارة، ويفكر الكثير من المواطنيين في تشغيل مبردات الهواء بالمنازل؛ بشكل متقدم عن العام الماضي.
وارتفاع درجات الحرارة المفاجيء يعكس اضطرابًا خاصًا في الكرة الأرضية، ولذلك أضحى الفاصل بين فصلي: “الشتاء” و”الصيف” قصيرًا. أصبح فصل “الربيع”، المحبب، قصيرًا جدًا، بحيث يعلق، “بهلول علي جاني”، خبير المناخ: “لا يتعدى طول فصل الربيع، الأربعين يومًا، بالمعنى الحرفي”. بحسب صحيفة (همشهري) الإيرانية التابعة بلدية “طهران”.
والحقيقة يمثل الاحتفال العالمي؛ بـ”يوم الأرض”، فرصة لإجراء تعديل على أسلوب حياتنا، للحد من تأثير ظاهرة تغيير المناخ، التي تسببت في ارتفاع درجة حرارة العالم.
وهذا التغيير سببه التلاعب البشري في الطبيعة طيلة العقود الماضية. وجميع المشكلات البيئية، مثل: “تلوث الهواء، والماء، والتربة، وانحسار الغابات، وتهديد مصادر المياه الجوفية” وغيرها، تضافرت جميعًا في هشاشة الكرة الأرضية، أكثر من ذي قبل، وبالنهاية فلن يقتصر الضرر على الطبيعة فقط؛ وإنما سوف نواجه المزيد من المخاطر باعتبارنا سكان هذه الأرض.
وتتجسد هذه المخاطر؛ في ارتفاع درجات الحرارة في منطقة داخل المدينة، بينما يضرب الطوفان المنطقة الأخرى من نفس المدينة. وأبرز مثال على ذلك، ما حدث، الجمعة الماضي، في “طهران”، حيث هبت رياح شديدة مع ساعات السحر، مع هطول أمطار متفرقة على شمال شرق المدينة ومنطقة “سوهانك”، بينما سجلت مناطق جنوب غرب العاصمة، ومحيط مطار (مهر آباد)، سرعة رياح أقل.
وبالأمس؛ ارتفعت درجة الحرارة مدة ساعتين بعد الظهر على نحو عجيب، ثم فجأة هبت رياح عاصفة.يقول “علي جاني”؛ تعليقًا على ذلك: “أضحى الطقس، بشكل عام، أكثر حرارة عن الأعوام السابقة، مصحوبًا باضطراب في التغيرات الجوية، على سبيل المثال: إزداد درجة حرارة الطقس في هذه الفترة، لكن ربما يتحول الطقس للبرودة بغضون أيام ويصدم الجميع”.
حان وقت تغيير أسلوب الحياة..
تحتاج التقلبات الإقليمية، المترتبة على فترة طويلة من التغييرات المائية والجوية؛ إلى دراسة دقيقة. في غضون ذلك، كان تحول مدينة “طهران” إلى جزيرة حارة، أحد القضايا المطروحة، خلال السنوات الأخيرة.
ورغم قناعة خبراء البيئة بطبيعة التغييرات المناخية، بغض النظر عن أداء البشر، لكن الممارسات البشرية على مدى 150 عامًا الماضية؛ ألقت بظلالها على التقلبات المناخية وزيادة الظواهر المناخية مثل: “الإعاصير الشديدة، والسيول نتيجة الأمطار الغزيرة أو موجات الحرارة”.
يضيف “علي جاني”: “عندما تكون المدينة أكثر حرارة من المناطق الريفية المحيطة، تحدث ظاهرة جزيرة الحرارة. وثمة الكثير من العوامل التي تبعث على تحول المدن إلى جزر حارة، مثل السيارات، التي هي محور الحياة في المدينة. وحتى الآن لم تتحول، طهران، إلى جزيرة حارة بالمعنى الواقعي، لكن سوف تتحول طالما لم تطرأ تعديلات على أسلوب حياتنا. ويتبع ارتفاع الحرارة؛ التلوث الشديد والأمراض والغبار والأتربة. وبالتالي فإن علينا رفع مستوى الوعي العالمي بتلكم المسألة”.
علينا تحمل التغييرات المائية والجوية !
تقول “شينا أنصاري”، مدير عام البيئة والتنمية المستدامة، ببلدية “طهران”: “المقصود بالجزيرة الحارة؛ ارتفاع درجة حرارة أجواء المدن. وهذه الظاهرة هي نتاج التوسع في بناء المدن، وتحولت إلى مأساة غاية في الأهمية للمناخ”.
موضحة: “وعدم الاهتمام الكافي بالعناصر الطبيعية المؤثرة في تخطيط وتنفيذ المدن، يصحبه تبعات بيئية متعددة؛ مثل ظاهرة الجزر الحارة الناجمة عن تركيز الأنشطة البشرية، وتغيير نوع التغطية السطحية. ومن جملة الأحداث التي يمكن ملاحظتها؛ إنتهاء فصل الشتاء الماضي سريعًا، وارتفاع درجات حرارة فصل الربيع، وتراجع الأجواء المنخفضة”.
متابعة: “ويمكن ملاحظة تبعات هذه التغييرات في المدن الرئيسة؛ باعتبارها أهم مصادر انتشار غازات الإحتباس الحراري، في إستداد درجة حرارة الأرض وهشاشة البيئة، في مواجهة التهديدات الناجمة عن الصراعات الإقليمية. لذلك فقد حان وقت تجهيز المدن بأدوات مناسبة في مواجهة تداعيات التغيير المناخي. وإنشاء، (مدن مرنة)؛ كأحد حلول تحقيق التناغم مع التغييرات المائية والجوية. والمدن المرنة تعني رفع إمكانيات تكيف المدن مع درجة المرونة في مواجهة تخفيف آثار التغيرات المناخية. واستخدام الأراضي، والتناسب بين التوسع في الاستخدام، من حيث تبادل التيارات الجوية، وبخاصة الاهتمام بأودية أنهار طهران السبعة؛ باعتبارها ممرات تدفق الهواء الرئيسة، والحيلولة دون الإنشاءات التي تؤدي إلى قطع تيارات الهواء وتخزين درجات الحرارة، والمحافظة على الأشجار والغابات الموجودة من جملة الحلول التي يمكن أن تحول دون إحتدام ظاهرة الجزر الحارة؛ في طهران”.