استقبلت دور العرض السينمائي في المغرب فيلم "أنيماليا" وهو عمل لافت، يستلهم موضوعا شهيرا في السينما العالمية، والذي يتمثل في تعرض كوكب الأرض لغزو من كائنات فضائية، لكن صناع الفيلم يقدمون هذا العنوان العريض وفق خصوصية محلية شديدة الجاذبية، تنبع من البيئة المحلية. تقوم الحبكة الدرامية على "إيتوا"، وهي فتاة شابة من بيئة فقيرة، تمتلك حسا إنسانيا عاليا، وتتميز بالوداعة والذكاء الفطري، تقع في حب "أمين"، وهو شاب ثري، رقيق الحاشية، يحنو عليها متغاضيا عن أصلها المتواضع، وتعيش معه بمنزل فسيح وسط الطبيعة في منطقة منعزلة عن بقية المدن. فجأة تهب عاصفة هوجاء، ويتغير لون السماء، وينبثق ما يشبه دوامة هوائية تجتذب بشرا إلى السماء من ناحية، ومن ناحية أخرى تسمح بهبوط كائنات فضائية لغزو الأرض. تكافح الزوجة الحامل من أجل الوصول إلى زوجها الذي شاءت الأقدار أن يكون متواجدا في هذا الوقت العصيب بمدينة مجاورة.
ولا تخفي رمزية الحمل هنا، فهي إشارة لافتة إلى طاقة الأمل التي تنتظر البشر إذا نجوا من أزمة تهدد جنسهم بالفناء، كما أنه يزيد من الضغوط النفسية على البطلة لتضاعف من نضالها وسط بيئة معادية، بحثا عن ملاذ آمن لطفلها الذي أوشك على الخروج. وتحول العمل إلى ما يشبه قصيدة شعرية حالمة من خلال حركة الكاميرا الحساسة التي تركز على مشاعر الأبطال واستبطان أفكارهم العميقة وطرح الأسئلة الفلسفية التي تتعلق بالوجود وعلاقة البشر بنظرائهم في الكواكب والمجرات الأخرى ووحدة الوجود وغرابة المصير الإنساني.
يكتسب العمل تفرده من خلال العديد من التفاصيل التي وُضِعَت بمهارة ورهافة داخل هذا الإطار العام الذي يبدو مستهلكا، ومن هذه التفاصيل مفردات البيئة في المغرب على مستوى الأماكن والملابس والطقوس الاجتماعية. ولم تخل اللغة المتداولة في الفيلم من طبقات متعددة تمزج العربية بالأمازيغية بالفرنسية، وهو ما يعكس صورة صادقة للمجتمع المغربي في لحظته الراهنة، ويؤكد ثراء هويته وأعراقه. وعُرض الفيلم سابقا في العديد من المهرجانات الدولية والمحلية حيث حصد أكثر من جائزة وتكريم منها "جائزة لجنة التحكيم الخاصة" في مهرجان " صندانس" العام الماضي. والفيلم إخراج وتأليف صوفيا علوي وهي مغربية تحمل الجنسية الفرنسية، بطولة أميمة بريد، مهدي دهبي وفؤاد أوغاو.