تحمل مسرحية "ماكبث المصنع" عددا من المفاجآت اللافتة، بداية من الاسم الجريء المسرحيذي يتقاطع مع واحدة من أشهر تراجيديات وليام شكسيبر وهي مسرحية " ماكبث"، كما أن العمل تم اختياره ليمثل مصر ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي يختتم فعالياته غدا الأربعاء، رغم أن جميع الممثلين فيه من الطلبة الهواة بكلية الأسنان بجامعة القاهرة. فاز العمل مؤخرا بجائزة " أفضل عرض" في مهرجان القومي للمسرح بمصر، لكن من شاهد العرض يدرك جيدا أن الفوز مستحق تماما، حيث استطاع مخرجه وصاحب المعالجة الدرامية محمود الحسيني استلهام النص الشكسيبري الأصلي بذكاء وصنع حالة مسرحية تناسب العصر الحالي وتتميز بالجاذبية والتشويق وسرعة الإيقاع. في القصة الأصلية، تهمس الساحرات الشريرات في أذن لورد ماكبث، القائد العسكري الشهير، بأنه ملك اسكتلندا القادم في تحريض غير مباشر له بأن يتخلص من الملك الحالي وابنه ليجلس هو على كرسي العرش.
تصادف النبوءة غير المنزهة عن الغرض هوى قديما في القائد نفسه، وينجرف وراءها مدفوعا بتشجيع هستيري من زوجته "ليدي ماكبث"، لكن حياته تنقلب إلى مأساة كبرى تنتهي بمصرعه بعد أن انغمست قدماه في بحيرة من الدماء. في النص الحديث، يستبدل محمود الحسيني الساحرات بـ "الذكاء الاصطناعي " مجسدا في شخصية افتراضية تدعى " مدركة" تحرض على القتل شابا توفى والده، وورث عنه مصنعا كبيرا، لكن عمه يتولى إدارته مؤقتا.تهمس "مدركة" في أذن الشاب بأن يتخلص من عمه، وترتب حادثة بالسيارة لتحقيق هذا الهدف، ولكنها تحذره من أنه سوف يفقد عينا وساقا ويدا، فيوافق الشاب بغرابة شديدة.
تلعب الزوجة في العملين نفس الدور التحريضي، لكنها تشرب في الحالتين من كأس الدم والأرق والهذيان وانعدام راحة البال إلى الأبد، كما أنها في المعالجة الحديثة تلقى مصرعها على يد زوجها الذي لم يكن يعلم أنها تحمل طفلة في أحشائه واختلط عليه الحابل بالنابل، ولم يعد يعرف العدو من الصديق، ويشك في الجميع.استطاع المخرج التحكم في أداء فريق التمثيل فجاء منضبطا يخلو، إلى حد ما، من مبالغات التجارب الأولى، كما جاءت الإضاءة التي صممها المخرج محمود الحسيني وديكورات جرجس روماني لتعمق حالة التشتت والطابع الآلي لإنسان العصر في مواجهة الآلة والتكنولوجيا
لعب بطولة العمل زياد محمد، يمنى فتحي، محمود طاهر، أحمد مجدي، هيلانا ناصف، أما الموسيقى فمن تأليف إيهاب عبدالرحمن، ملابس ومكياج شروق العيسوي.